المقالات

أستنتاجات عن جريمة الاعتداء الامريكي على العراق  ، و موقف السيد رئيس الوزراء ، و موقف مجلس النواب .


د . جواد الهنداوي/  سفير سابق ، ر . المركز العربي الأوربي للسياسات و تعزيز القدرات . بروكسل

 

قد يكون قرار الرئيس الامريكي بالموافقة على تنفيذ الجريمة اكثر القرارات الترامبيّة دالّاً على التهوّر و الغباء السياسي . و قد يكون وصف رئيس وزراء ماليزيا ،السيد مهاتير محمد  ، للجريمة و مقاربتها بجريمة قتل الصحفي خاشقجي ، وصفْ مطابق تماماً للحالة ، فالجريمة ، كما وصفها ،لا اخلاقية ومخالفة للقوانين و خارج الحدود .

تُشير المعلومات الى دور كبير لوزير الخارجية الأمريكية بومبيو ، و لوزير الدفاع و لنائب الرئيس الامريكي في دفع الرئيس ترامب الى الموافقة على تنفيذ الجريمة .

وتُشير المعلومات أيضاً الى دور اسرائيلي في تنفيذ الجريمة ، ولا وجود لادنى شك في ان يكون هناك دور  لإسرائيل في ارتكاب الجريمة ؛ اسرائيل اكثر من امريكا مُلّمة في الأوكار و الأطراف  المهتمة والمتخصصة في  تخطيط و ارتكاب الجرائم تجاه رجال المقاومة ، اسرائيل هي العين الراصدة لأمريكا في المنطقة ، و ساعدها الأساسي في تنفيذ الإرهاب و الجرائم ، حتى أسلوب اغتيال الشهيد سليماني و الشهيد المهندس وُصِفَ بانه أسلوب أغتيالات طورّته اسرائيل و استخدمته في غزة ، خلال الانتفاضة الثالثة ، وفي سوريا ، و يسمى " أسلوب التصفيّة المركّزة " .

كُثرٌ هي أستنتاجات الجريمة ، و واضحة الدلالات :

وزير خارجية امريكا صرّحَ بعد استشهاد سليماني و المهندس "بأنَّ مقتلهما يحوّل المنطقة الى منطقة آمنة اكثر لمواطني امريكا ... " ! و لكن بعد ساعات من وقت هذا التصريح ، وجهّت وزارة الخارجية الأمريكية جميع الأمريكيين المتواجدين في العراق الى مغادرة العراق فوراً " .

الرئيس الامريكي ، وفي خطابه امام الأمم المتحدة في شهر أيلول المنصرم ، وخلال الاجتماع السنوي ، أكّدَ على أمن اسرائيل و دعم اسرائيل وعلى منع ايران من حيازة السلاح النووي ".

ولكن جريمة الاغتيال ستأتي بنتائج مغايرة تماماً لما تضمنّه خطاب ترامب : خرجت ايران من الاتفاق النووي في قرارها يوم ٢٠٢٠/١/٦ ، ولم تعُدْ أية جهة أُمميّة او دولية على اطلاع على مسار العمل النووي الإيراني ، أصبحت ايران الآن في حّلٍ  من أية التزامات تجاه اي طرف أممي  او دولي ،الامر يجعل اسرائيل اكثر قلقاً .

إنْ ردّتْ ايران على الاعتداء و تدحرجت الأمور بين امريكا و ايران نحو ما هو أسوأ ، ستكون اسرائيل اول المستهدفين و المتضررين ،ليس فقط من ايران وانماّ من حلفاء ايران أيضاً .

إنْ ردّتْ ايران على الاعتداء ومالت الأمور بين امريكا و أيران للتفاهم غير المباشر ، و رُفعتْ العقوبات او بعضها ،ستكون كذلك اسرائيل اول المتضررين ،لخروج ايران من عنق الزجاجة .

تصريح ترامب و تهديده بضرب مواقع ثقافية في ايران دفعَ الديمقراطيين بالتنديد بتصريح وتهديد ترامب ، واتهامه بالاستعداد و بالتحضير على ارتكاب جرائم حرب ، و بخرقه لمعاهدة جنيف .

ماذا عن العراق بعد جرائم امريكا بقتل قيادي من الحشد الشعبي وانتهاك صارخ وقبيح لسيادته اكثر من مرّة ؟

سياسة ترامب اللامعقولة و الاستفزازية و المخالفة لكل قواعد الدبلوماسية و القوانين منحت فرصة لرئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي أن يتبنى موقف ، وهو في مهلة تصريف الأعمال ، وطني و تاريخي و مسؤول ،بأنْ يطالب مجلس النواب بأصدار قرار لإخراج القوات الأجنبية من العراق ، و أن يقوم برفع شكوى لمجلس الامن ضّد العربدة الأمريكية .

مطالبة رئيس الوزراء لمجلس النواب بأصدار قرار لطرد القوات الأجنبية او إنهاء عملها و تواجدها حققّت ثلاثة أهداف :

            الهدف الأول ، هو جعل قرار اخراج القوات الأجنبية قرار الشعب وليس فقط قرار الحكومة . لماذا قرار الشعب وليس " كما يعتقد البعض " بانه قرار المكون الشيعي ؟ لسببيّن : الأول هو ان القرار حازَ على تصويت أغلبية نواب الشعب ، والسبب الثاني هو النائب في مجلس النواب يمثل ،دستورياً ، الشعب ولا يمثل مكون او حزب او طائفة . اي النائب من محافظة النجف هو لا يمثل محافظة النجف وانما دستوريا هو ممثل لكافة المواطنين ،هذا هو مفهوم و دور النائب في مجلس النواب ! القرار هو إذاً دستورياً صحيح و مُلزم التطبيق ويمثل إرادة الشعب العراقي الشيعي والسني والكردي ،الحاضر و الغائب منهم .       

        الهدف الثاني ، هو ان هذه المطالبة عّرتْ الانتماء الحزبي او الطائفي او القومي للنواب الذين غابوا عن الحضور ،كان بأمكانهم الحضور و الامتناع عن التصويت او التصويت بالرفض . كان بأمكانهم الحضور و امتلاك الشجاعة بالتعبير عن موقفهم و رأيهم ، حضورهم و ابداء رأيهم و اعلان موقفهم الرافض ، هو واجب وطني و تعبير عن انتماء وطني .

 غيابهم هو تقصير و تعبير قومي او مكوناتي او طائفي لموقفهم ، وفيه رسالة الى الغير ،الى الامريكيين و الى العالم ...!

الموقف دالٌ على اننا ليس في عراق الحضارات وانماّ في عراق المكونات  ! الموقف دالٌ على أنَّ لدينا مجالس نواب وليس مجلس نواب !

الموقف دالٌ على وحدة الشعب وعلى فرقة سياسيه و اعضاء مجلس النواب . الاعتداء الامريكي او الاسرائيلي لم يكْ  الاعتداء الأول ،سبقته اعتداءات وانتهاكات لسيادة العراق ، و شهداء الاعتداء ( الحشد الشعبي ) استشهدوا ودافعوا ،قبل استشهادهم ،عن العراق ، عن بغداد واربيل ،عن الموصل والأنبار ،عن ...

      الهدف الثالث هو أنَّ هذه المطالبة كشفت دور و نشاط بعض العملاء و المأجورين المستغلين للاحتجاجات  . بُعيد طرح السيد رئيس الوزراء امام مجلس النواب مطالبته بسحب القوات الأجنبية ، و بساعات ، وصلت ،على ما يبدوا التوجيهات للعملاء والمأجورين بحرق مكتب الحشد الشعبي في الناصرية ، واشعال الاحتجاجات في الناصرية وفي البصرة والمطالبة برفض ربط مصير العراق بمصير ايران ! وكأنَّ الدفاع عن سيادة العراق والدفاع عن كرامة العراق و الدفاع عن الحشد الشعبي هو شأن إيراني !

ـــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك