محمود الهاشمي
ربما يجمع الكثير من المفكرين ان الشعوب تغضب وتثأر لنفسها عبر وسائل عديدة سواء عبر انتفاضة ضد الظلم، او ثورة لتغيير النظام او احتجاج في وقفة او تظاهرة لكن معظم هذه النشاطات الانسانية غالباً ما تتم سرقتها من قبل المتربصين بعد ان يحرفوها عن اهدافها وينصبوا انفسهم كممثلين لهؤلاء الثوار او المتظاهرين وغيرهم...
تلك هي مشكلة لم يتم حسمها حتى اللحظة.
التظاهرات التي شهدها العراق بعد عام 2003 وحتى اللحظة انما خرجت للمطالبة بحقوق استولى عليها السياسيون، وهي تظاهرات واحتجاجات "حق مسلوب" سواء كفلها الدستور او لم يكفلها.
طبقة السياسيين في بلدنا، جعلوا اصابعهم في آذانهم ولم يرغبوا ان يستمعوا الى "صوت الحق" وان استمعوا اليه لا يساوي شيئاً لديهم وكأنه "صوت في خرائب مهجورة" ..التراكمات والاهمال تجمع وانفجر بوجه هذه الطبقة "الفاسدة" فاحدث دويا عارماً نال رضا الامة باجمعها وتفاعل معها الجميع من اصحاب الضمائر الحية ومناصري الحق..ولما كانت النقابات ومنظمات المجتمع المدني غير ناضجة، واغلبها منخرطة في التوجهات السياسية السائدة، فقد انطلقت "الاحتجاجات" دون "هدي" واجتمعت بها صنوف وفئات المجتمع العراقي جميعها، ولما كانت "دون تنظيم" فقد اصبحت طريقاً سهلاً للتدخلات الخارجية والداخلية وسط اهمال الدولة وغياب اجهزة الرقابة، فباتت الاحتجاجات تتحول من اناشيد وهتافات ورسوم على الجدران الى هدم وتدمير وحرق وقتل واعتداءات، وقطع الطرقات وتوقيف حركة الناس وتهديد السلم الاهلي !!.
بدأت التظاهرات تفقد الكثير من مؤيديها بما في ذلك المتحمسين لها، بعد ان شهدوا غلق المدارس وحرق المحال التجارية وقطع الطرقات ومعها قطع ارزاق الناس، ناهيك عن المصادمات مع القوات الامنية والتبجح بالاعتداء عليهم بعد نشر الفديوات!!.
الاجهزة الاستخبارية لديها ملفات اطلعنا على بعضها في حجم التدخل الخارجي والاموال التي تدفع سواء الى بعض المتعهدين او للاعلام..الناس في محافظات الجنوب والوسط صاروا في "ريبة" حيث تحرق مدنهم وتعمر مدن اخرى، واستطالت التجاوزات لتصل الى مقتربات الاماكن المقدسة والمدارس الدينية...
ان التراجع الكبير في عدد المتظاهرين يعود الى هذه الاسباب ولبعض الممارسات غير المعهودة في سوح التظاهرات فكيف لشابات ان ينفقن الليل في مكان مثل "المطعم التركي" وغيرها...
لاشك ان المناشدات الى القائد العام للقوات المسلحة والى المرجعية بدأت تتصاعد لاتخاذ موقف من هؤلاء "المحتجين"، وبذا سنفقد "فرصة" للحصول على حقوقنا وهنالك دعوات للخروج بمظاهرات "مضادة" ليحدث "التصادم" ويجد السياسيون "الفاسدون" فرصة للتنفس.
نحن نعلم ان جهة سياسية اشعلت التظاهرات ودفعت بها الى هذا الواقع المرير، لاسباب "معلومة" لانها لاترغب ان ينافسها احد على سوح التظاهر!!.
باعتقادي من الصلاح ان يغادر المتظاهرون السلميون سوح التظاهر الى حين، وترتيب تنسيقياتهم والشخصيات التي تتصدى الاحتجاجات خاصة وقد اصبحت لديهم خبرة في ادارة التظاهر، ومن الممكن تحديد موعد الانسحاب وموعد "التظاهر" مرة ثانية، بعد اصدار بيان في ذلك مع التاكيد ان المتظاهرين مازالوا عند ذات المطالب ولن يتنازلوا عنها واسباب الانسحاب وتحميل الجهات "المندسة" مسؤولية "الانسحاب" باعتبار ان هؤلاء لايمثلون "المتظاهرين" وبذا سنمنح الجهات الامنية "فرصة" التعامل معهم.
https://telegram.me/buratha