المقالات

"رسالة الأربعاء"/ عقل التجربة


د.أحمد جمعة البهادلي

 

تعبير "عقل التجربة" من كلمات أمير البلاغة الامام علي عليه السلام وهو يقول "العقل عقلان عقل الطبع وعقل التجربة" وفي قول له آخر "التجربة عقل ثاني" وهو منطق قرآني في بناء الانسان "أَحَسِبَ النَّاس أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ• وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ فَلَيَعْلَمَن اللَّه الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَن الْكَاذِبِينَ".. فالانسان بما هو انسان بطبعه مخلوق عاقل أي يفكر

وبشكل تلقائي وبه يتميّز عن سائر مخلوقات الله تعالى فالآيات في القران الكريم التي تشير الى حقيقة كونه يفكر بطبعه كثيرة وهي منتشرة في مختلف السور الكريمة.. "وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْض وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلّ الثَّمَرَات جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْل النَّهَار إنَّ فِي ذَلِك لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".. "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ أَنْبِئُوني

بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"..

وقد تفرّد دون باقي مخلوقات الله بهذه الميزة ميزة العقل والتفكّر وعليه ترتب أثر التكليف الذي توجّه للانسان وحده "حيث لا عقل لا تكليف وحيث لا تكليف لا جزاء"..

وهو وإن يأتيه التكليف بعد سن البلوغ غير انه يبقى -بالقوة ومن ثمّ بالفعل- المخلوق الوحيد الذي يتميّز بهذه الصفة "حمل المسؤولية"..

لكن "عقل الطبع" بالمبادرة مهما بلغ لا

يستغني عن "عقل التجربة" بالإكتساب

فما هو عقل التجربة؟ هو ما يدفع الانسان الى اعتماد التجربة في تطوير قدراته الفكرية فبالفكر تتطور التجربة وبالتجربة يتطور الفكر وهو سرّ ارتباط "التنظير بالتطبيق" ليحوز رجل التنظير بميزة التطبيق ورجل التطبيق بميزة التنظير..

تبقى "جدلية العلاقة بينهما" قائمة على قدمٍ وساق.. عقل جدير ينظّر ويؤدي الى تطبيق كفؤ وتطبيق متين يؤدي لقدرة عالية تنظيرية بالعقل.. من هنا كانت قيمة التجربة بتطوير قدرة العقل وقيمة العقل القوي بإدارة التجربة..

الحياة المعاصرة مظهر العقل بتوعية عقل الطبع وعقل التجربة فلا تتأتى كل التجارب لكل الأمم مما يعني بالضرورة

أهمية الاستفادة من تجارب الاخرين.. وهو ما يفسّر سرَّ عبور أصحاب العقول لحواجز الزمان والمكان.. وعلى سبيل المثال إنّ مكتشف نظرية الانعكاس الشرطي هو ابن سينا عام 980م وإنّ مخترع الاسبرين: هو شارل جيرهاردت عام 1853.ومكتشف أشعة X هو وليم رونتجن عام 1895.ومبتكر تقنية أطفال الأنابيب هو باتريك ستابتو عام 1979.

لكن هذه الاسماء لم تعد حكراً على بلدانهم.. فمن الأمثلة المعاصرة "الناڤاگيتر" الموجّه التلقائي لوسائط النقل المختلفة وبكل دقة مما يوفرّ وقتاً وجهداً وأمناً ويراعي مفاجئات الطرق وربما يتطور الى درجة الكشف عن الجرائم المحتملة قبل وقوعها وعن خيارات الطرق لتلافي متاهاتها واختزال الطاقة وعدم الإسراف بها وقد يقوم بتزويد سالكي الطرق قريباً بتعريف ثقافي عن المدن التي يمرّ بها السوّاق وما تمتاز به من عروض مغرية في أسواق البيع والشراء أو ترشيد سياحي للمسافرين.. وكذا تكون باقي المكتشفات والمخترعات التي تلعب دوراً أساسياً بتطوير الحياة الاجتماعية..

التراتبيات التقليدية المتعددة اختلفت عن التراتبية العقلية في تقسيم الناس والأمم فمنحنى التفوّق بينها لا يعكس

الفوارق بحجومها السكانية أو بمساحات

أراضيها أو بادعاءاتها العنصرية والقبلية بل حان وقت التفاضل بالقيم وإشاعة العدل وانتشال الشعوب المظلومة من ما أحاطها من مآسي وويلات والتطلع لصنع عالمٍ جديد ترفرف فيه رايات الحرية والحب والعدل والعلم ويطوي صفحات الاٍرهاب وانتهاك الحقوق الانسانية ومكافحة أنواع الفقر والفساد..

لقد استغرقت مسيرة الأمم وقتاً طويلاً مقترنةً بالعذابات والمواجع بحثاً عن سرّ

السعادة وسعياً للتخلص من أيّ نوع من أنواع الزيف المغلّف بقشور الشعارات الموهومة!! وها هو وقت الحسم يقترب ويؤذن بالوقوع.. }

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك