المقالات

الثورات.. حقيقة أم صناعة؟


محمد جواد الميالي

 

 

كان موسم الربيع العربي، الذي أنطلق في عام ٢٠١١، بعد أن أحرق الشاب بوعزيزي جسده في تونس، وأشعل معه فتيل الثورات في المنطقة العربية، مرحلة مفصلية في تاريخ العرب..

أصبح الوضع فيما بعده مليئا بساحات ملتهبة جداً، ونتائجها كانت تختلف بين بلد وأخر، فتراوحت بين هروب الرؤساء كما حصل لبن علي في تونس، وبين "سحل" للقادة وقتلهم وكما حصل للقذافي، لكن هل إن ما جاء بعد هذه الثورة، كان يلبي طموح الأوطان؟

مصر التي أنتفضت في مجموعات التواصل الإجتماعي، لم تحقق سوى إستبدال العسكر بالعسكر.. ، فكان السيسي كأنما الوجه الآخر لمبارك،  تشوبه أتهامات العمالة لإسرائيل من كل النواحي، أما باقي البلدان المحتجة، فلازالت تعوم في الفوضى..

لو بحثنا في مقارنات الوضع الإقتصادي، للشعوب قبل وبعد الثورات، سنجد أنها تتدهور كلما أشتعل فتيل الثورة، مثال ذلك سوريا ولبنان وتونس، التي تغرق في مشاكل نزول العملة وأرتفاع نسب البطالة، أما في العراق فالوضع متذبذب، بين أستقرار نسبي قبل تظاهرات ساحات المناطق السنية، التي تمخضت عن داعش، إلى تقشف بسبب العمليات العسكرية ضد التنظيم، وما أن أستقر الوضع، حتى دخلنا في معترك تظاهرات المناطق الشيعية.. فهل ستأتي بتقشف أقتصادي، أم ستفتح الباب على لجوء الشباب إلى بلدان المهجر؟.. فهما النتاج الوحيدة التي تصاحب الثورات في ربيعنا العربي.

رغم ما يحدث في خفقان الساحات المحتجة، نجد أن التعاطي السياسي معها كان دون المستوى، وأحياناً معدوم.. بسبب التوغل الخارجي في المنطقة، وتدخلاته في الشأن الوطني، كما في لبنان والعراق، حيث أن بلاد الرافدين تشهد تشتت وأنقسامات القادة السياسيين، متناسين الوضع الداخلي للمتظاهرين ومطالبهم، معتبرين أن ما يحدث هو مؤامرة، فما زال العقل النابض للسياسة العربية، يعتقد جداً بوجود هذه النظرية، منذ عهد تنصيب عبد الكريم قاسم، وإنهاء الملكية البريطانية، إلى كنف الجمهورية الأمريكية.

لا يمكن لأحد إنكار نظرية المؤامرة، والأيدي الخارجية التي تتلاعب في سريان الأوضاع في الشارع العربي عامة والعراقي خاصة، لكن الإحتجاجات أنطلقت بدوافع حقيقية، كالفقر والبطالة وسوء الخدمات.. وركبتها موجة السفارات لاحقا، لتجعل الوضع أكثر سوداوية، وتثير فتيل الفتنة، ليسود العنف على السلمية، ولم يعد يعرف أسفل التظاهر من أعلاه.. فهل يمكن أن يكون هذا الأمر صدفة لصالح التطرف الخارجي؟!

حركات الربيع العربي منذ قيامها لم تغير شيئا في المنطقة، والفجوة الإقتصادية والثقافية والسياسية بين الطبقة الحاكمة والشعب، هي دافع قيامها، أما العقل العربي فأصبح منقسما، بين أغلبية متفقة على أنها مؤامرة هدفها إدامة الخراب، وأخرى مسيرة بالعقل الجمعي، يدعمها التضخيم الإعلامي، ليبين أنها حقوق مسلوبة.

بعد كل ما سبق هل من حقنا ان نسأل وببساطة، هل أن الثورات.. حقيقة طبيعية أم صناعة؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك