المقالات

شهداء في الدرك الاسفل


علي كريم

 

لا اخفي عليكم ما ينتابني من شعور مقزز مشوبٌ بالاشمئزاز وشيئ من هاجس التقيئ وربما حساسية شديدةٌ تعصف بكريات دمي السابحة في انفاق شرايني تأزني أزا  ، حينما ارى او اسمع جاهلا يتحدث عن العلم ، وبذيئاً يتحدث عن الاخلاق ، وعاهرا تتحدث عن الشرف ، وبغيا تتحدث عن العفة ، وقذرا يتحدث عن النظافة وبخيلا يتحدث عن الكرم  ولو أن كل من هؤلاء تكلم وفقا لأختصاصه لرأيتني استمع اليه وانصت شاخص البصر مشدوها  وكأن على رأسي الطير ...!

لكن ان تتحدث عاهرٌ عن الشرف فهذا ما لا اطيقه ، ولست اعني الاساءة لهذا العنصر الفعال في المجتمع ( معاذ الله ) فليست هنالك عداوة او ثمة بغضاء بيني وبين هذا العنصر ( المهم )من حيث المهنة فمهنتها محترمة ولها كامل الحرية في ممارسة طقوسها عبر لياليها الحمراء كما يحلوا لها ، ما دامت ضمن اختصاصها .!

ولست ادعي كذباً شدة ولعي بأهل الاختصاص واحترامي لهم والاخذ بآرائهم كثيرا بل والاذعان لهم في كثير من الامر .

ولا اكتمكم اني احد المغرمين  بالحكمة القائلة : اهل مكة ادرى بشعابها ، وبالمثل الدارج ( انطي الخبز الخبازته ) .

بات بعض المخبولين والجهلة وصغار العقول في الآونة الاخيرة يتبجحون بشعارات الوطنية متخيلين انفسهم احفاد جيفارا وغاندي ولوثر وجان دارك ، وهم قد قطعوا الشارع اربا اربا  واوقدوا النار في الطرقات واشعلوا لهيبها على غرار ما فعل نيرون الذي كان يتلذذ وهو يرى مدينته( روما) تشتعل   فيقفز مصفقا كالاطفال صارخاً : ياللهول مشهد رائع .!

فأهلكوا الحرث والنسل وافسدوا الارض بدعوى اصلاحها .!

ولعل حقيقة هؤلاء انهم لا يريدون الاصلاح فعلا ، فلو كانوا كذلك لترقبوا او لخففوا من خروقاتهم من اجل عين العراق الذي يدعون زورا وكذبا انهم مائتون دونه .

ثم ان سبب اصرار هؤلاء هو وجود الفتيات بصورة طاغية على الساحة وخاصة من فئة الصبايا الملاح اللواتي دجنهن الانحلال التكنولوجي الذي مُنينا به بعد سقوط صدام . والاختلاط السافر بلا قيد ولا شرط ، وتعطش الشاب العراقي الذي كثيرا ما عانا الحرمان بسبب ضنك العيش والحياة الصعبة وتوالي الحروب ، الى اشباع غريزته الجنسية اذا ما سنحت الفرصة ، ولعل المناخ والبيئة التي وفرتها هذه الثورة التي امست مشوهه ، هي من اعطت لبعض الشبان المراهقين طاقة  للصمود  طول هذه المدة ، ولعلهم لا يريدون اضاعة هذه الفرصة الثمينة التي حققت لهم كثيرا من احلامهم الوردية ولو كلف ذلك موتهم في سبيل حبيبةِ الصدفة التي هي الاخرى ستزداد اعجابا بهذا الثائر الذي نذر نفسه لها على مذبح الحرية ثم سرعان ما تنساه حينما تحتك بأحد الثوار الآخرين في حراك آخر يعج بالاختلاط الفاحش  وهكذا دواليك دواليك  .!

سمعنا وشاهدنا ولمسنا مخلفات الكثير من القصص المخزية ولعل اكداس قناني الخمرة واكداس العاريات اللواتي تم اجلائهن من تلك الاماكن المشبوهه خير دليل على انحراف تلك الثورة النبيلة التي اندلعت ذات اكتوبر مليئ بالدموع الثائرة والقلوب التي ملت الصبر .

اما الذين يصرون على نفي تلك الحقائق التي صارت واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار ، ماهم إلا كواضع كفيه على عينه كي لا يبصر الشمس المحرقة .

ولو  انا اخلينا هذه التظاهرات من العنصر النسوي ، لما رأينا لهؤلاء الشباب بعد هذه المدة من باقية  ولما افترشوا الارض ولا التحفوا السماء  كما رأيناهم طيلة  هذه المدة متحملين برد الشتاء وصقيعهِ .!

