رغم أن أشهر تهمة على الفيسبوك هي أنك "ذيل إيراني" ألا أنك لو أستخدمت عقلك في البحث عن أي مواطن عراقي يُعلي مصلحة إيران على مصلحة العراق، فلن تجده أبداً حتى بين المتطرفين والطائفيين، وستكتشف أن التهمة تُطلق على الشخص بإفتراض مسبق لنواياه وليس لأن هناك في كلامه دليل على ولائه لإيران،
- بمجرد أنك لا تسب إيران، فالمقابل أصبح ولسبب ما، يفترض انك تحب إيران وتفضلها على بلدك!!
- لأنك لا تجد ما يمنع من الإعتراف بأن إيران ـ فعلياً ـ هي الدولة الوحيدة التي ساندت العراق في حربنا على الإرهاب، فسيُنظر اليك على أنك إيراني أكثر من الإيرانيين!!
- يكفي أن تتحدث عن الإحتلال الأمريكي وهيمنته على كل مفاصل الحياة في العراق، بدون أن تساوي بين ذلك وبين التدخل الإيراني (الإحتلال التركي والتدخل السعودي القطري الاماراتي كلهم معفيين من هذا الأمر!!) لتصبح بنظر المصابين بفوبيا إيران، طرفاُ يحشر نفسه بين ايران وأمريكا!!
- إذا حاولت التنبيه لخطورة الإقتراض والغرق بديون صندوق النهب الدولي وشروطه التدميرية للمجتمع، دون أن تشير الى وفرة الطماطة الإيرانية بالأسواق (البضاعة التركية والألبان السعودية والإعفاءات الضريبية الهائلة مع الأردن أيضاً معفية من الذكر هنا) فأنت آنذاك تريد ان تنَفع إيران على حساب بلدك!!
- الأكثر تطرفاً بنظري، هو عندما تأتي على سيرة العداء الأزلي الذي تكنه إسرائيل تجاه العراق، فتأتيك فوراً التهمة البلهاء بأنك تريد توريط العراق في الصراع الإقليمي، وكأن العراق جزيرة بعيدة في المحيط وأنت تريد أن تعتبره قسراً دولة عربية وجزء من المنطقة!! متناسين أن علم إسرائيل المزعوم، مرسوم عليه أرض العراق وليس أرض إيران.
والمفارقة أن الجميع تقريباً وبغض النظر عن درجة الوعي والثقافة، قد رضخوا لهذا الترهيب الإعلامي ونادراً ما تجد أحداً يتجرأ على ذكر الإحتلال العسكري والسياسي والإقتصادي الأمريكي، دون أن يسارع لإعلان براءته من التهمة الشهيرة وكأن قبول التدخل الأجنبي حالة موجودة وواردة ورفض التدخل أمر خارق للعادة وهو وحده من يتميز به!!
المشكلة هنا ليست فقط في مساهمة هؤلاء بنشر هذه الثقافة الرديئة وترسيخ معيار خاطئ ومشوه لمفهوم الوطنية، الأمر يتعدى الى أن يصبحوا - بدون قصد، منفذين لإستراتيجية العدو (التي تطبق بشراسة منذ 10 سنوات) في تمويه حقيقة الصراع الوجودي في المنطقة وإستنفاذ زخم الغضب لدى الشعوب وتصريفه في ميدان المعركة الخاطئة.
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha