ضياء المحسن
بدأت التظاهرات في العراق مع بداية شهر تشرين الأول، كان ظاهرها المطالبة بالتعيينات، ثم استمرت وأخذت منحىً أخر، وبحكم الدستور فإن التظاهر حق للمطالبة بما يراه المتظاهرون بأنه من حقهم المشروع الذي يجب أن تفي به الحكومة (أيا كان هذا المطلب)، ونحن هنا لسنا بصدد القول بأحقية هذا المطلب أو ذاك، بل نحاول التمعن فيما حصل ويحصل وقد يحصل في المستقبل.
لا أحد ينكر على الآخرين أن يكونوا متحزبين، ((فكل حزب بما لديهم فرحون))، لكن المشكلة في التحزب سادتي الأفاضل لدى البعض، أنه يلغي تفكيره ويجعله تابع لرئيس حزبه، وهذا هو الشيء الحاصل في العراق، فعندما يقول رئيس الحزب الفلاني شيئا تجد أن أتباعه يصدقون ما يقول حتى لو كان كل الكلام محض إفتراء.
عندما نعود لتصريحات منصات التظاهر في بغداد وبقية المحافظات(الشيعية)! نجد تداول أسماء كثيرة بدأت من عبد الوهاب الساعدي وصولا الى المكلف بتشكيل الحكومة المؤقتة محمد توفيق علاوي، هذا يعني أن اسم المكلف تم طرحه قبل أن يتبناه السيد برهم صالح أو الكتلة الأكبر (سائرون والفتح)، لكن الملاحظ أنه عندما تم تكليفه بتشكيل الحكومة كانت منصات التظاهر أو المعترضين عليه؟! هل لأن السيد توفيق لا يستطيع التوفيق في مهمته الجديدة، أم أنه لم يستجب لمطالب المتظاهرين، وإن لم يستجب لمطالبهم، فما نوع تلك المطالب؟ هل هي من النوع التعجيزي، ذلك لأننا شهدنا مطالب تعجيزية كثيرة في التظاهرات من قبيل (أريد وطن)، هذا الشعار الفضفاض الذي لا يعني أكثر من محاولة لذر الرماد في العيون، ذلك لأن الوطن ليست سلعة يتم شراؤها من الولايات المتحدة مثلا.
على ذكر الولايات المتحدة فإن عدد نفوس الهنود الحمر يبلغ حوالي 5 مليون نسمة، ومع ذلك تجد حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة تضطهدهم كثيرا، فلا أحد يأخذه الوهم بأن الولايات المتحدة تزرع الحرية في العالم، في حين تمارس التفرقة مع مواطنيها الأصليين.
الى أين يسير الشارع بعد تكليف توفيق علاوي؟
سؤال يستطيع المتابع أن يجد له جواب بسرعة، فهو يرى الإنقسام الحاصل بين الكتل السياسية، والذي ينسحب على الشارع الذي قلنا في البداية أنه متحزب، بالتالي ستكون وجهة نظره مطابقة لرئيس حزبه، حتى لو كانت وجهة النظر تلك مخالفة لقناعاته الشخصية، الطريف في الأمر أن الجميع يتبرأ من تكليف السيد محمد علاوي اليوم، في حين أن الدستور صريح من حيث التكليف، حتى مع كون الحكومة مؤقتة، حيث تقوم الكتلة الأكبر بتقديم مرشحها لرئيس الجمهورية لتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة.
هل تبقى حكومة السيد علاوي أم هي مؤقتة؟
من وجهة نظرنا فإن حكومة السيد محمد توفيق سوف تستمر لأسباب موضوعية، منها أن قانون الإنتخابات لغاية الأن لم يقر، ناهيك عن أن المفوضية العليا للإنتخابات بحاجة الى فترة طويلة لإعداد كوادرها على ضوء الآلية الجديدة لقانون الإنتخابات، وهناك كثيرة من الأمور اللوجستية التي هي بأمس الحاجة إليها، فهل تعتمد التصويت الإلكتروني الذي شابه تزوير بدرجة عالية، أم تعود للتصويت والفرز اليدوي، وهذه كلها تحتاج الى وقت لا يقل عن سنتين على أقل التقديرات، فمن وجهة نظرنا نجد أن حكومة السيد علاوي باقية على الأقل لسنتين قادمتين.
ما هي أولويات حكومة السيد علاوي؟
نجد أن الأولوية الملحة الأن هي في إرسال الموازنة العامة الى مجلس النواب والإسراع في إقرارها، ذلك لأننا الأن في الشهر الثاني من العام 2020 ومن غير المقبول أن تكون دولة بغير موازنة لغاية الآن، قد يقول قائل لقد حصل نفس الوضع عام 2014، أقول إن ذلك الوضع يختلف كونه كان عام انتخابات، بعد ذلك حصول خرق كبير في مناطق كثيرة من شمال وغرب البلاد، نتج عنه عدم إقرار الموازنة، والوضع الأن يختلف لأن مجلس النواب هو نفسه ولم يتغير، لذا فإن الأولوية الأولى هي إقرار الموازنة والمضي بالمشاريع الإستثمارية بدفع من الإتفاق مع جمهورية الصين الشعبية.
من أولويات السيد علاوي هي إظهار الحزم بوجه من يحاول خرق القانون، وتثبيت قانون من أين لك هذا، وتفعيل القطاعات الزراعية والصناعية لتنشيط القطاع الخاص، وتفعيل قانون لتقاعد العاملين في القطاع الخاص، بعد ذلك لن تجد عدد كبير من الخريجين وغير الخريجين يقف على أبواب الدوائر الحكومية.
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha