محمود الهاشمي
دأبت بعض القيادات السياسية بالعراق، على الصاق التهم واصدار التصريحات لمجرد ارضاء هذا الطرف الدولي او ذاك، دون النظر الى الحقائق ومدى تاثير هذا التصريح او البيان او التغريدة على الراي العام، وعلى مدى صدقية او عدم صدقية هذا الكلام! الاعلام المضاد من جهته سرعان ما يتلاقف التصريح وتبدأ التقارير والتصعيد وكأنها "فرصة" للانتقام وليس حقائق ومصلحة امة وغيرها!!.
آخر تغريدة للدكتور اياد علاوي تقول "ان ايران تريد منازلة اعدائها "امريكا" من العراق، ولعب دور شرطي الخليج العربي، كما كانت ايام الشاه"!!، وهنا نتوقف عند اول جملة "ايران تريد منازلة اعدائها من العراق" والسؤال : من هو عدو ايران؟ اليس امريكا؟ ايران دولة جارة للعراق وبينهما حدود تمتد على مسافة "1450" كم..
وامريكا تبعد عن العراق آلاف الكيلومترات، فمن هو الغريب في المنطقة امريكا ام ايران؟ هذا اولاً، وثانياً ان امريكا اعلنت موقفها الصريح في العداء من ايران حيث تُكرِه الحكومة العراقية للالتزام بحصار ايران اقتصادياً مع ان قرار الحصار فردي "امريكي" وليس له اي غطاء دولي، وبذا تريد ان تحارب ايران من داخل العراق...ومن الجانب العسكري فان الرئيس الامريكي ترامب خلال زيارته الى قاعدة عين الاسد وامام جنوده قال : "نحن هنا كي نراقب التحركات الايرانية" ويقصد "التحركات العسكرية" وهو دليل واضح ان امريكا تتواجد على ارض العراق من اجل "المنازلة" مع ايران، وبذا فان ايران "مجبرة" للدفاع عن نفسها !!.
وهنا نسأل. عن حادثة (مجزرة المطار )وكيف ان القوات الاميركية قامت بالاعتداء على موكب ضيف من ايران قدم الى العراق حاملا رسالة الى الحكومة العراقية ومعه مسؤول عراقي (الشهيد قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس ) وهو اعتداء سافر وفيه تجاوز على امن العراق وسيادته ،وجاء الرد الايراني صريحا وواضحا بضرب قاعدة عين الأسد التي تتواجد بها القوات الاميركية،فامريكا هي التي تبادر بالاعتداء ،وتجعل من العراق منطلقا لاعتداءاتها .
بعد غزو العراق من قبل القوات الامريكية وقوات التحالف تصدى العراقيون جميعاً لهذه القوات الغازية ووفقاً للاحصاءات الامريكية فان خسائرهم بلغت 7 الاف قتيل و (44) جريحاً ولا شك ان الرقم اكبر من ذلك بكثير، وهذا يعني ان الشعب العراقي رافض للقوات الاجنبية على ارضه، وان فصائل المقاومة بمختلف عناوينها ومسمياتها وعقائدها قاتلت هذه القوات الغازية وليس برغبة.(إيرانية) !
وايام كان الشاه شرطياً على الخليج ويركع له ملوكها وامراؤها، انما كان "عميلاً" لامريكا، فكيف لخصم امريكا، ان يصبح "شرطياً على الخليج"؟.
اعتراض د.اياد علاوي في معرض رده على تصريح للسيد علي اكبر ولايتي الذي قال "ان محور طهران، بغداد،دمشق، بيروت، فلسطين، سيكون محوراً واحداً لطرد الامريكان وحلفائهم"، ولا نعرف ما المزعج في هذا "التصريح" لقد خرج خمسة ملايين متظاهر في بغداد لوحدها يطالبون بخروج القوات الاجنبية ومجلس النواب العراقي الزم الحكومة بضرورة خروجها، في ذات الوقت فان ايران لديها نفس الرغبة وروسيا والصين ودول اخرى في العالم لها نفس الهدف فما "الخطوط الحمراء" التي تجاوزتها ايران؟ الدول التي اوردها السيد علي اكبر ولايتي هي دول فيها فصائل المقاومة وترى في القوات الامريكية واسرائيل خصماً لها فتوافقت على ذلك..
اما ان تساعد ايران الفصائل المقاومة فذلك امر طبيعي، فجميع حركات التحرر في العالم اعتمدت على الدعم الخارجي، ولولا فرنسا لما تحررت الولايات المتحدة من ربق الاستعمار البريطاني، ولما تحررت فيتنام من الاستعمار الامريكي لولا الدعم من قبل الصين والاتحاد السوفيتي!!
اما قول د.اياد علاوي "ان ايران تريد ان تلعب دور شرطي الخليج كما كانت ايام الشاه"، فهو مدعاة للطرفة، فلوا رادت ايران ذلك، لما تأخرت عنه، حيث لمرات عديدة طرحت امريكا على الجمهورية الاسلامية الايرانية ان تتنازل عن "عمقها الاستراتيجي" وان ترعى المصالح الامريكية في المنطقة والموافقة على صفقة القرن مقابل كسب رضا امريكا ورفع الحصار عنها! ان الذي يمنع ايران من ذلك هو ثوابتها الدينية والوطنية وترى في امريكا "الشيطان الاكبر"، وفي اسرائيل "غدة سرطاينة"..
ومما احتج عليه الدكتور اياد علاوي ايضاً ما جاء في تصريح ولايتي "ان محمد توفيق علاوي سينال الثقة"، هذا مجرد رأي مثلما حضرة د.اياد علاوي يتوقع ان ينال "الثقة" اي شخصية سياسية في العالم، فهل ان ولايتي استقدم جيشاً جراراً وحاصر فيه مجلس النواب العراقي حتى يوافقوا على نيل الثقة للسيد محمد توفيق علاوي؟ الدكتور اياد علاوي نفسه اكد في حوار اجري معه على قناة السومرية بان محمد علاوي ابن عمه، ومحط احترامه، وانه هو من منحه لمرتين منصبين، وهو من منحه ان يكون نائباً فلماذا ينزعج عندما جاء ترشيح السيد محمد توفيق علاوي عن طريق كتلة البناء مثلاً؟..
قبل ان نختم نقول الى جميع سياسينا ان فشل التجربة السياسية في بلدنا يتحمله الجميع ودون استثناء ومن يحاول ان يتنصل عن ذلك، فمجرد "وهم" اما قضية "صراع النفوذ" فهذا امر لا تنجو منه دولة قط، بما في ذلك الدول الكبرى، ولكن مهارة طبقة السياسيين هي من توفر الحصانة للبلد بعد ان تثق بنفسها وشعبها، وان التهم المبادلة لاتصنع وطناً.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha