سالم مشكور
بُعيد تكليفه بتشكيل الحكومة، أجاب السيد محمد توفيق علّاوي على سؤال مذيعة تلفزيونية حول دماثة خلقه وليونته وما إذا كانت ستؤثر على سياسته وسط ضغوطات من أطراف سياسية تملك ما لا يملكه هو من أدوات التأثير، كان جوابه: "الخلُق والدماثة لا يعنيان الضعف أبدا". الان تقترب المهلة الدستورية لتقديمه حكومته من نهايتها ولا أحد يسمع غير تسريبات متناقضة، فيما المؤشرات الأولية تشير الى صدق توقعات غير المتفائلين من دماثة خُلقه.
رئيس الوزراء المكلّف يصر على حكومة مستقلين، تماشياً مع رغبات المتظاهرين الساعين الى تغيير حقيقي، لكن هذه الرغبة تبدو شبه مستحيلة إذا ما أريد الوصول اليها بهذه الطريقة. لا يمكن في ساحة تتوزعها أحزاب اعتادت على الحصص السياسية والمالية وتهيمن على البرلمان أن تمرر حكومة مستقلين غير راضية عنهم أو غير ضامنة لتعاونهم السياسي والـ"المالي" معها. يؤكد عارفون أن كثيراً من المستقلين الذين تجري مفاتحتهم يجولون على الكتل لكسب رضاها و"تصويتها" مقابل التعهد بالتعاون والتنسيق معها فيما يفصح بعضهم عن تفاصيل عروضه لهذه الكتلة أو تلك. أي استقلال ستكون عليه هذه الحكومة؟. الخط الآخر الساخن هو البازار المالي الذي ينشط به من مارسوا السمسرة المالية في توزير الأشخاص في الحكومات السابقة. البعض يخشى من أن يترك الحديث عن صفقات مقابل كل وزارة، أثره على صمود الفريق العائلي -غالباـ المحيط بالرئيس المكلف، وبالتالي تكرار المشاهد السابقة وخسارة السيد علاوّي سمعته وهو من لا يختلف إثنان على نزاهته والتزامه الديني الحقيقي وسمو أخلاقه ونقاء سريرته. المشكلة أن هذه المواصفات قد تتحول الى ثغرات ينفذ منها أصحاب المصالح فيفسدوا ما يريد صاحبها عمله، ان كان سياسياً أو مرجعاٍ دينياً أو حتى رب عائلة.
البازار الاخر الدائر في عملية تشكيل الحكومة هو السياسي المحاصصي. فالكتل تعلن نهاراً انها لا تتدخل في اختيارات الرئيس المكلّف لكنها تخوض في الاجتماعات الليلية المغلقة نقاشات حادة حول الحصص بل وبعضها يصر على وزارات بعينها. الجانب الكردي الذي لا يرى نفسه معنياً بالتظاهرات ومطاليبها- وهو محق في ذلك بعد ان استهدفت التظاهرات المسؤولين الشيعة فقط- يصرون على بقاء حصصهم، والامتيازات التي وفرتها الفرصة الذهبية للحكومة الحالية لهم، والسنّة ينظرون بريبة الى مقولات الوزراء المستقلين فيما لا يتنازلون عن حصّهتم في الحكومة.
كل هذه البازارات توحي أن الكتل تتعامل مع الحكومة المرتقبة وكأنها حكومة دورة كاملة تكفي لجني ثمار سياسية ومالية للكتل، فيما المطلوب هو حكومة لا يتعدى عمرها السنة مهمتها اجراء انتخابات مبكرة ستكون، في حال نزاهتها وذكاء المطالبين بالتغيير في استثمارها لضخ دماء جديدة، بداية الإصلاح المنشود. وبغير ذلك لا يمكن تحقيق أي تغيير.
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)