حمزة مصطفى
قبل أكثر من 2000 عاما بنت الصين سورا أطلق عليه "سور الصين العظيم", وتم تصنيفه كأحد عجائب الدنيا السبع. فكرة بناء هذا السور دفاعية بحتة ضد هجمات العالم الخارجي الإفتراضية وربما الواقعية. تحول فيما بعد الى أحد معالم هذا البلد الذي يضم نحو ربع البشرية "مايقرب من ملياري نسمة" السياحية وحتى السياسية من الناحية الرمزية. فعلى مر العصور لم تفارق رمزية هذا السور فكرة حماية الصين من أعدائها الواقعيين والمحتملين برغم كل التحولات التي مرت بهذا البلد القاري الكبير الذي يقع على مجموعة كبيرة من البحار والمحيطات.
ومع أن الصين إختارت العزلة بدء من فكرة بناء السور حتى بعد إعتناقها العقيدة الشيوعية وتطور هذه العقيدة على عهد ماوتسي تونغ الى شبه إنغلاق كامل عما يحيط بها في العالم الخارجي, لكن إنعقاد المؤتمر الثالث عشر للحزب الشيوعي الصيني عام 1987 كان فرصة فريدة من نوعها بإتجاه تغيير وجه الصين العالمي وتوجهاتها الإقتصادية قبل الأيدولوجية. عقب التحولات الهائلة التي حدثت في الإقتصاد الصيني الذي تحول الى ثاني أهم إقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية باتت الصين اليوم كلها بمثابة أنموذجا عالميا مدهشا بل أعجوبة لايمكن إختزالها بسورها العظيم.
تجلت الأعجوبة الصينية الثامنة بقصة فايروس كورونا الجديد الذي بات يفتك بالصينيين يوميا وبالعشرات وبمئات الإصابات, بحيث تحولت الصين من حاضنة لهذا المرض الفتاك الى درع بشري هائل لحماية بقية أنحاء العالم من إنتشاره. صحيح أن كل إجراءات الصين الدفاعية والهجومية معا ضد هذا المرض الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية وباء عالميا تهدف في النهاية الى الدفاع عن سمعة هذا البلد وإقتصاده الذي بدأ يغزو العالم فضلا عن منافسته لأهم إقتصاد رأسمالي عالمي هو الإقتصاد الأميركي لكن السؤال الخطير الذي يتبادر الى الأذهان هو .. ماذا لو كان بلدا آخر غير الصين بؤرة هذا المرض وحاضنته؟
ولكي نكون موضوعيين فنقول ماذا لو كان بلدا من بلدان العالم الثالث أو حتى بعض بلدان العالم الذي بات يصنف على إنه متقدم حاضنة هذا المرض؟ هل كان يمكن أن تحصل كل هذه الإجراءات الحازمة والفعالة مثلما جرى ويجري في الصين؟ بل حتى الولايات المتحدة الأميركية نفسها وهي البلد الأول المنافس للصين في العالم إقتصادا وسياسة هل تستطيع بناء مستشفى متكامل في نحو 7 أيام؟
هل بمقدور دول كاملة بمن فيها دول أوربية فضلا عن نمور آسيا التي قفزت خلال العقدين الأخيرين بوصفها نماذج يحتذى بها أن تعزل مدنا بكاملها منعا لإنتشار المرض مثلما فعلت ولاتزال تفعل الصين؟ أي دولة بالعالم بل أي شعب عظيم بالعالم يقاوم مثل هذه المقاومة العجيبة الغريبة أحد أكثر الأمراض الفتاكة في هذا العصر دون أن يرف لها جفن؟
ولابد في النهاية من طرح سؤال خبيث سخيف لا معنى له .. ماذا لو ظهر لاسامح الله عشر معشار هذا الفايروس في دول الموز والبطيخ والباذنجان والنومي حامض وفلافل حيدر دبل وشربت حاج زبالة؟ الحل بسيط .. نعزل جبار أبو الشربت.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)