المقالات

المعطلون لحل الازمة


ابراهيم العبادي

 

من راقب خطب المرجعية قبل انطلاق تظاهرات تشرين وماتلاها من  احداث ،لاحظ  المنحى التصاعدي في لهجة الخطاب ووضوحه ومتانته ،فقد كان فيما سبق يركز على  الخطوط العامة  ويتحدث بلغة التوجيهات والنصائح ،لكن خطاب المرجعية ليوم الجمعة الخامس عشر من تشرين الثاني 2019 جاء بحق كملحق لل (مانفيستو )   الصادر في 4-5-2018 ، والذي ربط شرعية السلطات برأي الشعب واختياره ورضاه وليس بشرعية النصوص الدينية ، لقد رسم هذا الملحق بوضوح واختصار ،طريق الحل السريع لأزمة النظام السياسي في العراق ،فالخطاب المرجعي جاء هذه المرة واضحا لايحتاج الى قراءات متعددة وتأويلات  ادمنتها قوى وزعامات تدفع التهم الى غيرها  وتبريء الذات من اخطائها لتسوغ لنفسها المضي في الطريق الخاطيء ،فقد سمت المرجعية السيستانية أطراف الازمة ،  وسعت الى وضع مشروع الحل بوضوح تام ، فبحسب النظرية الفقهية التي تتبناها والتي ترى مشروعية الحكم والسلطات نابعة من ارادة الشعب وعبر الاقتراع السري الحر المحمي بقانون انتخابي منصف وعادل ومفوضية انتخابات نزيهة وأمينة على الاصوات ، تكون السلطات القائمة الان غير مشروعة ولاتحضى بثقة الشعب ، وعليها بالتالي ان تمهد بالسرعة اللازمة لمجيء سلطة جديدة تحوز على ثقة الشعب ليخرج العراق من ازمة النظام والدولة . لكن من  عطل ويعطل هذا الخروج ؟ ومن يماطل ويسوف حتى اللحظة  رغم مضي خمسين يوما على اعلان نهاية مشروعية السلطة الحالية بخروج الجمهور الرافض لها ؟  . الذين عطلوا الحل هم مجموعة قوى ، في مقدمتهم الذين اعتبروا التظاهرات مشروعا امريكيا ناعما يتحرك به البعثيون والناقمون على النظام الجديد والمتحمسون لاسقاط (حكم الاكثرية الشيعية )، وهؤلاء يخافون على امتيازاتهم ومواقعهم في السلطة ونفوذهم داخل المنظومة السياسية والاقتصادية  ،ويضاف اليهم اولئك الذين يعتقدون ان الله كلفهم بتكليف خاص ،وجعلوا انفسهم اوصياء على المؤمنين وغير المؤمنين ولهم  تاريخ طويل في  الجهاد دفاعا عن الاسلام والمسلمين !  في مقابل المشروع الامريكي الغربي وذيوله كالقاعدة وداعش كما يعتقدون !!!، وهناك السياسيون  من المكونات الاخرى (كردية وسنية) الذين شعروا ان نظام المحاصصة والامتيازات والاقطاعيات السياسية والحزبية والعائلية في طريقه الى السقوط والانهيار ،وهم بذلك يسعون الى  المحافظة على حصتهم من (العراق ) ، كما يظنون ايضا ان  المشكلة في جوهرها  (شيعية ) وهي في تحليلهم النهائي ،  صراع امريكي -ايراني على العراق ،عليهم ان يخرجوا منه بلاخسائر وبكثير من الارباح حتى لو احترق نصف العراق وسالت الدماء في شوارعه القذرة . المرجعية قلبت الطاولة على رؤوس الجميع ،وقالت لهم كلكم اغتنمتم من العراق وافسدتم فيه ولامشروعية لاحد منكم مالم يختاركم الناس بارادتهم الحرة بلاتزوير ولاقوانين انتخابية  تأتي بكم في كل مرة كتحصيل حاصل ،فليس  لفئة على اخرى الحق في فرض وجودها ومشروعها وشرعياتها الدينية والعددية والتاريخية رغم ارادة  الشعب ،فلو اختار هذا الشعب بارادته الحرة نظاما لاينسجم  مع متبنيات قوى الاسلام السياسي (مثلا)  ، وفكر المقاومة والممانعة ضد المشروع الغربي ، ورجحت صناديق الاقتراع هذه الارادة فهو نظام مشروع ،وكذا لو انتصرت ارادة الناس على خطوط التقسيم الطائفي والمكوناتي وحصص الزعامات والعوائل التاريخية ،  فان النظام سيحضى بمشروعية اكثر وقاعدة شرعية اوسع ،ولذلك ناصبت كل هذه القوى العداء ، مشروع  تعديل النظام الانتخابي ومفوضية الانتخابات ، ومقترح تعديل الدستور رغم تصريحاتهم العلنية المؤيدة في ظاهر الامر ،  وبدأت الاجتماعات السرية والعلنية للخروج بنظام انتخابي يحمي مصالح القوى (القديمة ) المتشبثة بالسلطة والتي يساندها ويخطط لها ،  الدعم والنفوذ الخارجي ،وبدأت حملة مكثفة للتشكيك بالصيغة المفترضة لقانون انتخابي عادل ومنصف يتيح لكل عراقي التعبير عن أرادته  ،هؤلاء المعطلون سيستمرون في مناكفاتهم ومعارضاتهم  السرية والعلنية وسيثيرون الزوابع ضد هذا المشروع ، غير آبهين  بمايجري في الشوارع ،مراهنين على عامل الوقت ومفاجآته ،ومعلقين امالهم على مجهول أو  قوة غيبية تتدخل في اللحظة الاخيرة لانقاذ الوضع المأزوم ،لكن الخطاب المرجعي حسم الامر ، وجزم ان مرحلة مابعد التظاهر غير مرحلة ماقبله ،وان المرحلة السابقة انتهت غير مأسوف عليها ، والمراهنة على الحل السحري وتدخلات (الطيبين والشياطين )ليس لها مشروعية بعد اليوم ،فالمشكل عراقي والحل عراقي ،وهو حل يسير ، لو استعد حماة السلطة والمنتفعين منها ،  لحزم امتعتهم ومغادرة المشهد فقد اكتنزوا واثروا ثراء  فاحشا وشبعوا من السلطة كثيرا ، وآن اوان ولادة جيل سياسي عراقي تصنعه صناديق الاقتراع ، حتى لو كان هذا الصندوق مليء بالكفر (الغربي)ومصنوع في دهاليز الحضارة الوثنية ، انها لحضة القطيعة مع افكار وايديولوجيات واصنام مائة عام من الصراع الفكري في العراق ،وحانت لحظة السيادة الشعبية بلا مسبقات فكرية ولاخطوط حمر ايديولوجية ،وعلى الاحزاب العراقية ان تفهم متغيرات اللحظة التاريخية قبل ان يغرقها تسونامي الفعل الشعبي الهائج ،انها دعوة لعقلانية السلوك السياسي قبل عقلانية الافكار .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك