المقالات

الاحلاف والمحاور


علاء فاضل

 

انطلاقا من الاجابة عن تساؤل مهم وربما جوهري ( وانا لا ابتدع الاجابة وانما احاول ان اذكر بالدرس الاكاديمي في موضوع التحالفات) كما احاول ان اجيب عن تساؤل اخر وعلى اسس موضوعية لا دخل للعاطفة او المزاج فيه وهو لماذا استسيغ بل اقبل وادفع باتجاه رفع شعار  ( امريكا برا بر ، او سعودية برا برا) ولا استسيغ او اقبل بشعار ( ايران برا برا)

ففي علم الاستراتيجية ينظر الى التحافات بعين مفتوحة على وسعها لانها وسيلة فعالة في تحقيق الامن القومي للمتحالفين وتقلل الجهد والموارد سواء كانت المادية او البشرية و تستثمر الوقت في تحقيق سرعة معالجة الاهداف التي اقيم التحالف او التمحور بسببها، لذلك اطلعنا على الكثير  من الاحلاف سواء في تاريخنا الاسلامي كحلف الفضول وغيره او في تاريخ الحضارات الاخرى،

كما راينا بام اعيننا فعالية الاحلاف الحديثة والمعاصرة كحلف وارسو الذي انهار عقب انهيار الاتحاد السوفيتي او حلف شال الاطلسي ( الناتو) الذي انشيء في اربعينيات القرن الماضي بقيادة الاولايات المتحدة والذي تطور ويتطور الى يومنا هذا كما راينا انواع اخرى من التحالفات ذات الاهداف التي تتسق مع التوجه الجديد لترسيخ اشكال جديدة من الحروب كما هو الحال في المعاهدات والاتفاقيات الاقتصادية التي عقدت بين الصين وروسيا وكذلك في المشروع الصيني الذي وقعت عليه اكثر من مائة دولة في ما اطلق عليه بمبارة الحزام والطريق.

من هنا ندرك مدى اهمية التمحور واقامة التحالفات بين البلدان التي تشترك في الاهداف  كما تشترك في كونها هدف لمحاور وتحالفات اخرى وهي بذلك تسعى جاهدة لتامين امنها القومي بشكل يؤمن التكامل والتضامن لدرء الاخطار ومواجهة العدوان الذي قد تتعرض له اي من هذه البلدان وهذا هو المبدا الذي تشتغل الولايات المتحدة على اساسه ف محورتها لبلدان شرق اوسطية لتنفيذ مشروعها  الذي طرح بعنوان الشرق الاوسط الكبير والذي ارادت من خلاله اطلاق العمل لتكريس القطبية الواحدة والذي يستلزم حرمان روسيا من اي عمق او تواجد في منطقة الشرق الاوسط وبالذات في المنطقة العربية بالاضافة الى محاصرة ايران بنفس مجموعة الدول العربية المهرولة في سباق الشرق الاوسط الكبير وكانه مشروعها الخاص الذي سينعكس على بلدانها وشعوبها بالامن والرفاه والواقع ان هذا المشروع لم يات الا لحماية الامن القومي للكيان الصهيوني وتوسيع جغرافيته على حساب الجغرافية العربية ذاتها.

البلدان التي تتمتع شعوبها بالوعي وقياداتها بالعمق والادراك السياسي والرؤية الاستراتيجية وجدت نفسها ملزمة بايجاد محاور وتحالفات ومبادرات كما هو الحال في مبادرة روسيا في تدخلها الايجابي لصالح النظام في سوريا ومحاولات الصين لاختراق ما تعتبره امريكا مجالا حيويا لها في افريقيا واوربا وما التسهيلات التي تقدمها روسيا والصين الاولى في مجال التسليح والثانية في مجالات التجارة والصناعة سوى جهد لصناعة محاور او ايجاد انواع جديدة من التحالفات الوقائية المضادة لتحالفات امريكا - اوربا وفي المقابل اجتهدت امريكا في تامين محيطها الجغرافي بمحاولات قلب الاوضاع في فنزويلا ونفس الامر يجري في بوليفيا وفي التاريخ القريب شواهد اخرى دون ان يكون لهذه الدول اي احتكاك او تصادم مباشر او غير مباشر  لهذه الدول مع الولايات المتحدة، كل ما في الامر ان هذه الدول تريد الحفاظ على استقلالها ولا تسمح بالتدخل بشؤونها الداخلية.

ماذا يعني هذا، بالتاكيد ان هذا يعني ان دول العالم ستكون وجها لوجه امام ضرورة الانضمام الى احلاف او محاور لتامين استقلالها وامنها القومي وهنا ستشرع هذه الدول في البحث عن اشباه لها تشترك معها في الهدف اولا وتتعرض لنفس التهديدات ثانيا وهذا النوع من التمحور او التحالف تتجمع فيه دول  على اساس مشتركات سياسية او استراتيجية او اقتصادية، ولكن هناك نوع من التحالف الذي يتضمن هذه الجوانب بالاضافة الى مشترك تتبناه هذه الدول بشكل مركزي وليس من احتمال في ان تتراجع عنه تحت ضغط اي ظرف وهو المشترك العقائدي فهو يمثل ارضية صحيحة وصالحة لنمو انماط تخادم حقيقي يرعى المصالح المشتركة والمستقلة في آن واحد ويوفر حدا اعلى من الامن والاستقرار لان مفهوم الامن القومي سيتوسع مداه ليشمل كل دول المحور او التحالف من خلال اعتبار امن اي دولة منها او امن جميع دول المحور والعكس صحيح.

وهذا النوع من التحالف هو الذي ينبغي ان يربط بين جمهورية العراق و الجمهورية الاسلامية الايرانية والدول التي لديها نفس المشتركات كسوريا واليمن ولبنان وربما تونس و باكستان وتركيا اذا  رات ان يكون الاسلام هو الارضية الصحيحة وتتركك لهاثها وراء الناتو ولا اشير هنا الى اي من دول الخليج او مصر او غيرها من الدول العربية التي لا تؤسس علاقاتها وتحالفاتها على قاعدة محورية الاسلام وهي مؤخرا تنصلت حتى من القاعدة القومية التي كانت ترفعها شعارا على مدى عشرات السنين وراحت الى ابعد من ذلك من خلال محاولتها تصفية القضايا القومية وابرزها القضية الفلسطينية وقضايا الاراضي المحتلة الاخرى بل ابعد من ذلك عملها على تهيئة بيئة تتقبل التطبيع وتتسامح في كل الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني على مدى ٧١ عام بحق الفلسطينيين والعرب.

اذن وعلى هذا يجب ان تؤسس شعاراتنا في التظاهرات الاحتجاجية المحقة على مقدار من الوعي يكون قادرا على فرز الغث من السمين لكي لا نكون نحن من يحقق للاعداء والمتربصين بالاسلام اهدافهم دون قصد وعليه اذا اردنا ان نقول لدولة ما ( برا  برا ) فينبغي ان نقولها لامريكا او للسعودية او الاماراتية او الصهيونية واذنابها لا ان نقولها للجمهورية الاسلامية التي كانت حليفا امينا وحريصا وجادا وقد اثبتت ذلك كله من خلال مجموعة مواقف لعل ابرزها انها كانت اول دولة تعترف بالنظام العراقي بعد ٢٠٠٣ في وقت انخذ العرب مع شديد الاسف مواقف معادية للتجربة الجديدة على اسس طائفية بغيظة، كما ان الجمهورية الاسلامية هي الدولة الوحيدة التي عرضت استعدادها لتدريب الكوادر العراقية لتاهيلها لادارة المصانع والمرافق الحيوية العراقية كالطب والصناعة والتجارة والادارة، كما اننا راينا كيف انها كانت اول من وقف الى جانب العراق في حربه ضد داعش في حين دعمت امريكا داعش التي دفعت بها السعودية لاحتلال ما يزيد على ثلث مساحة العراق.

لهذا كله ليس من الصحيح ان يقف العراقيون موقفا محايدا عتد محاولة تقييم علاقات العراق بدول العالم ونتذاكى فنقول ان الحل الامثل هو القول بان ( برا  برا) لجميع الدول سواء امريكا ومحورها او ايران و نصرف النظر عن الادوار التي مارستها اي دولة في العراق دون ان نلتفت بان هذا الاتجاه لا يمثل حلا صحيحا لانه يمثل موقفا شائنا من الناحية الاخلاقية كما انه يضع العراق الضعيف في مهب الريح ويجعل منه لقمة سهلة المضغ لاؤلئك المتوفزين للانقضاض عليه (الشركات الامريكية - الوهابية ) في وقت لا يطمئن العراق فيه الا الى ايران التي جربها العراق في اكثر من موقف وكانت حصانا اسودا رابحا دائما.

اذن وعلى ما تقدم فان شعار ( ايران برا. برا) لا يشبه الشعار الذي يجب رفعه (امريكا برا. برا  او سعودية برا  برا وكذا كل دول المحور  الامريكي) فالاول مؤامرة تهدف الى زرع الشقاق بين شعبين متجانسين والثاني يمثل وعيا عاليا للشغل السياسي الذي يجابه المؤامرة ليفشلها

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك