حمزة مصطفى
في الماضي كان يقال في الأفلام والمسلسلات رن جرس الهاتف. الآن الهاتف تحول الى موبايل يعني "محمول" رناته مختلفة الآيفون غير الكلكسي وأبو الطابوكة الله يرحمه غير الهواواي. بدل رنة جرس التلفون تأتيك رنة من نوع مختلف مصحوبة في الغالب برائحة "شعواط". ما عليك سوى أن تسرع في الخروج من المنزل لتجد ميزانية بيتك أو بيت الجيران "طكت" نتيجة قوة الصدمة الكهربائية. هذه الصدمة التي غالبا ماترتد الى محولة الحي المتهالكة أصلا فـ "تقوم" المحولة وتنطفئ الكهرباء.
إجراء أكثر من طبيعي و"متعودين" عليه كلنا. في الماضي كنا "في الهوى سوى" الآن "سوى" صار راديو تابع للحرة التي أغلقت مكاتبها في بغداد وسرحت العاملين بدون إحم ولا دستور ضمانة. الآن صرنا بـ "التجطيل" سوى. كلنا وطنيون ومع السيادة ومع حصر السلاح بيد الدولة وسرعة تشكيل الحكومة وإختيار شخصية غير جدلية. كلنا مع دعم المنتوج الوطني والأهمية الإستراتيجية لتصدير الرمان الى المانيا. كلنا مع وقف الهدر في مزاد العملة ووقف إستيراد البيض من تركيا. كلنا مع أهمية محاربة الفساد وطالما كتب من كتب منا مقالات في أهمية ضرب الفاسدين بيد من حديد. وقال من يعمل منا محللا سياسيا في الفضائيات في أهمية مكافحة الفساد بوصفه السبيل الوحيد لجلب الإستثمارات للبلد. كلنا وقفنا ضد حسوني الوسخ أو الوصخ بلغة أخرى بوصفه رئيسا للهيئة الوطنية لمكافحة الدوام.
ليس هذا فقط. كلنا مع مؤتمر دافوس ومع إحلال السلام في ليبيا. كلنا مع حفتر والسراج بس مو عدنان المحلل السياسي البارز. كلنا مع أهمية ترصين سد الموصل "صدك وين ضرب بيه الدهر؟" وضد حجي حمزة "الغايب عذره وياه". بقي شئ لسنا كلنا معه. طبعا إتفاقية الصين كلنا معها للعظم. لكن ماذا بشأن "التجطيل" حيث الوايرات المتداخلة في أزقة أحيائنا والتي ترسم مشهدا حيا يدل على الرقي والتقدم والإزدهار. هل هذا يحتاج دليل؟ بلد ميزانيته 100 مليار دولار بالسنة. كم نسبة الكهرباء؟ يقولون 40 مليار دولار أميركي ليس من بينها وايرات "التجطيل" التي ترسم هذا المشهد الحضاري الذي لاندرك أهميته الإ حين "يطك" وتأتيك رائحة "الشعواط" تشبه رائحة البخور عند المغرب حيث موعد طرد الشياطين.
السؤال الذي يطرح نفسه .. من أين تمر الشياطين وسماؤنا مؤثثة بأطنان "الوايرات" المتشابكة والتي تعرف طريقها الى المنازل منزلا بعد منزل عبر متوالية حسابية لا يعرفها الإ صاحب المولدة وطبقا لعدد "الجوزات" ومثلها الإمبيرات التي يسحبها كل واحد منا حسب قدرته المالية. ولأنه لابد من فرز التسميات فكهرباء الحكومة تسمى "وطنية" وكهرباء أبوبارق صاحب محولتنا تسمى "سحب" وبين الإثنتين نحن غارقون بـ "التجطيل" من عدة وطنيات في الحي لا وطنية واحدة. بصراحة لأول مرة أكتشف أن للتجطيل فائدة كبرى وهي تعددية الوطنيات في وقت نسعى جميعا للحصول على .. البطاقة الموحدة.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha