د. حسين علي السلطاني
شهدت بغداد العاصمة مظاهرة جماهيرية مليونية سمّيت بمظاهرة ( جمعة السيادة ) وذلك يوم الجمعة ٢٠٢٠/١/٢٤ ، دعى إليها زعيم التيار الصدري سماحة السيد مقتدى الصدر ، وساندته في ذلك العديد من القيادات السياسية والإجتماعة للمطالبة بإنهاء الوجود الأجنبي في العراق ، وخصوصا الأمريكي منه .
وقد وجّه المتظاهرون خلالها رسالة ذات مضامين متعددة ، حريّ بجميع الأطراف السياسية : الداخلية والخارجية قراءتها بدقة والتعامل معها بموضوعية ، بعيداً عن التعصب والمواقف المسبقة ، وبالتأكيد لن يعيها بعمق إلا ( لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد ) ق : ٣٧ ، ومن أهم هذه المضامين هي :
١- لقد عبّر هذا الحضور الجماهيري الواسع والمتنوع ، والذي قلّ نظيره منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الان ، عن رفض الشعب العراقي للوجود الأجنبي في العراق ، وأنّ السيادة العراقية خط أحمر لايسمح لأي أحد من إنتهاكها أو المساومة عليها ، الأمر الذي قطع الطريق أمام جميع المحاولات المفضوحة التي تسعى للإلتفاف على قرار الحكومة العراقية والمدعوم بقرار مجلس النواب القاضي بإخراج جميع الوجود العسكري والأمني الأجنبي من العراق ، وهذا الإستفتاء الجماهيري سيتيح للحكومة والشعب العراقي معا التعامل مع أية قوة عسكرية أو إمنية لم تخضع لتنفيذ هذا القرار على أنها قوات محتلة وغازية ويحق لهما آخراجها بكل الوسائل المشروعة .
٢- أكد هذا الحضور الجماهيري الواعي على ضرورة أن تعي القوى السياسية العراقية بجميع أطرافها خطورة المرحلة التي يعيشها البلد وعمق الأزمات التي يعاني منها المجتمع ، وان تسعى هذه القوى جاهدة لمعالجة مواضع الخلل في العملية السياسية التي لازمت أدائها منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الان بروح وطنية مخلصة ، وشعورٍ عالٍ بالمسؤولية ، وإرادة قوية على تجاوز العقبات ونكران الذات ، وبالتالي نبذ كل أنواع التعصب الحزبي والقومي والطائفي ، والوقوف مع هذا الطرف أو ذاك على حساب سيادة الوطن ومصالح المواطنين ، لأنّ التجربة أثبتت فشل كل هذه الأطر الضيقة والفضاءات المحدودة والخنادق المصطنعة التي شوّهت على العراقيين معالم دينهم وأذهبت بسعادة دنياهم .
٣- لقد أضحى جليًّا ً إن موضوع حسم إختيار رئيس الوزراء يحتل أولية قصوى من بين المطالب التي تؤكد عليها المرجعية العليا وينشدها الجمهور العراقي وأنه مطلب لا يتحمل التأخير أو المماطلة ، فمن الضروري على القوى السياسية الشيعية أن تتخذ قرارها المناسب بإختيار شخصية كفوءة ونزيهة ويتمتع بسمعة طيبة ومقبولية مناسبة لدى عموم أبناء المجتمع ليتسنى له من تشكيل حكومة بمعايير مهنية ، بعيدا عن إملاءات القوى السياسية أو المؤثرات الخارجية ، لتنهض بمسؤولية إدارة البلد وخدمة المجتمع والتحضير لإنتخابات مبكرة ونزيهة وعادلة .
٤- لقد بات من الضروي أيضا أن تتحلى جميع القوى السياسية العراقية وتحديدا الشيعية منها بالواقعية السياسية وان تؤمن بقواعد الممارسة السياسية الموضوعية وفق آليات النظام السياسي الديمقراطي ، وأن تجعل مصلحة الوطن ومطالب المواطنين المشروعة فوق كل الإعتبارات ، وأن ينأى الجميع بأنفسهم عن سياسة المماطلة والتسويف والتناحر وفتح صفحة جديدة من العلاقات المبتنية على الوحدة والتعاون واعتماد القانون وتفعيل القضاء وبناء الدولة على أسس صحيحة وإعادة هيبتها واستقلالها التام للقيام بوظائفها على أكمل وجه ( وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كُنتُم تعملون ) التوبة
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)