السيد صدرالدين القبانجي
بِسْم الله الرحمن الرحيم
الان وقد انتهت او اوشكت التظاهرات مهما أطلقنا عليها من اسماء ومهما فسرنا عناصرها وعواملها الداخلية والخارجية.
الان يقع علينا مسؤولية تاريخية كبيرة وهي مراجعة حساباتنا وأولوياتنا ومجمل مناحي مساراتنا وطبيعة أخلاقياتنا التي حكمتنا خلال ستة عشر عاما.
الحكومة بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وهيئاتها المستقلة وخلال الستة عشر عاما لاشك انها حققت منجزات كبيرة على مستوى بسط الاستقرار الأمني والسياسي
والاقتصادي والنجاح العسكري في القضاء على داعش والمحافظة على وحدة العراق وغير ذلك.
لكن كل ذلك لا يجوز ان ينسينا الأخطاء الكبيرة التي عمقت الفاصلة وخلقت أزمة ثقة بين الحكومة والشعب وهو اكبر خطر يهدد مستقبل العراق وينذر بانهيار كل العملية السياسية والذهاب الى الفوضى والمجهول في احسن الأحوال.
الجمهور مهما أعطيتهم لكنهم ينظرون الى التفاوت الطبقي الفاحش الى جانب توقف حركة الإعمار وتطوير البنى التحتية وعلى كل المستويات الصحة والتعليم والتربية والنقل والكهرباء والماء والصناعة والزراعة والقضاء وغيرها.
وهنا نستذكر ماجاء في عهد الامام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر حيث نفترض اننا شيعته واتباعه حينما قال (( وليكن نظرك في عمارة الارض ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج )) فهل كان رجال الحكومة هكذا ام بالعكس الا من رحم ربي؟
ألم يقل عليه السلام (( ثم الله الله في الطبقة السفلى من الذين لا حيلة لهم )).
ألم يقل (( ان عماد الدين وجماع المسلمين والعُدَّة للاعداء العامة من الامة فليكن صغوك لهم وميلك معهم )).
ألم يقل عليه السلام (( ان سخط العامة يجحف برضى الخاصة وان سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة )).
والسؤال الان اين رجال ومؤسسات الحكومة من هذه التوصيات؟
اليس كانت معظم المسارات على خلافها فأدت الى ما أدت اليه؟
لاشك ان هناك بعض الاستثناءات لكنها لا تؤثر على مجمل التقييم.
كما لا ننسى المحاولات التصحيحية التي تقوم بها حكومة السيد عبد المهدي ولكنها تبقى بحاجة الى زمن والى مزيد من الجرأة والشجاعة والى طرد العناصر السيئة او غير الكفوءة والى الموازنة الدقيقة والحرجة بين مجمل الواقعيات التي يعيشها المشهد السياسي العراقي كما هي بحاجة الى الاعلام المتناسب مع حجم الحملة الاعلامية المضادة.
***
هذا كله عن الحكومة.
ويبقى الحديث عن شعبنا العراقي و قدراته و خصاله وثقافاته والجيل الجديد فيه ومؤسساته الثقافية والدينية وماهي مسؤولياتنا في استثمار نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف.
كما يبقى الحديث ايضا عن الأحزاب ودورها وما لها وما عليها.
كما يبقى الحديث عن المكونات الاخرى ودورها.
كما يبقى الحديث عن مراجعة الدستور وطبيعة النظام السياسي المرسوم فيه.
هذه جميعها عناصر تتلاحم في رسم الصورة الكاملة بما يحتاج الى مراجعة شاملة لها جميعا.
والله ولي التوفيق
٩/ ١١ / ٢٠١٩
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)