د. هاتف الركابي..
من المعلوم ان الطبقة السياسية منذ سنة ٢٠٠٣ قد فصلت قوانين انتخابية على مزاجها وما يؤكد بقاءها في السلطة الى يوم القيامة ، ولكن بعد قيامة الثائرين في تشرين ومارافقها من سقوط الدماء الزكية ، كانت ايقونة التغيير نحو قوانين تضمن العدالة والشفافية للاجيال ، فكان اولها قانون المفوضية الذي انهى ولو بنسبة كبيرة حالة الاصطفاف الحزبي ، ثم جاء قانون الانتخابات الذي تم التصويت عليه هذا اليوم ، وبصدد هذا القانون سأبين الايجابيات والسلبيات :
أولاً : الإيجابيات :-
ان القانون قد اعتمد نظام الترشيح الفردي ونظام الدوائر المتعددة على اساس الاقضية في المحافظة كدوائر انتخابية ، وهنا سيغلق الطريق امام الاحزاب المتنفذة التي كانت تعتمد القوانين السابقة بالقوائم اللعينة التي كانت تذهب باصوات الناس لآخرين لم يصوتوا لهم ، وهنا القانون الجديد سينتج لنا مرشحين سيتنافسون كل على حسب الكفاءة والسمعة والاخلاص والدراية والتخصص ، يعرف هموم منطقته ومشاكلها ، ومن ثم سيفوز من يحصد اعلى الاصوات ، وبذلك ستنتج لنا الساحة السياسية أناساً واعين ووطنيين وكفوئين ، وسيقضي هذا القانون للابد على تسلط وتغول زعماء الكتل والقوائم الذين لم يجلبوا لنا طوال ستة عشر عاماً سوى مرشحين لايفقهوا شيءمن السياسة والتشريعات والتقييم وقياس الاثر ورسم السياسات إلا ماندر ..
وسنخلص من مأساة التحكم بالمال السياسي الذي ادخلنا بمنظومة الفساد التي حرقت الاخضر واليابس واودت بالبلد في منزلقات خطيرة ، وبذلك فان هذا القانون سيعد الوعي لدى الناخبين المحرك الاساسي والحل الامثل للخلاص ، وان التخوف من توزيع المقاعد على الاقضية لا اساس له لانه في حال عدم توفر النصاب سيصار الى الدمج مع اقرب قضاء ، اذن يمكن القول بانه سوف لن يفوز سوى الوطني والمخلص .
ثانياً : السلبيات :-
السلبيات يمكن تلافيها باجراء تعديلات طفيفة والتشريعات سمحت بالتعديل ، ومن هذه السلبيات يمكن ان يقول البعض ان هناك اقضية تم استحداثها بعد ٢٠٠٣ والبعض متداخل مع مدن اخرى ، وهذه الحالة يمكن تلافيها من خلال عمل وزارة التخطيط ، وربما يشكل البعض ان هذا القانون سيكرس سطوة العشائر والشخوص المتنفذة واصحاب الاموال ، وهنا لابد من التعويل على وعي الناس وافهام العشائر والمناطق بخطورة ذلك ، وعدم العزوف عن الانتخابات لانه سيوصل الاحزاب والعشائر ، ومن اهم السلبيات على هذا القانون انه لازال يتطلب شهادة الاعدادية للمرشح وهذا خطر كبير لابد من تلافيه بالتعديل وجعلها البكالوريوس ، وكذلك ان القانون لم يحدد المبالغ القصوى للدعاية الانتخابية وهذا خلل يجب تلافيه لانه سيجعل عدم المساواة في الدعاية كما هو معمول في الدول المتقدمة ، كما ينبغي اعادة النظر بالعقوبات الواردة في القانون كونها لاتتناسب مع الافعال المرتكبة ويستلزم رفع العقوبات سواء الشخصية والمالية ، وكذلك من السلبيات ان القانون ابقى على تصويت الخارج الذي يكلف اموالاً طائلة وقد اثبتت التجربة وقوع حالات الفساد الكبرى في انتخابات الخارج ووقوع الحالات الكثيرة من التزوير فضلا عن كيف يتم معالجة اصوات الخارج ؟ هل للمحافظة ام الاقضية ، ففيها صعوبة او استحالة ، لذا اقتضى التنويه واجراء التعديل حول القانون بالغاء انتخابات الخارج ولو لهذه الدورة فقط لحين استقرار الاوضاع واعادتها في الدورات المقبلة..
وكذلك من السلبيات يجب اعادة النظر بمقاعد المحافظات كما هو الحال في محافظة ذي قار ومحافظة بابل ، فبموجب التعداد السكاني يكون لذي قار ٢١ وليس ١٩ وبابل ١٩ وليس ١٨ ، وهنا يتوجب على نواب المحافظتين الاعتراض امام المحكمة الاتحادية .
وتأسيساً لما تقدم نرى بأنه سيكون المستقبل مشرقاً للشعب بتشكيل برلمان ذو اختصاص وتكنوقراط وكفاءات ومختصين تكون فيه الزعامات للشعب لا لرؤساء الاحزاب المتنفذة التي جثمت على صدر العراق طوال عقدين من الزمن والذي تبددت فيه ثروات العراق وانتجت المشاهد والشواهد من المشردين والفقراء والايامى والمتسولين وبروز الطبقية الكبيرة بين ابناء الشعب ، فإلى غدٍ مشرق باذن الله ..
الدكتور
هاتف الركابي
باحث في الشؤون الدستورية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)