ضياء المحسن
بدأت شرارة الهجمة على حكومة السيد عادل عبد المهدي (المستقيلة) بعد شهور من بدء عملها، طبعا لم يكن كثيرون يعلمون السبب في ذلك، فقد كانت الأسباب تترى الواحدة تلو الأخرى، بدأت عندما لم توافق على أن تكون جزء من منظومة الحصار على إيران، ولم تنتهي بمحاولة حل الحشد الشعبي (الحشد الشعبي جزء من منظومة أمنية، يحكها قانون صدر من قبل مجلس النواب).
بدأت الولايات المتحدة بخطوات لمحاصرة حكومة السيد عبد المهدي (المستقيلة)، من خلال أتباعها والتابعين لحكومات (شقيقة) موالية لها، من خلال وضع العصا في عجلة سير الحكومة، والبدء بالإصلاحات التي عبر عنها السيد عبد المهدي في برنامج حكومته للأربع سنوات المقبلة.
القشة التي قصمت ظهر البعير كانت ذهاب رئيس الوزراء بوفد يضم عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين الى الصين لتفعيل إتفاقية تم توقيعها في زمن حكومة السيد العبادي عام 2018، الغريب أن أحدا لم يعترض في وقتها على السيد العبادي عندما وقع الإتفاقية!، المهم حاولت الولايات المتحدة قبل ذلك إيقاف العقد الذي أبرمته الحكومة مع شركة سيمنس الألمانية لتحسين واقع القطاع الكهربائي، ولم تفلح في ذلك.
عندما وجدت الولايات المتحدة أن السيد عبد المهدي مصر في مسعاه في الإعتماد على الصين في عملية بناء العراق، ولأن الولايات المتحدة تعلم يقينا قدرة الشركات الصينية في أن تفعل أشياء كثيرة، بما تمتلكه من قدرات تكنولوجية وبشرية، لجأت الى أذرعها المنتشرة في أماكن كثيرة، قد لا يتصورها البعض منا، فبدأت بإستغلال تظاهرات الخريجين؛ ولأن الغاية تبرر الوسيلة، كان لابد من وقوع ضحايا مهما كان عددهم، لأن الأهم في ذلك عدم المضي بالإتفاقية مع الصين.
وقعت الولايات المتحدة في فخ اسمه المرجعية الدينية للمرة الثانية، فقد كان الفخ الأول الذي وقعت فيه الولايات المتحدة في حزيران 2014، عندما أدخلت داعش الى العراق مستغلة غضب الشارع على حكومة السيد المالكي، ولم تحسب حساب الرجل الكهل الذي يسكن بيت صغير في واحد من أزقة النجف الأشرف، تلك المحافظة التي يقدسها الشيعة في العالم، ويستمع لما يقوله هذا الرجل، بكلمة منه حشد جيش له أول وليس له أخر، فأحبط مخططات الولايات المتحدة التي كان العراق قد وقع معها إتفاقية إطار أمني (لم يتم تفعليه حتى مع كذب المسؤولين العراقيين في محاولة لتلميع الدور الأمريكي، والدليل على ذلك الجميع يتذكر كيف أن روسيا ضربت رتلا من شاحنات النفط المهرب من حقول صلاح الدين عام 2015 داخل الأراضي العراقية، مع أن الولايات المتحدة تسيطر على الأجواء وتعرف كل شاردة وواردة في العراق.
يبدو أن المثل العربي الذي يقول ((المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)) لا ينطبق على الولايات المتحدة، فها هي المرة الثانية التي تجرب حظها في محاولة السيطرة على القرار العراقي بالكامل، من خلال تأجيج التظاهرات والمجيء بحكومة تشبه حكومات بعض دول الجوار، حيث انبرى لهم شيخ النجف وسيد الحوزة، ليكون السد الذي لا تستطيع الولايات المتحدة وجميع ذبابها الإلكتروني أن يصمد قباله، فأُسقط في يدها.
يبقى السؤال لماذا؟
سؤال قد تكون الإجابة من وجهة نظر البعض سهلة، لكنها في الحسابات المتأنية صعبة، بسبب تداخل المصالح الداخلية والخارجية، لدى بعض ممن يتصدى للمسؤولية، عندما رهن موقفه والذي يفترض بأنه وطني إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار مواقف أسلافه الماضين في الدفاع عن أرض العراق ووحدته، وخارجيا الذي يرى في قوة العراق ضعفا له وسرقة لهيبته؛ بل والأنكى من ذلك يرى أن قوة العراق محاولة لزعزعة إستقرار حكمه الذي بدأ يتهاوى شيئا فشيئا.
كثيرة هي الإجابات عن هذا السؤال.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha