حمزة مصطفى
مازلنا في موسم قطاف "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوصفها خطة سلام لحل القضية الفلسطينية. آخر أخبار الصفقة جاءت من بنيامين نتيناهو نفسه لا سواه حيث قرر التنازل عن طرح هذه الصفقة كجزء من برنامج حكومته. لماذا؟ لأن نصف وزراء حكومته ضد الصفقة لأنهم يرون إنها تنتهي بإقامة دولة فلسطينية. نتيناهو الغارق في الفساد حتى أذنيه أرادها بمثابة طوق نجاة له لاسيما إنه على وشك خوض الإنتخابات التشريعية الثالثة خلال عام في إسرائيل.
آخر أخبار الصفقة هو الرفض العربي الشامل لها سواء عبر مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة أوالبرلمان العربي في عمان مؤخرا. الموقف العراقي الذي عبر عنه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي كان متميزا جدا لجهة تثبيت موقف العراق الموحد حيال مايحاك ضد قضية العرب المركزية فلسطين. هذا الموقف هو الذي دعا البرلمانيين العرب الى إختيار رئيس البرلمان العراقي رئيسا للجنة المتابعة العربية.
آخر أخبار الصفقة إنه في الوقت الذي أعلن الفلسطينيون رفضا شاملا لها برغم كل خلافاتهم البينية, فإن خصم نيتياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قرر الظهور علنا في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في نيويورك خلال مناقشات مجلس الأمن للقضية الفلسطينية. صحيح أن ظهور أولمرت مع عباس لايمكن تفسيره على إنه موقف يعبر عن إنصاف من طرف إسرائيلي حيال الفلسطينيين بقدر مايدل على عمق الخلافات بين الأحزاب الرئيسية داخل الكيان الإسرائيلي التي فشلت لأول مرة وخلال عام كامل من تشكيل حكومة إئتلافية بأغلبية واضحة لهذه الجهة أو تلك.
موقف أولمرت هذا يمكن إستثماره فلسطينيا وعربيا لجهة العمل على تعميق الخلافات داخل هذا الكيان الذي لم يعد موحدا حيال العديد من القضايا ومنها صفقة القرن التي يفترض إنها هدية ثمينة من ترمب وفريقه الحاكم المتعاطف بطريقة فجة مع إسرائيل وعلى رأس هذا الفريق مستشار ترمب وصهره جاريد كوشنير اليهودي.
أعود الى العنوان. آواخر السبعينات قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارته الشهيرة الى إسرائيل. كانت مفاجأة صادمة بالفعل, فأطلق عليها الإعلام العربي المقاوم آنذاك "جبهة الصمود والتصدي" مثلما كانت تسمى "رحلة العار". إنتهت رحلة العار تلك بالتطبيع عبر إتفاقيات كامب ديفيد وبقيت القضية الفلسطينية دون حل. بعد ثلاث سنوات قتل السادات في حادث المنصة الشهير. بعد أكثر من أربعين عاما يحاول رئيس المجلس الإنتقالي في السوادن عبد الفتاح البرهان إخراج بلاده من قائمة الدول الداعمة للإرهاب. مسعى جيد ومحمود بل وضروري لاسيما أن نظاما شموليا باع كلاما على السوادنيين والعرب والمسلمين طوال ثلاثين عاما نتج عنه تكبيل السودان بكل أنواع القيود.
المفاجأة التي لم يكن يتوقعها حتى نتيناهو نفسه أن يطلب البرهان من أوغدنا التوسط لغسل سجل السودان من الإرهاب عبر تنظيم لقاء ولو خمس دقائق مع نتنياهو حتى يقتنع ترمب أن السودان صار دولة طبيعية وأن الفريق البرهان سيدخل تاريخ "الطشة" من أوسع أبوابه. نعم حصل ذلك لكن من نلوم.. ترمب أم نتياهو أم البرهان أم .. السيدة طنبورة الوحيدة من بين هؤلاء التي لم تكن تبحث فيما فعلت عن .. الطشة.
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha