الدكتور أحمد جمعة البهادلي
ما يجري الآن تنفيذ لمخطط مارشال في العراق، الليبرالية الجديدة لم تعد كما كانت في الأمس تغلف نفسها بشعارات حقوق الإنسان والتنمية والعدالة، وإنما أصبحت متطرفة بل وقاتلة، فما يدعيه الغرب من تحرر للشعوب في مفاهيم متعددة يراد منها في الحقيقة السيطرة على ثروات الشعوب ذاتها واستغلالها، وإن كان عبر حروب دامية داخلية، فما كشفه جورج سوروس(من مخططات قذرة) وتشجيع على الانتخابات المبكرة بذريعة الفساد المتفشي، أمر خطير جدا، وقد سبقتنا دول عربية في هذه اللعبة منها السودان واليمن وسوريا وتونس وليبيا مصر.. لكن ما هي نتائج تلك الذرائع التي جمعها ذات الشعارات(الفساد، المحاصصة، التحرر، العيش بكرامة) وغير ذلك.. فهل يعرف المطبلون أي حرب يقرعون أبوابها؟، أما يكفي حجم الدمار الذي حل ببلاد المسلمين!.
كما أننا جميعا نعلم بأن المجتمعات الشرقية في أصل التجربة ووفق العمل بالمؤسسات الدولية أكثر سهولة من المجتمعات الغربية، فالسيطرة عليها لا تحتاج إلى مزيد من العناء، بعد توفر مصادر التداول، والاقمار الصناعية، ومنصات البوح المفرط حتى في مشاهد(انهيار) أو إباحية العرض، والفضائيات، فالثقافة عندنا لم تعد نتاج أفكار رصينة، بقدر ما هي ثقافة ترويجية يكشفها النسخ واللصق مع بعض التحريفات، ومن دون التأكد من مصدر المعلومة، إذ تلاشى جيل (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)!.
كما أن مطلع التسعينيات وباسم خلاص الشعوب من الفساد الحكومي كان حافلا في شرق أوروبا لتغيير أنظمة الحكم فيها، فهناك أكثر من ثمانية دول تمت الإطاحة بأنظمتها، تحت مسميات وذرائع كثيرة، أغلبها توج بحركة فساد مفرط مارسته جهاتهم السياسية!، لكن ماذا بعد ذلك؟ : سيطرة تامة لمحور الليبرالية!!، التي كانت في حينها أقل دموية من الآن.
أعتقد بأن أميركا ومفكريها كبرنار لويس، وبريجينسكي، ورالف بيترز، وجيفري جولد برج، وحتى الفرنسي بيرنارد ليفي، مصممي خرائط تقسيم دول الشرق الأوسط، أجروا تعديلات على خطتهم، وأقنعوا التنفيذيين وصناع القرار في البيت الأبيض بالإسراع في التنفيذ تحديدا في العراق، بعد حصول مناطق فراغ سياسية واضحة، وعزوف جيل الرواد في التغيير الديمقراطي جراء قرف الفساد والعهر والغلظة، التي مارسها بعض الشركاء، فإن كثير من الممارسات المغلوطة كانت تجري بإرادة دولية، هدفها عدم تنمية قطاعات الدولة الخدمية، ناهيك عن تجهيل الدور النيابي إذ لم يعد الترشح لمجلس النواب نزعة سياسية وفكرية، بقدر ما هو فرصة للحصول على الامتيازات وبعض المغانم، وغياب للدور الرقابي.
ادعوكم لمراجعة التغيير الذي حصل في مطلع التسعينيات في دول شرق أوربا، وملاحظة حجم الدمار هناك، وأدعوكم لمراجعة ما جرى في بعض الدول العربية مؤخراً، إذ انحدرت بشكل غريب تطلعات الشعوب العربية. فإن أصعب شيء هو التغيير العقائدي لمنظومة الفكر الاجتماعي، لأنه مبني على نمط من المجايلة يستحيل قهرها ونحن بكل هذا التنوع والتعدد السياسي، والديني، والقبلي، وغير ذلك. وإلا فقريبا سيظهر في مقدمة كل زقاق قائد يصارع نظيره في الزقاق المجاور.
ما كان منصفا بحق الفقراء من قرر المسير على وفق هذا المخطط..
ـــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)