المقالات

هل تتحمل ايران مسؤولية فشل التجربة السياسية بالعراق؟


محمود الهاشمي

 

 

تحاول جهات (معينة) ان تحمل "ايران" اخفاق التجربة السياسية في العراق وتوعز ذلك لاسباب عديدة اهمها رعايتها للاحزاب الاسلامية العراقية  التي تتصدر المشهد السياسي بالعراق سواء في مرحلة المعارضة او في مرحله استلام السلطة في بلدهم و هو "احتمال" فيه (بعض )الصحة باعتبار ان هذه الاحزاب السياسية الاسلامية، عاشت تجربة الثورة الاسلامية في ايران، وآمنت بافكارها وتاثرت بشخصياتها ورموزها وقبلت المساعدة منها، فيما واصلت هذه العلاقة لمرحلة ما بعد استلام السلطة في العراق ووقفت الى جانب ايران ضد التواجد الامريكي في العراق ودعمت المقاومة، ودربت الفصائل على ارضها حتى استطاعوا قتل (5000) جندي امريكي وجرح وتعويق (44) الف اخرين، مما دفع بامريكا انت تسحب قواتها البالغة (150) الف جندي من العراق عام (2011) وتكون قد خسرت رهانها في بلدنا.

وللاجابة عن عنوان المقال نقول ان التجربة السياسية في ايران، تعد من التجارب المتميزة في خصوصية النظام الذي اعتمد على المنهج الاسلامي عنوانا وتطبيقا، وان المطالع للتجربة في ايران على مدى ال(٤٠) عاما من عمرها يجد ان ارض ايران قد تحولت الى ورشة من المعامل والمصانع الصغيرة والكبرى وحولت ارضها الى مزرعة يأكل الشعب قوته منها، دون ان يستورد من هذه الدولة او تلك والزائر الى ايران، لايجد بضاعة الا وكتب عليها "صنع في ايران" بما في ذلك الصناعات الثقيلة، كما اهتمت بمراكز العلوم والدراسات وطورت جامعاتها ومؤسساتها العلمية وسجلت نجاحات في الطب والهندسة والعلوم الحديثة الاخرى، في ذات الوقت حافظت على تاريخها وعلى دينها وتقاليدها وثقافاتها ، وعندما تسالهم وانت تزور متحف "الشاه" في طهران: لماذا تحتفظون بكل صغيرة وكبيرة عن رجل طالما ظلمكم واعتقلكم واعدم العشرات من المعارضة، حتى كان يلقيكم من اعالي العمارات ؟يجيبونك، (انه جزء من تاريخ ايران)، والغريب ان الدليل السياحي عندما يحدثك عن "الشاه" واسرته يضيف لهم عبارات الاجلال!..

وبالقدر الذي اهتمت فيه ايران بالشؤون الصناعية والزراعية والاقتصاد بشكل عام، اهتمت بجانب الخدمات، حيث الزائر يشعر تمام انه يزور احدى دول اوروبا في النظافة والاناقة والترتيب، حتى انك لا تجد مصباحا مطفأ في الطريق ولا حديقة مهملة ولا شارعا غير معبد.

الشيء الاخر الذي يستحق الوقفة: هل المعارضة العراقية الاسلامية فقط عاشت في ايران ام في دول الاخرى؟.. الجواب انها عاشت الاقل من سنواتها في ايران، بل الأغلب  عاشوا في اوروبا وسوريا، وان المؤتمر الذي تم الاعداد فيه الاحتلال العراق انعقد في لندن فهل نحمل الاوروبيين مسؤولية فشل تجربتنا السياسية ايضا؟.. لا الايرانيون ادخلوا "سياسيينا" دورة في "الفساد" ولا الاوروبيون كذلك، فهم عادوا من دول متحضرة وليس فيهم من تنقصه التجربة في السن او الثقافة!!..

الايرانيون يقولون: "صحيح ان المعارضة الاسلامية عاشت ردحا من الزمن في بلادنا وعاشت تجربتنا السياسية منذ ايامها الاولى، ولكن بعد استلامها السلطة في العراق لم تعتمد تجربتنا "ولاية الفقيه" في ادارة الدولة، بل اعتمدت التجارب الغربية "النظام الليبرالي" وانها لم تستفد من العقائد التي امنت بها وقارعت الانظمة البائدة من اجلها وضحت بالمئات ممن انتموا لها واستشهدوا ايمانا بها... فلا حزب الدعوة مثلا طبق مبادئ "محمد باقر الصدر" ولا غيرها من الاحزاب وبالقدر الذي فقدت فيه "الاحزاب الاسلامية الشيعية" فاعلية المبادئ التي اعتنقتها، كذلك "الاحزاب الاسلامية السنية" ومثل ذلك العلمانية.

لا ننكر ان "صراع النفوذ" بين امريكا وايران مازال على اشده حتى هذه اللحظة في العراق، وهو صراع لم تسلم منه دولة واحدة في العالم فقبل انهيار الاتحاد السوفيتي كنا نشهد مثل هذا الصراع مع امريكا، و الان بين امريكا والصين وروسيا الى الخ... ايران نفسها تشهدمثل هذا الصراع بين امريكا والصين وروسيا والاتحاد الاوربي على ارضها، و لكن الفرق انك كيف "تستفيد" من مثل "الصراع" كما استفادت الصين مثلا من الصراع بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، فكانت نهضتها الكبرى التي ابتدأت منذ عام ١٩٧٥.

ايران لم تعطل ماكنة التطور في بلدنا ، فلم تبني الحكومة العراقية مدرسة لتاتي ماكنة ايرانية تهدمها ولم تنشئ مزرعة لتاتي ايران وتغرقها ...والاسلام ليس وراء فشل التجرية السياسية والدليل انه نجح فيه دولتين جارتين لنا، هي (تركيا وايران)، فهذه تحكمها " العدالة والتنمية" وهذه تحكمها " ولاية الفقيه" وفي البعدين "السني والشيعي" ..والاقرب الى الصورة هو الفرق بين مدن اقليم كردستان وباقي محافظاتنا في البناء والعمران والخدمات!!..

مرة عتبت على شخصية ايرانية في دعم بلدهم لشخصيات اسلامية عراقية اصبحوا عنوانا للفساد، فقال : لديكم تجربة ديمقراطية وانتم شاركتم واخترتم هؤلاء ولسنا نحن، ووجدنا واقع حال في التعامل معهم!!..

ليس من مصلحة ايران ، ان تفشل التجربة السياسية في العراق، والتي يقودها "الشيعة" ، بل تتمنى ان تكون دولة "شيعية" الى جوارها، لتفخر ان هذه "الطائفة" قادرة على النجاح وانها امتداد طبيعي لحكم الائمة المعصومين عليهم السلام والتحضير  لثورة الامام المهدي عليه السلام ، كما هم عملوا بذلك، اما بالنسبة لامريكا فتتعامل بسياسة "ثابتة" هو الهيمنة على ثروات الشعوب، وصناعة حكومات ضعيفة للسيطرة عليها، ولكن السؤال: هل عطلت امريكا التطور في اوروبا واليابان و كوريا الجنوبية وسنغافورة وووالخ... العلة اذن بشعوب هذه الدول، وليس بصراع النفوذ فقط، فالامم تستطيع ان تفرض ارادتها وان تستفيد من جميع الظروف لصالحها....

بتقديري الخاص ان العرب مازالوا (امة خاملة) غير قادرين على مواجهة التحديات التي تعصف بهم، فلم يستفيدوا من مواقع دولهم، ولا من تاريخها ولا من ثرواتها، وليس هنالك من تجرلة سياسية او اقتصادية في بلد عربي  ان تكون انموذجا لتقتدي بها الدول العربية الاخرى..

وكلما ظهر  رمز سرعان ما خذلوه وربما سحلوه او قتلوه، وها هو "الربيع العربي" حول دولنا العربية الى خرائب، ويكفينا شاهدا ان عدد الذين هجروا دولهم من العرب منذ بداية الربيع وحتى الان وكيف فضل الموت غرقا، في البحار على ان يتخلصوا من صراع لا نهاية له!!.

العراق اسوة بهذه الدول ، بالاضافة الى مشاريع التدمير التي خضناها في حروب لا طائلة فيها، هاجمتها امريكا لمرات ودمرت كل البنى التحتية في البلد، واوقفت العمل ب(١٥) الف مصنع، ولم تسلم منها سوى "الجسور" لانها احتاجتها، في عبور آلياتها ايام الاحتلال، فيما حركت "ربيعنا" الان ليتولى العراقيون انفسهم هذه المهمة "بهدم الجسور" دون ان نقوى للدفاع عنها.

غالبا ما اكون قريبا، من لحظات تشكيل "الحكومات" في الدورات التشريعية "الاربعة" التي مرت بنا حيث اشهد  احتدام الصراع في تشكيل الكتل وبعدها تشكيل  الحكومة  واسمع حوارا، "تستك منه المسامع" ، واخيرا تصطدم الارادات فيما بينهم ويبقى الامر لاشهر الى ان يتدخل (الايرانيون والامريكيون واخرون) لتتشكل كابينة لاتدفع عن الناس بردا ولا حرا.

ونسال : لو كانت الكتل السياسية قد شكلت الحكومة وفق اليات وتقاليد الديمقراطية "المعهودة" هل احتجنا للاطراف الاخرى ان تتدخل؟..

اقول الاولى ان نقول لكتلنا السياسية "بره بره" ولانحمل الاخرين مسؤولية فشلنا!!..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك