سجاد العسكري
ان للصمت فضائل ومعاني عديدة لايفقهها الا العارفين ,فيأخذنا الى حالة من التأمل الذاتي تبعث في نفوس الصامتين السكون وامساك اللسان ,وامساك اليد ايضا وجميع الجوارح التي تقف مستسلمة للصمت ,كأنه سلطان فرض سطوته عليها ليؤثر بايجابية على الدماغ والاعصاب ليعطي غزارة في التركيز والتفكير , وقد يوصف بأنه اصعب من علم الكلام ,وفن لايتقنه الا اصحاب العقل الراجح , والحكمة البالغة, كما وانهم قالوا في الصمت (أن الحكمة عشرة أجزاء تسع منها بالصَّمْت والعاشر في عزلة الناس).
ومن فوائد الصمت :
• انه يحمي من اللغط والكلام المبتذل.
• يحقق الهدوء والاستقرار النفسي.
• يطهر النفس من الافكار السلبية.
• يعلمنا الانصات والاستماع والتروي...
وكل هذا يجعلنا نتعمق في التفكير ويهبنا الحكمة , نعم فالصمت يهب الحكمة والتعقل في مايرد علينا من مشكلات وقضايا قد نعاتب او نلام على أشياء تكلمنا بها دون تفكير , او نظر , كما يكون نفس الحال حينما نصمت وقت الفتن ونتروى رغم الاصوات التي تطالب اتخاذ موقف كرد فعل على فعل يوصف بالسيء او القبيح او موقف وكلام حق يراد به باطل ,فهنا يبرز دور الصمت القاتل لمن يريد ردة فعل غير محسوبة بعيدا عن التعقل والحكمة قد تجر خلفها ويلات واهات تبقى مساؤها لفترة من الزمن تجر معها حسرات الندم.
فمنذ خروج المظاهرات في اكتوبر الماضي خرجت بشكل او اخر في ساحة التحرير والمحافظات المشمولة بالقصاص مخلوطة بالمطالب الحق المشروعة لأبنائها , والكل صرح بمشروعية المطالب ولا يختلف فيها اثنان , لكن المطالب تتحقق بسلميتها ومرابطة وصبر مستحقيها .
فالمظاهرات اخذت بعدا اخر وتدخلت اطراف اخرى للتصعيد وحرف مسارها الاصلاحي فتبدلت السلمية الى عنف وحرق واعتداء ثم تصعيد ,مع استهداف واضح لأضعاف الدور الامني للقوات الامنية العراقية عبر مجموعة اجراءات ليس بصدد الخوض بها , ومن يقوم بهذا التصعيد واضح انه يهدف الى تصعيد العنف عبر خطط مدروسة لجهات خارجية لا يخدمها الوضع الحالي او سن قوانين معينة , او استقالة مسؤولين وتغيير وزراء طبعا لا فالقضية اكبر من ذلك .
فكثر الكلام واللغط بين هذا وذاك وذالك , لكن الصمت اصدق من الجميع , فلو اجرينا عملية حسابية بسيطة وسألنا سؤال منطقي تقبل به العقلاء وهو كم نسبة الخارجين لتائجيج العنف خارج ساحة التظاهرات عموما ؟وكم المتواجدين في ساحة المظاهرات الملتزمين بسلمية احتجاجاتهم؟ من خلال الاجابة عن السؤالين سوف نستقرء عموم الاحداث ومنها العنف الغير مبرر على المدارس والجامعات والدوائر التي تقدم خدمة لعموم المواطنين,وما نسبة هؤلاء من عموم العراقيين؟!
لكن بقى سؤال ثالث مثير قد يدور في اذهان الكثير , وهو كم نسبة العراقيون الذين لم يخرجوا للتظاهرات ؟! نعم ماهي نسبتهم من عموم النسبتين في السؤال الاول والثاني ؟ اعتقد في يوم الجمعة الموافق 24/1/2020 هي من تجيب عن جميع الاسئلة المطروحة , ومن هوالمطالب الشرعي لحقوق العراق والعراقيين, وهي من كشفت اقنعة الزيف والتخريب والعمالة الخارجية , هنا علينا ان نميز صفوفنا كما قالت لنا المرجعية مع الاحتفاظ بالسلمية , وطرد الغرباء الذين عثوا فسادا مع جملة من السياسين الفاسدين الذين هم شريك اساسي في ظاهرة الفساد المستشري وقد تساقطت الاقنعة كما تساقطة الرجولة , وشعارات المرجفين والسفهاء ,وامتاز الاكرمون وصناع النصر في شعاراتهم .
فاليوم خرجت الأغلبية المنضبطة المجاهدة الثائرة الصامتة خلال كل ماجرى من احداث في هذه الفترة العصيبة ,صامتون يترقبون يسمعون ويفكرون ويتروون وينظرون الى الاحداث مستعدين مع قياداتهم للقول الحق والفصل بين معسكر الاصلاح والفساد , ليقصموا ظهر كبيرهم الذي علمهم السحر !هاهم يهتفون بحناجر صادحة بخروج الغرباء , فاين انتم من هذا؟!
https://telegram.me/buratha