كاظم الخطيب
الرقص الشرقي حركات من المجون، ولمسات من الجنون، على أنغام صاخبة وأجواء لاهبة، تنتهي بالراقصين، جهداً وإعياءً وإبتذالاً.
الموسيقى من الغرب تأتي بذلك الصخب، وتهيئ تلكم الأجواء؛ لتثير ذانكما الجنون والمجون الشرقيان، اللذان ينتهيان بجهد كبير، وإعياءٍ كثير، وإبتذالِ ماله من نظير.
ما شاء الغرب، وما شاءت أمريكا، لا ما شاء الله ورسوله؛ عقيدة تأصلت لدى كثير من المسلمين الذين يشغلون مساحة كبيرة من الشرق الراقص على الأنغام الغربية الماجنة.
خبث سياسي يدفعني إلى فضح الليالي الحمراء، التي كان يحييها سماسرة السياسة الغربية، وشذاذ التبعية من العرب، ولا أقصد القادة أو السياسيين منهم فقط؛ بل إن خبثي يتعدى ذلك بكثير.
تسآلت يوماً ماذا لو كان العرب أحراراً؟ ماذا لو كانوا ذوو سيادة على أوطانهم وخيراتهم؟ ماذا لو كانوا يمتلكون من الحكمة شيئاً- ولو كان نزراً- ؟ ترى كيف سيكون حالهم اليوم؟.
جدلاً، تصورت أنهم كانوا كل ذلك..! كما تصورت أنهم باركوا قيام الثورة الإسلامية في إيران! وإبتهجوا لزوال حكم الشاهنشاهية البغيض الذي كان يمثل أذرع أمريكا في المنطقة؛ بحيث كانت تطلق عليه( شرطي الخليج) وأنهم لم يسمحوا بمجيء طاغية العراق( الهدام)، ولم تك هناك حرباً لثمان سنوات مع إيران، وأن خيرات البلدين، وأبنائهما الذي قضوا في الحرب، مازالوا وما قتلوا.
ذهبت بعيداً بتصوراتي، الى الحد الذي تمكنوا فيه- العرب- من تشكيل مجلس تعاون عربي- وليس مجلس خليجي ليكون سجينة خاصرة لكل شريف- وإن مجلس التعاون هذا، قد رسم خارطة من التحالفات القائمة على أساس القدرة العسكرية، والإقتصادية، والبشرية فضلاً عن الموقع الإستراتيجي المتميز، الذي تمر به كل سبل الحياة التجارية للعالم أجمع.
وأنا في قمة تصوراتي هذه، ورغم خبثي كله، وجدتني أنتصب قائماً، وأنا أقول” إذا والله لسادوا العالم كله، ولوجدنا شركات التنظيف الأوربية، وشركات الصرف الصحي الأمريكية، والعمالة التركية، واللاجئين الروس، والمتملقين من السياسين في البيت الأبيض، والمنافقين من الإعلاميين في الCNN، والراغبين في الحصول على الجنسية العربية وجواز السفر ، بدلاً من التواجد البغيض لقوات الإحتلال الأمريكي، والتموضع الشاذ لقطعان الجيش التركي، واللجوء القسري لقطعات الجيش الروسي، وغيرهم، بل حتى إننا لم نمكن ساستنا - الأسياد- من رقابنا، أولئك الذين إشتريناهم بأصواتنا، لينعموا بخيراتنا ويمنعوها عن شعوبهم، وليرتموا على أعتاب الغرب وأمريكا واليهود، عبيداً صاغرين .
تباً لتصوراتي.. فقد أخذتني بعيداً عن أجواء الموسيقى الغربية، والرقص الشرقي العربي، فعندما عزفت أمريكا مقطوعة موسيقية مفادها، أن الثورة الإسلامية في إيران، هي خطر يهدد المنطقة العربية والعالم أجمع، تراقص لها شذاذ الخليج، وهزوا لها أكتافهم تيهاً، ومؤخراتهم طرباَ، فأسقطوا البكر في العراق، ونصبوا له خلفاً لعيناً، أسموه بطل الأمة العربية، وفتحوا له بوابة من الشر أسموها البوابة الشرقية، وسخروا له كل إمكانياتهم المادية، والسياسية للقضاء على تلك الثورة.
وعندما عزفت أمريكا والغرب معزوفة الربيع العربي، هبت غالبية الشعوب العربية، لتملأ الساحات، وتزحم الشوارع والحارات، رقصاً وتمايلاً، حتى غدت كل حكومات الإستبداد الأزلي، تتساقط وكأنها قطع من الدومينو.
اليوم وفي العراق، كثر العازفون، وإنبرى الراقصون، وتمايلت الأكتاف، وهزت الأرداف، وتشابكت الأيدي، وتحلقوا للجوبي وللدبكات؛ إبتهاجاً وطرباً، بمعزوفة فصل الدين عن السياسة، وتغييب دور المرجعية، ومعزوفة نزع سلاح الحشد وحصر السلاح بيد الدولة، ومعزوفة حكومة الإنقاذ الوطني، التي سيكون قوامها بقايا داعش البغيض وأيتام البعث اللقيط.
بكل ثقة أقولها.. يا أبناء قومي، ويا أخوتي في الدين والوطن.
إن أنتم أردتم الحياة، فلا تحرقوا مدنكم، ولا تقوضوا بنيانكم، ولا ترقصوا على أشلاء ضحايا الإرهاب، ولا تستهينوا بتضحيات شهداءكم من القوات الأمنية ورجالات الحشد ، وأن لا تستخفوا بمقام مرجعيتكم وحصنكم المنيع، فإنهم ما عزفوا بأوتارهم، إلا ليسلبوا منكم أسباب وجودكم، وفخركم، وشرفكم.
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha