محسن عبدالله
قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ . الأعراف 130
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جاءت هذه الاية الشريفة في سياق حوار بين بني اسرائيل وموسى عليه السلام .بعد أن اشتد عليهم الضغط الفرعوني . حيث أنهم كانوا ينتظرون (المنقذ ) الذي يخلصهم من جور الفراعنة .. ولكن معاناتهم استمرت .. فجزعوا .. وخاطبوه بهذه اللغة فكأنهم يقولون أن موسى عليه السلام لم يفعل لهم شيئا .
وطبعا هذه العبارة تنطوي على تفشي روح اليأس والاحباط إلى صفوف بني اسرائيل . فطبيعة الانسان انه يتعلق بالاشياء المادية .. وكلما كان الانسان ساذجا كلما كان أكثر تعلقا بالماديات .
فكانوا لا يرون في البلاء الا مظهره المادي في حين أن عقلية موسى عليه السلام كانت نفاذة لتقرأ نتيجة البلاء وهي حتمية استخلاف الله تعالى لبني اسرائيل وهلاك ال فرعون .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
عام 2003 قامت أميركا بإسقاط نظام صدام .. وكانت الخيارات المتاحة امام المسؤولين عن ادارة الساحة كلها خيارات سلبية .. فجورج بوش جاء إلى العراق على فائض قوة ستة عشر ترليون دولار ولايوجد منافس له في العالم فهو القطب الأوحد .ونصب بول برايمر حاكما على العراق . بمعنى أن العراق سوف يكون مستباحا بالكامل لأميركا .. فلا اقتصاد مستقيل ولا ادارة مستقلة ولا سياسة مستقلة .. وسيتم توظيف العراق بكل طاقاته الجبارة لخدمة المشروع الصهيوني الذي هو مشروع حروب وازمات (كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله ) .. فهم مشروع حروب وتدمير للشعوب .
المرجعية الدينية في العراق ممثلة بسماحة السيد السيستاني حفظه الله .. اختارت مشروع المقاومة السياسية عندما قالت (الزموهم بما الزموا به أنفسهم ) فهم جاؤوا بمشروع الديمقراطية .. فطالبوهم بدستور وانتخابات تنتج نظاما سياسيا وطنيا يتكفل بادارة البلد واخراج القوات المحتلة .
واليوم ..
هناك من يلوم المرجعية على طريقة بني اسرائيل ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) . على أنها (المرجعية ) هي من جاءت بهذا النظام السياسي الذي يحكم العراق اليوم والذي يشوبه الفساد بشكل واضح .
نحن لكي نقيم موقف المرجعية هذا علينا ان نكون منصفين خاصة اذا كنا نقيم موقف رجل رباني يجلس على الحصيرة وفي بيت قديم مستأجر لم يأخذ من أموال العراق درهما واحدا ولم يغترف حتى ولو غرفة بيده من نهر الفتن (نهر بني اسرائيل ) الذي شرب منه العراقيون كلهم حد الشبع الا من عصم الله .
وفي العلوم الحديثة .. عندما يريدون أن يعرفوا اهمية وقيمة عامل من عوامل تجربة معينة يقومون بأجراء تلك التجربة بدون ذلك العامل .. ويحسبون النتائج .
نحن اليوم .. لكي نقيم خطوة المرجعية تلك .. لابد لنا من حساب وضع العراق لو انه بقي مستباحا وتحت السيادة الأمريكية . ما الذي كان سيحصل ؟؟ .
الذي لمسناه من أميركا .. أنها جائتنا بتنظيم القاعدة .. واذكت الحرب الطائفة بين السنة والشيعة وعملت بكل جهدها على دعم انفصال الاكراد في كيان مستقيل .. وجعلت العراق مسرحا لتصفيات الحسابات بين المخابرات الاقليمية والدولية .. وبعد ذلك جاءت بتنظيم داعش الارهابي واحرقت أربعة محافظات .. ولولا أن هب العراقيون تحت راية المرجعية .. لكان قد ذبح اغلبية أبناء الشعب العراقي وبيعت نساءه في اسواق النخاسة من قبل هذا التنظيم الذي كان شعاره الأوحد (جئناكم بالذبح ) .
ان الديمقراطية ليست خيار مراجعنا الذين يعتقدون بأن الحكم لله ( أن الحكم الا لله ) . ولكن المصالح الاجتماعية توجب عليهم أن يسيروا الامور بأتجاه معين .
كما قال امير المؤمنين عليه السلام (ولكنني اسففت اذا سفوا وطرت اذا طاروا ) .
ونتيجة هذا النظام (الذي نحن جميعا نقر بفساده وانه وصل إلى انسداد لابد من إجراء اصلاحات جوهرية فيه ) أن هذا النظام حفظ لنا اعراضنا وارواحنا وجعلنا نعيش بكرامة ولو بالحد الادنى .. وشاهدنا اخواننا في المحافظات التي احتلها داعش بسبب خروجها عن هذا النظام أنها لم تحفظ لا دماء ولا اعراض ابنائها .
كما أن هناك نقطة جوهرية يقرب بها الجميع .. هي أن المشكلة التي يعاني منها اليوم ليست في النظام بحد ذاته .. فالكل يجمع على أن هناك ثغرات في هذا النظام لابد من اصلاحها لأنه وضع تحت الضغط الشديد للاحتلال الأميركي .. وكل الخلل الموجود فيه هو بسبب الألغام التي وضعها المحتل فيه لكي يبقى متحكما بالبلد حتى في حالة خروجه
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)