ولعل هذا هو سبب وقوف الشعراء على اطلال الحبيبة لفترة طويلة من الزمن .

من طريف مايحكى ان لأبي نواس بيتا من الشعر يسخر فيه من قصيدة الشاعر امرؤ القيس التي مطلعها :

قفا نبك من ذكرى  حبيب ومنزلِ

والبيت هو :

قل لمن ضل واقفا على رسمٍ درس ...

ما ضر لو كان جلس ...!

والغريب ان ابو نواس نفسه اوقف ثلاث ارباع حياته من اجل مطاردة النساء والغلمان .!

اصبحت غاية الكثير ممن يصرون على استمرار الخراب وقطع الطرق والاعتداءات وتعكير صفو امن البلاد وبث الرعب وسلب الطمئنينة عن أرجائهِ غير نبيلة، وكأنهم لا يريدون من العراق الجريح ان يستقر خوفا على مصالحهم واحلامهم الوردية ذات الصخب والعربدة .!

صرح الرئيس الجديد قائلا : استمروا بتظاهراتكم بسلمية واعطوني فرصة لاثبت لكم حسن نواياي فإن لم انجح اقيلوني .

لكن بما ان المغزى كما قلت مسبقا ليس هذا لم يعبأ به القوم واستمروا بأضرام النيران والتمرد والغوغائية بحجة حبهم للوطن ووطنيتهم ذات الفولتية العالية .!

ولعل هذه السبيل كثيرا ما سلكها المخربون ذوو النوايا الشريرة ، كما فعل معاوية من قبل  حينما حمل قميص عثمان شعارا للثأر لدمه وذريعة للنيل من علي .

وكما فعل صدام حينما راح ينشف دموعه المفتعله بمنديله بعدما امر بتصفية رفاقه في قاعة الخلد موهما الناس بأنه رجل الانسانيةالاوحد ، وكما فعل ترامب قبل ايام حينما جعل القدس عاصمةً لإسرائيل كبادرة لدعم السلام في الشرق الاوسط  .!

اما المسألة المهمة التي وددت طرحها وهي ان الكثير منا صار يوزع وسام الشهادة كيفما يشاء وبما تمليه عليه العاطفة وبمجرد ان يسقط الانسان صريعا في اي حرب او ثورة يمجدها هو ورفاقه متناسيا ان الشهادة ليست من الامور الهينة بل هي من الامور الدقيقة ذات الشروط المغلظة والا لما كان من يحظى بها اعظم درجة عند الله .

يحكى ان احد الفرسان جاء النبي يخبره بقرب استشاهد احد المقاتلين في صفوف جيشه ، فقال له النبي : انه من اهل النار .!

فتعجب الرجل ولكنه رجع لذلك الفارس واخذ يحثه على النطق بالشهادتين وهو موشكُ الاحتضار ، لكنه ابى قائلا : انا ما خرجت لإقاتل من اجل هذه وانما من اجل ثأئرٍ لي مع قريش .!

لم تعد ثورة اكتوبر ناصعة كبياض الثلج كما اول مرة ، الحق لقد تشوهت كثيرا واصبح الثوريون الحقيقيون يعافونها ويتنحون عنها جانباً ، لأنهم ايقنوا انها لم تعد تشرفهم بل ونبذوها وتبرؤا منها على غرارا مافعل ماركس حينما صرخ قائلا : انا لست ماركسيا ..! هذا بعد ان رأى نظريته تشوهت واتخذت منحى آخر وصارت سبة عليه .

الخلاصة لا بد علينا اليوم من ان نبعد المخربين الذين يتجلببون بجلباب الوطنية عن الساحة وخاصة القنوات التي لها الاثر الكبير في اشعال الفتن  كقناة الشرقية والحرة والرشيد اللواتي يتصدرن في بث الفتنة والفرقة بين ابناء الشعب العراقي بل والضرب بيد من حديد على كل من يريد خراب العراق ويدس السم في العسل .فالفتنة نائمة ولعن الله من ايقظها كما قال النبي ص .وكما قيل : من امن العقاب اساء الادب .

وفي الخاتمة اود التنويه على شيئ مهم جدا والحليم تكفيه الاشارة كما يقال .وهو :

ان استمر بقاء الصبايا الملاح في حالة احتكاك بهذا الكم من الفوضوية والانفلات المزري الذي لا تحده حدود ، فلا تتوقعوا من الشباب العودة الى بيوتهم بل سيفضلون النوم على قارعة الطريق ولو تبوء المنصب رجل من طراز علي ابن ابي طالب ...!.

*

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك