مهدي الطحان / كندا
ركوب موجة الاحتجاجات في كل مكان وزمان، تبدأ وتنتشر موجات يسايرها الناس، ويتلقفها سريعا الشباب واصحاب المصالح والاجندات المشبوهة .
عرفنا من تلك الموجات طوال اعمارنا موجات كثيرة مثل موجة موضات الملابس التي نرتديها، وموجة تصفيف الشعر الذي نقصه، وموجة الصحوات العروبية والقومية ، وغيرها من الموجات الكثيرة، التي سايرناها وركبناها ومشينا في دهاليزها ودروبها.
آخر تلك الموجات كانت موجة الاحتجاجات والتظاهرات التي نعيشها كلنا هذه الايام، بدأت من تونس ثم مصر وليبيا حتى انتشرت بعدهما سريعا الى اقطار اخرى كثيرة كالنار في الهشيم، ولا ندري الى اين ستوصلنا في نهاية المطاف؟!
من المؤسف استغلال هذه الموجة من قبل بعض المنتفعين والفاسدين والمندسين لتعريض امن بلادهم للخطر ، كما يحصل حتى عندنا اليوم في العراق ، دون حساب عواقبها الوخيمة في الاستقرار المطلوب، في زحمة التهديدات الخارجية البعيدة والقريبة والتي تحيط بنا من كل صوب!
ان ركوب الموجة سهل والاسهل منه التفرج عليها ولكن الصعوبة تكمن في اذا لم ندرك عواقبها والى اين تنتهي والى اين تسير بنا، وماذا يوجد تحت زبدها المؤجج من غير ان ننتبه الى سلامة الأوطان والمواطنين!
صدق النوايا عند البعض وحده لا يكفي لركوب الموجة، اذا لم نأخذ حذرنا ونضع في الحسبان اولئك المندسين الذين هم في العادة يدسون السم في العسل، ويشعلون فتيل الفتنة، لأجندتهم الخاصة، وليحترق الاخضر واليابس لا يهم وبعدها لا يفيد الندم!
تبقى المحافظة على ثوابت الامم والوحدة الوطنية ومنجزات الشعوب وارواح وسلامة البشر، والمكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا تكون بإقصاء الآخرين دون اثبات الحقائق، لأن المطالبات المشروعة لا تعني بأي حال من الاحوال، التخريب المتعمد او حتى المساهمة فيه وتأجيج المشاعر من قبل المتحزبين وايضا من المفكرين الذين من المفترض فيهم استخدام الفكر ليكونوا اكثر تعقلا، وغيرهم من المؤزمين الذين يستغلون ركوب موجات الاحتجاجات لا يظهرون الا في اللحظات الاخيرة ليسوقوا اطروحاتهم الايديولوجية حسب الحاجة، ويكونون في الصدارة، وفي هذا اجحاف بحق الصادقين، ويجب اعادة النظر في نواياهم الخبيثة.
وهذا الاسلوب الخبيث يمكن مشاهدته جليا في افعال وتصريحات رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من خلال اجتماعاته ومشاركاته المتكررة السرية والعلنية في المؤتمرات البعثية الداعية إلى إسقاط النظام السياسي برمته وعودة الى ما قبل ٢٠٠٣ !!
ومن هذه التصريحات الهوجاء التي شنها مؤخرا على مزدوجي الجنسية وتوعده ، انه لن يشغل مزدوجي الجنسية اي منصب ، وان العراق للعراقيين فقط ؟!!!
(والحقيقة ان الجملة الأخيرة هي الأكثر ايذاءً للشرفاء) ..
لقد قدم العراقيين المثقفين المهاجرين الوطنيين اغلى ما لديهم من أجل العراق وشعبه ودفعوا أثمان غالية نتيجة تصديهم للديكتاتورية المقيتة ، واليوم يأتي هذا الصغير ( الحلبوسي) ليطالب بنزع الجنسية عنهم في محاولة واضحة لركوب الموجة والأظهار بموقف الرجل النزيه دون الالتفات إلى العواقب القانونية وهو يعلم قبل غيره أن من اوصله إلى كرسي الرئاسة قادر على أنزاله وبالضربة القاضية ..
باسمكم جميعا سنطالب بمحاسبة الحلبوسي وتقديم الاعتذار إلى أكثر من ٤ مليون عراقي أجبرته الظروف السياسية والأمنية على مغادرة العراق ، وليعلم الجميع ان الحديث السلبي المتكرر عن مزدوجي الجنسية لا يصب في صالح العراقيين لانهم ابناء العراق وعلمائه وفخره واهم روافده التي ستصب اولا واخيرا في نهر العراق الكبير ..
علينا ان نصغي فقط الى انفسنا وذاتنا والى ضمائرنا، وحقائقنا، ومصالحنا، وثوابتنا، درءا للفتن والدمار الذي لا تحمد عقباه.
علي أن اصارحكم بالحقيقة فان الجميع في معضلة ولا يدري الى اين تسير الامور ؟! ..
قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)
(يوسف:110).
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)