د . جواد الهنداوي .
لا تُولدْ الأحداث السياسية مِنْ رحم العفوية ، ولا تأتي مِنْ محض الصدفة أو مِنْ العَدمْ ، وخاصة اذا توّفر لها شرطان : الأول هو أن يكون ميدانها العراق او منطقتنا ، والشرط الثاني هو عندما تُعّمرْ ... أسابيع و شهور ، كُلّما يزداد عمرها تكبر ، ويمتطيها او يركبها او يصادرها الآخرون المتربصون والمنتفعون .
مشاهد جريمة الوثبة هي مشاهد مؤلمة و بشعة وعلى كافة الصُعد : إنسانياً و أخلاقياً و دينياً ، ولهذه المشاهد تداعيات سياسية خطيرة :
ستكون بشاعة هذه الجريمة ،وفي إطار عمليات الاغتيال والقتل السابقة والحالية ، صدمة ليس فقط للشعب العراقي وانمّا للمجتمع الدولي ، وستُتخذ ذريعة و حجّة لتدخل دولي او أممي و بدوافع إنسانية ولأهداف سياسية . سيستنتج المجتمع الدولي بأنَّ الحكومة عاجزة تماماً على حفظ الامن ، لاسيما والعراق لايزال بلداً يهدد الامن والسلم العالميين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي أًُتخذت وفقاً للفصل السابع . ايّ تدخل عسكري أمريكي او أممي سيكون ، وفقاً للرأي العام الدولي ،مقبولاً ومعذوراً بسبب جرائم القتل والتمثيل و قطع الرؤس و الاغتيالات والكرّ والفّر بين المتظاهرين وقوات الامن . ما جرى في ساحة الوثبة هو تعبير داعشي بأمتياز و برضا و بقبول المتجمهرين ، سيستنتج المجتمع الدولي بأنَّ داعش هو خلية نائمة و مختبئةليس في فندق او شارع وانمّا في نفوس بعض العراقيين .
سيستنتج المجتمع الدولي بأنَّ ما جرى هو جزء من حصاد مسيرة سياسية ، ساهمت او سببّتْ في ضياع المواطن والمجتمع والدولة ، و أوصلتهم الى هذه المرحلة او الدرجة من العنف و الانحطاط . وسيحكم بأنها مسيرة سياسية فاشلة ويجب تغييرها ، ولا يتردد المجتمع الدولي ، والذي تقوده امريكا ،باللجوء الى تغيير بطريقة ( شلع قلع ) .
نحنُ نستنتج أيضاً ، ومن خلال متابعاتنا ، رصد و فعل دولي أمريكي و أوربي ،سياسي ، وعسكري ، ودبلوماسي لما يجري و اتجاه ما يجري في العراق . تصريحات و إجراءات أمريكية تتزامن مع مسلسل القتل و الاغتيالات التي تصاحب التظاهرات ، قبل أيام صدر اجراء أمريكي بمعاقبة شخصيات عراقية ممن قاوموا الوجود الامريكي في العراق و حاربوا داعش ، واليوم اجراء دولي آخر بشطب او بإلغاء حسابات تويتر تعود لشخصيات عراقية ، ويتزامن هذا الإجراء مع جريمة القتل والتمثيل المروعة في الوثبة ، و ستتواصل الإجراءات الأمريكية و الادانات الأوربية وستتزامن مع جرائم قد تحدث ،لا سامح الله .
نستنتج أيضاً بأنَّ مسار التظاهرات ، وبسبب حوادث القتل و عجز القوات الأمنية ،يتجه نحو الفوضى ، مما يُفقد التظاهرات أهدافها و سلميتها ، و كُثرٌ سيكون الخاسر ( المتظاهر و الدولة والمجتمع ) .
ما المطلوب : مسار جديد يستنير بأفكار و أولويات و مبادئ : الأولوية لبناء مواطن إنسان ، الأولوية لمأسسة الدولة وفق معيار المواطنة والكفاءة والعدالة ، الأولوية للأمن ولمكانة القوات المسلحة . الأولوية لمسؤول في الدولة قادر على اعادة الثقة بين الشعب والحكومة ،بين الشعب والدولة ،مسؤول نزيه وكفوء و ذو سلوك وطني اكثر مما هو حزبي ، شعبي و ميداني اكثر مما هو بيروقراطي .
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)