محسن عبدالله /العراق بابل
دارة الأزمة .
الأزمات مختلفة .. وكل أزمة لها مدخلاتها ومخرجاتها ووسائل إدارتها التي تتناسب مع طبيعة تلك الأزمة ..
الا أن ثم ثلاث مراخل أساسية يعتمدها المخططون في ادارة الأزمات ..
١- الاختراق .
٢- التمركز .
٣- الانتشار .
وقد أثبتت المرجعية في العراق قدرة فائقة في إدارة الأزمات .. خصوصا اذا عرفنا أن هذه الازمات قد خطط لها جهاز ال (CIA ) وجهاز الموساد وان مواردها المادية هي نفط الخليج .
أن إدارة هكذا نوع من الأزمات والسيطرة عليها توجيهها لضرب أهداف العدو .. فهي عملية اعقد بكثير من عملية السيطرة على صاروخ موجه أطلقه العدو على منشٱتك وتوجيهه وإعادته لضرب منشٱت العدو الذي أطلقه .
العدو في الحروب من الجيل الرابع (الحروب الذكية ) يستخدم نقاط قوته لضرب نقاط قوة العدو .
ولا إشكال ولا شبهة في أن الفساد منتشر في العراق .. وقد أسس لهذه المنظومة الفاسدة النظام القانوني الذي أوجدها برايمر منذ بداية سقوط نظام صدام البائد .
البريطانيون خبراء بالوضع العراقي أكثر من الأميركيين ..
فهم قد خبروا الشيعة في الحرب العالمية الأولى عندما أعلنوا الجهاد عليهم وقاتلوهم رغم كون الدولة العثمانية كانت دولة سنية .. الا أن سنة العراق لم يحركوا ساكنا في الدفاع عنها وبينما دافع عنها مراجع الشيعة الذين كانت هذه الدولة تضطهد جمهورهم إلا أنهم تحركوا من النجف والكاظمية ليقاتلوا الإنكليز في الشعيبة والعمارة والناصرية والكوت حتى تمت محاصرتهم هناك وهزم الجنرال مود .
وفي ثورة العشرين التي لم يحرك السنة فيها ساكنا سوى واقعة الشيخ ضاري الذي قتل الضابط البريطاني (لجمان ) بعد أن اذله واهانه إهانات بالغة وبعد ذلك هرب إلى كربلاء حيث احتمى بعشائر الشيعة بعد أن خذله علي سليمان (جد هذا الشخص الموجود اليوم ) .
ويبدوا ان الإدارة الأمريكية قد اقتنعت اخيرا بوجهة النظر البريطانية . والمطلوب تسليم الحكم إلى سنة العراق الذين هم (وكما نصح البريطانيون دائما ومنذ بداية الاحتلال ) .. أطوع من الشيعة لعدم وجود مرجعيات تديرهم .
هذه الطبقة السياسية التي تحكم اليوم في العراق .. بالرغم من فسادها .. الا انها لم تحقق المصالح الاستراتيجية الأمريكية في العراق .. فلابد من ازاحتها وإزاحة هذا النظام والمحيء بنظام جديد موالي تماما للإدارة الأمريكية يعبد العراق الى المربع الاول في أيام نظام الطاغية . هذا على المستوى الداخلي .
أما على المستوى الإقليمي
فأن صراع امريكا مع الجمهورية الإسلامية قد اوصلها إلى طرق مسدودة .
فقد عجزوا عن مواجهة الإيرانيين في القوة الخشنة (العسكرية ) بعد إسقاط الطائرة الأمريكية واحتجاز الناقلة البريطانية ..
وعجزوا في المواجهة شبه الخشنة (الاقتصادية ) .. بعد أن أصبح واضحا أن الاقتصاد الإيراني صامد ..
فقرروا منازلتهم في الساحة الناعمة (الحرب الإعلامية والثقافية ) .على اعتبار أن الحرب الثقافية هي نقطة قوة أميركا لسيطرتها على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والانترنت .
وفي العراق ولبنان .. توجد قوتان لا تخضعان إلى النفوذ الأميركي وهما حاميتان لاستقلال البلدين وعصيتان على الاختراق . (حزب الله والحشد الشعبي ) . وهما قد تأسستا بدعم من الجمهورية الإسلامية . وقيادتها وطنية .. وتشكلان العائق الأكبر بوجه المصالح الغربية .
يلاحظ أن الشعارات في العراق في بداية الأزمة كانت تستهدف ثلاث جهات :-
١- المرجعية (من خلال الحركات الدينية المنحرفة )
٢- والحشد الشعبي من خلال البعثيين والمنفلتين من التيارات السياسية ) الذين خرجوا حتى عن إدارة قياداتهم .
٣- العلاقة مع إيران .. التي تشكل العمق الاستراتيجي للعراق لوحدة الثقافة والأهداف والمصالح .
وهذه الأسس الثلاثة هي التي استندت عليها المعركة مع داعش .
بمعنى آخر .. أن الأزمة استهدفت نقاط القوة التي استفادت منها المرجعية في التأسيس الإدارة أزمة داعش .
خطوات المرجعية في إدارة الأزمة .
الخطوة الأولى التي استخدمتها المرجعية لاختراق الأزمة هي مساندتها ودعمها للمتظاهرين شرط أن يحافظوا على سلمية التظاهر وحملت الحكومة المسؤولية الكاملة عن حماية المتظاهرين والناس عموما وتحقيق الأهداف التي من اجلها المتظاهرين .
وطبعا المرجعية لم تتصنع ذلك .. لكونها كانت دائما وابدا الأب الحنون لكل العراقيين . وهذا ما يمكن أن نعتبره (اختراقا للأزمة ) .
الخطوة الثانية كانت في توجيه وتصويب الأهداف للمتظاهرين في المطالبة بحقوقهم ورسم خارطة الطريق للإصلاح ضمن الأطر القانونية من خلال الطرق على رؤوس السياسين بشدة وتحذيرهم من المماطلة والتسويف في مواجهة الاستحقاقات .. مع التأكيد على أن إرادة الشعب لايمثلها الا صناديق الاقتراع ضمن قانون انتخابات عادل .. وهي (المرجعية ) بذلك قد سحبت البساط من تحت كل من يريد أن يستند إلى الشارع في إسقاط النظام السياسي وكذلك من تحت من يتشبث بالسلطة من القوى السياسية بدعوى أنه ممثلا الشعب .. على اعتبار أنه قد جاء من خلال قانون انتخابات غير عادل ومفوضية انتخابات متهمة بالانتماء إلى القوى السياسية المتصدية للحكم .
أتصور أن المرجعية اليوم قد أنهت مرحلة التمركز في إدارة هذه الأزمة .. وأنها في في طور الانتشار . حيث سيتم توظيف هذه الأزمة للضغط على القوى السياسية الحاكمة لإصلاح النظام وتوزيع الثروة بشكل عادل .. وهذا هو فعل الانبياء .. الذين عودونا دائما على تحويل التهديد إلى فرصة كما فعل ابراهيم عليه السلام مع نمرود وكما فعل موسى عليه السلام مع فرعون وكما فعل عيسى عليه السلام عندما كان في المهد مع كهنة اليهود .
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)