المقالات

اهمال التعليم الاكاديمي عند شيعة العراق:الماضي والحاضر.. صحوة حراك تشرين


عباس العنبوري

 

تعرض شيعة العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة الى اقصاء وتهميش ممنهج وهذا ما لا يختلف عليه اثنان. ووثق هذه الظاهرة المؤسفة في التمييز الطائفي الكاتب حسن العلوي في كتابه " الشيعة والدولة القومية" بما اسماه (تمذهب) الدولة. ولكن ما ينبغي الاعتراف به، ان لضعف اهتمامهم بالتعليم الاكاديمي اسهام بتحقيق هذه النتيجة، وهذا ما لا يطيب للكثيرين الحديث عنه. فبالرغم من اعترافنا بسياسة التمييز العنصري التي كانت تمارسها الدولة العثمانية في منع الشيعة من الدخول في الكليات الحربية والتعليم الاكاديمي العثماني الامر الذي وثقه عبد الرزاق الهلالي في كتابه " تاريخ التعليم في العراق في العهد العثماني" وكامل الجادرجي في مذكراته ، الا ان الفرصة كانت متاحةَ في التعليم الاهلي( الخاص) قبل الاحتلال البريطاني وبعده. اذ كان للطائفتين المسيحية واليهودية قصب السبق في تأسيسها. ولكن بأجراء مسح سريع على الوثائق القديمة التي توثق قوائم طلبة وخريجي تلك المدارس نجد نزراً يسيراً من ابناء العائلات الشيعية ضمنها. كما وجوبه الانخراط في المدارس الاكاديمية الحكومية بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة بكثير من الريبة والتشكيك، بسبب مواقف علماء الدين والمرجعية من سلطة الدولة المرتبطة بالمحتل البريطاني آنذاك. حتى اقتصر تمثيل الشيعة في الدولة على رجال الدين ممن كان لهم حظاً من التعليم في الحوزات الدينية. ولذا نجد ان اول وزارة شكلت بعد الاحتلال البريطاني كانت تضم السيد مهدي بحر العلوم وهو رجل دين شيعي من كربلاء. كما ان التمثيل السياسي للشيعة على المستوى الحكومي والنيابي كان يتركز ايضاً برجال الدين الشيعة من امثال الشيخ محمد رضا الشبيبي ومحمد الصدر وهبة الدين الشهرستاني وغيرهم. ولست هنا في معرض الحديث عن الحالات النوعية التي انتجت سياسيين امثال صالح جبر ومحمد فاضل الجمالي وعبد الوهاب مرجان او حتى مفكرين وعلماء في اختصاصات اخرى من امثال طه باقر وعلي الوردي. بقدر تسليط الضوء على اهمال التعليم في بعده الافقي والذي يغطي مساحات شاسعة من المناطق ذات الاغلبية الشيعية.

ان كل ذلك كان يمكن ان يكون له اسبابه السياسية والعنصرية. الا انه وبعد تغيير النظام السياسي في العام 2003 لم يعد لأهمال التعليم على المستووين الأولي والجامعي مبررٌ حقيقي باستثناء تجذر ثقافة (اهمال التعليم الاكاديمي) لدى شرائح واسعة والتي لم تجد من يعمل على الوقوف بوجهها من قبل احزاب السلطة الا لُماما. اذ لا زالت الاُمية والتسرب من المدارس في اعلى مستوياتها في وسط وجنوب العراق وفق احصاءات الجهاز المركزي للاحصاء. فضلاً عن انخفاض واضح في جودة التعليم. وافتقار معظم الجامعات الاهلية التي اسست بأسماء ويافطات اسلامية من ان تكون عنصراً منافساً في جودة التعليم وفق تصانيف دولية عالمية. بالاضافة الى آلاف الخريجين من المدارس التابعة للوقفين لا يمكن اعتبار الاعم الاغلب منهم متعلمين اصلاً. وبهذا فقد خسرت الدولة فرصة الاستثمار في النشأ الجديد كواحدٍ من اهم وسائل تطوير ما يعرف باقتصاديات المعرفة.

وقد أشر حراك تشرين حقيقة صحوةَ قطاعات واسعة من شيعة العراق وادراكهم لأهمية التعليم، وذلك من خلال مطالبات العديد منهم بتوفير تعليم جيد وابنية مدرسية حديثة وايقاف ازدواج الدوام وغيرها. كما وكانت الدعوة للاضراب عن الدوام المدرسي – والتي اخالفها جملةً وتفصيلاً- تحت دعاوى تخص تلك المطالب المشروعة. الامر الذي ينبغي للحكومات اللاحقة ان تضعه في سلم اولوياتها. ابتداءً من تطوير البنى التحتية والمناهج التعليمية والعناية بتوفير المهارات الناعمة (Soft Skills) واللغات الاجنبية، ليتسنى تعزيز سوق العمل بأهم متطلبات تطويره. وايلاء التعليم المهني اهتماماً خاصاً، باعتباره بوابة التطور العمراني والصناعي والزراعي لشعوب ما بعد الحرب. ورافداً اساسياً في توفير فرص العمل التي تعتمد على المهارة والاحتراف. الامر الذي كان من اهم مصادر نهضة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، والذي يمكن ان يكون للعراق واحداً من اهم مصادر النهضة في العقود القادمة.

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك