المقالات

ماذا حققت معركة الاصلاح الضارية؟


ابراهيم العبادي

 

رغم احداث مأساوية كبيرة هزت الضمير العراقي ،تتابع معركة الاصلاح العراقية خطواتها بنجاح نسبي وقلق كبير ومخاوف اكبر ، فالمسافة بين اهداف المعركة وبين واقع الصراع الراهن لازالت كبيرة ، ولم يتحقق الكثير على الارض ، فالخطوات الاصلاحية التي اضطرت اليها الحكومة والبرلمان لم تقنع المطالبين بالاصلاح حتى الان ،ورغم صدور سلسلة قوانين وقرارات تندرج تحت مسمى الاصلاح ، لكن مشهد الدولة العراقية لم يتأثر عمليا بهذه القوانين والقرارات ، باستثناء استقالة الحكومة وبعض المحسوبين على الطاقم السياسي ،نعم جاء  سن قانون لمفوضية الانتخابات -بهدف اخراج  هذه المؤسسة المهمة من مخالب المحاصصة - ، وكذا انشغال  البرلمانيين بتعديل قانون الانتخابات ، جاءا ليفتحا  نافذة امل كبيرة بانهاء احتكار السلطة في العراق  ،اذ يعتبر هذان القانونان،   العنوان الابرز للتعديلات التي حصلت ، ويؤمل  ان تحصل في صورة العملية السياسية اذا احسن تطبيقهما  ،لكن نتائجهما لن تكون مؤثرة في مسار الاصلاح ،مالم يتم اختبارهما على الارض في الانتخابات القادمة ، والتي لاندري أتاتي مبكرة ،  ام ستبقى في موعدها الدستوري ؟  ، في حين ظل  قانون تقليص امتيازات كبار  المسؤولين وذوي الدرجات الخاصة ،معلقا على قدرة رئيس الوزراء القادم وحكومته العديدة ، فالطبقة السياسية حسبت لكل شيء وباحتمالات متعددة ،وماجاءت هذه القوانين تبرعا أو  طواعية ،انما بسبب ضغط الشارع وخطورة الانزلاق الى المجهول . فبغير الجدية والحزم والايمان الصادق بالاصلاح ،لن يكون بوسع القوانين وحدها ان تقتلع جذور الدولة العميقة ،ولن يكون مقدورا اعادة تفكير السياسيين الى الجادة الصحيحة ،مالم يتواصل الضغط المدروس ، العقلاني ، والسلمي ،  المنضبط بأدراك  كبير للمخاطر ،  لكن على الجهة المقابلة فان ماحصل ويحصل من نكبات وجرائم رافقت الثورة الاحتجاجية ، وضعت دعاة الاصلاح على حد السيف ايضا  ،فاستمرار التظاهرات والاحتجاجات دونما سقف محدد ، عطل الدولة ومفاصلها ، وأفقدها وزنها وفاعليتها ، وهز صورة اجهزتها الامنية والعسكرية ، واطاح بمنظومة عملها  الاداري والسياسي ،بما يخشى على العراق من احتمالات التصدع الكبير  .كما ان توقف الاحتجاج  وانتهائه بدون اقتلاع جذور  الفساد السياسي  ، سيكون مجازفة ونكسة مدمرة  وتضحيات مجانية ، وهبة  ترفع الة الضغط القوية عن رؤوس النافذين والمهيمنين على المشهد السياسي ، لذلك تبدو  المعادلة صعبة وخطيرة ،يفترض ان تدار بعقلانية كبيرة لتحقق للعراق دولة طبيعية كسائر الدول  ،لكن السؤال الاهم ،من يدير ؟  ومن يحرك ؟ ومن بيده سلطة اقناع المحتجين ليفضوا احتجاجهم ،  ومتى يقتنعون انهم حققوا مايريدون ؟  ،وهم على مانرى ونسمع ،  مجتمع مصغر ، فهم يتوزعون  على فئات عديدة ،  لكل فئة مطالبها وفهمها ووعيها لازمة الدولة واسباب فشل  جمهورية مابعد 2003.

من دون شك سيكون للحكومة الجديدة ذات المهمة الانتقالية  دور مهم في ذلك ،لكن الدور المكمل  والموازي ،يقع على عاتق المحتجين والاصلاحيين انفسهم  ،فليس مستبعدا ان تغرق تظاهرات الاحتجاج ببحر العنف ،استجابة لمعطيات الاندساس والاختراق والتخريب الداخلي ،او  بسبب قلة الوعي وانعدام المسؤولية وضيق الافق لدى بعض الاحتجاجيين ، كما  ليس مستبعدا ان تعمد القوى المستهدفة من الاحتجاج الجماهيري ،  الى خلط الاوراق واغراق البلاد في الفوضى ، لتنجو من استحقاقات الاصلاح والتي ابرزها تفعيل دور الاجهزة الامنية والعسكرية ،  وعودة الدولة الى احتكار السلاح والعنف المشروع ، وتفكيك الجماعات التي صممت لنفسها مشروعا خارج مشروع الدولة ، وانهاء منظومات الفساد المالي والاداري والاستئثاري .

حتى ينجح الاصلاح لابد ان يدرك الشعب بأن المعركة طويلة وشاقة وكثيرة التضحيات ،مثلما على الطبقة السياسية ان تدرك ، ان اوراقها باتت مكشوفة ومن الصعب بعد الان المناورة كثيرا والمراهنة على عامل الوقت ،وتقديم تنازلات غير جادة او يمكن الالتفاف عليها مستقبلا ، الاصلاح رهين بانهاء فكر الاستحواذ على الدولة او قيادتها وتوجيهها  بمنظورات مؤدلجة تمارس فيها قوى داخلية وخارجية الوصاية على العراق ،معركة الاصلاح عنوانها الرئيس ،استعادة السيادة وبناء هوية وطنية عراقية بفعل منظومة سياسية غير فاسدة .

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك