المقالات

هل ينجح رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بمهمته؟!


د.احمد الميالي

 

في خضم استمرار التظاهرات الشعبية في العراق وحالة الاحتقان السياسي السائدة في العراق كلف رئيس الجمهورية برهم صالح محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة المرتقبة المفترض منها ادارة المرحلة بشكل مؤقت لحين اجراء انتخابات مبكرة، جاء هذا التكليف لعلاوي بشكل مشابه لتكليف سلفه عادل عبد المهدي اذا لم تحسم هوية الكتلة الاكبر التي يقع على عاتقها تسمية مرشحها لرئاسة الحكومة وسارعت معظم الكتل السياسية الى تنصلها من هذا التكليف وما يختلف هذه المرة عن سابقتها ان الرئيس كلفه بناءً على مشاورات سياسية شفهية اشبه بالاستشارات النيابية في لبنان، ودعم هذا التكليف من قبل  تحالفي فتح وسائرون التي اكدت انه مرشح ساحات التظاهر لكن الواقع يؤكد ان اتفاقاً سياسياً تم بهذا الشأن يتطابق مع الاتفاق السابق بخصوص تسمية عبد المهدي .

قوبل هذا التكليف برفض من قبل المحتجين معتبرين علاوي شخصا لاتنطبق عليه شروطهم التي تتركز على تكليف شخصية مستقلة لم تعمل بالسياسة كما يعتقدون انه شخصية جدلية لاتحظى باشتراطات المرجعية الدينية بهذا الشأن، وقد يتصاعد هذا الرفض الذي يراهن على ارغامه الاعتذار عن التكليف ، رغم ان بعض المحتجين والناشطين دعوا الى اعطاء علاوي فرصة لادارة المرحلة المؤقتة والحكم عليه فيما بعد وفقا لقدرته بالنجاح بمهمته المقبلة. فور تكليف علاوي بتشكيل الحكومة اطلق حزمة من التعهدات للشعب العراقي تشكل اساس الحكم على نجاح مهمته من عدمها ، معظم هذه التعهدات هي مطالب واستحقاقات جماهيرية لكن رأى الكثير ان الايفاء بتلك العهود ضرباً من ضروب الاستحالة  لان جزء من متطلبات انجازها تقترن بالطبقة السياسية الحالية ومدى انسجامها مع هذه العهود التي تجهز بعضاً منها على ذات الطبقة السياسية كما انها تتعلق بملاحقات للحكومة السابقة قي ظل انقسام سياسي حول الموقف منها من حيث الدعم والاتهام، اذ وعد علاوي بفتح ملفات الفساد وهو من اعقد الملفات واكثرها حساسية لانه يطال قادة البلد الكبار ومعظم اطراف العملية السياسية ، اضافة الى تعهده بمحاسبة قتلة المتظاهرين وهذا وعد يصطدم بعوائق قدرته بالكشف عن الجهات التي قامت بذلك اذ يعتقد ان هذه الجهات قد تكون جزء من القوى السياسية التي اتت بعلاوي وكذلك ارتباط هذه الجهات واستلامها لتعلميات قنص وقتل المتظاهرين من قوى خارجية نافذة في العملية السياسية ولها ادوار فعالة في تسمية علاوي. ولهذا تبقى هذه اهم عقبات فشل حكومة علاوي ان كان جاداً في تنفيذ هذه التعهدات وقد يصطدم بعدم التصويت بمنح الثقة على حكومته فيما لو لمست الكتل السياسية انحيازه لانجاز هذه الوعود، كما انه لو اصر على ذلك فهذا سينعكس على اهم وعد تعهد به وهو تشكيل كابينة وزارية من الكفاءات المستقلة بعيدا عن ضغوطات القوى السياسية وهذا قد يكون مستبعدا فلا زالت الكتل السياسية تتصارع على منصب مدير عام واقل من ذلك فكيف بمناصب وزارية، كما ان بعض المكونات السياسية تعتقد انها غير معنية بمطالب المتظاهرين وان الاحتجاجات انما هي موجهة ضد قيادات سياسية محسوبة على الوسط والجنوب اذ من المستبعد ان تتنازل القوى السياسية الكوردية والسنية عن وزاراتها وبقية الدرجات الخاصة وغيرها في قبال شعور قوى شيعية بعدم الانصاف فيما لو تخلوا عن وزاراتهم وهم يشعرون ان حتى منصب رئيس الوزراء لايمثلهم سياسيا على خلاف مناصب رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية، ولهذا اما ستمرر الكابينة وفق المحاصصة السياسية التقليدية مع دفع شخصيات تمثل المكون الشيعي على انها مستقلة لكنها ليست بعيدة عن ترشيح احزاب هذا المكون لها ودعمها لهم، او  سيلجأ تحالفي الفتح وسائرون ومن باب تحقيق التوازن الى سحب الغطاء التشريعي عن منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان في حال اصرار أحد مكوّنات البيت السُنّي او الكردي او كلاهما على تحصيل مكاسب لهما في حكومة علاوي، اما خلاف ذلك فمن المستبعد ان تنال حكومة علاوي الثقة.

مع ذلك ولفرض ان هذه الحكومة ستعزز ببعض الشخصيات الكفوءة وان كانت مدفوعة من الكتل السياسية  فهي ترتبط باحراز الامور الاتية لتكون اهم معالم نجاح حكومة علاوي،  والفشل بذلك يعني فشل مهمته بالكامل والعودة لحالة التذمر والاحتقان واستمرار مضاعف للاحتجاجات:

١-تقديم شخصيات مهنية كفوءة لكابينته الوزارية تستطيع طمأنة الشارع المحتج وايضا يستطيع من خلالها تقوية الاداء الانجازي للحكومة يعمل على اصلاح الاخفاقات السابقة مع مراعاة كيفية اقناعه الكتل السياسية بهذه الاسماء او ان يعمل على وضع مواصفات محددة للكتل السياسية في حال تصديها لفرض اسماء للوزارة مع رفضه التجديد لشخصيات استوزرت الحكومة السابقة. اضافة الى تعزيز الحضور النسوي في الكابنية الحكومية.

٢-تعهده بتنفيذ مطالب المحتجين ومطالب المرجعية الدينية ان تكون مرحلة ادارة الحكومة ادارة مؤقتة ترعى الظروف المؤدية الى اجراء انتخابات مبكرة نزيهة وهذا يجب ان يقر بالبرنامج الحكومي الذي يراعي هذا المطلب بالاساس ومايعمل على انجاحه وعند التصويت البرلماني على المنهاج الحكومي  يكون لزاما  على البرلمان حل نفسه والدعوة الى انتخابات مبكرة، واهم مهام نجاح عمل الحكومة هو ضمان نزاهتها من التزوير والتلاعب والتأثير على الناخبين وتقليص ومبارزة المال السياسي والتأثير الخارجي على الانتخابات ، مع ذلك ان لايعمل رئيس الحكومة المكلف عند تكليفه بفتور وعدم حماسة لكون مهمة الحكومة مؤقتة انما العمل بكامل الصلاحيات خاصة ان فترة اقامة الانتخابات بعد تشكيل الحكومة وماتحتاج هذه المرحلة من مدد زمنية ليست بقصيرة ايضا بعد اقامة الانتخابات ومخاضات تشكيل الحكومة القادمة تحتاج الى وقت وهذه مراحل زمنية يجب ان تستغل للانجاز والعمل وعدم الاسترخاء والتهاون.

٣- العمل على الاسراع بتقديم قانون الموازنة العامة للدولة تتضمن استحقاقات تغطية اجراء الانتخابات المبكرة اضافة الى مراعاة معطيات الاوضاع السياسية ومطالب المحتجين الاقتصادية والاجتماعية وتقديم مقترحات قوانين تضمن ذلك، ايضا تقديم مقترحات قوانين واتخاذ قرارات واوامر ديوانية عاجلة بفتح ملفات الفساد وتشخيص مسبباته واعلانها للرأي العام، اضافة الى تقديم خطة عاجلة لحصر السلاح بيد الدولة وانهاء حالة الفوضى وعدم انفاذ القانون السائدة في البلد.

٤-استكمال عملية الاصلاحات الداخلية في البلد من التلكؤ الاداري الى تفعيل القطاع الصناعي ودعم القطاع الزراعي وقطاع النقل والطاقة والرياضة والموارد المائية  والتربية والتعليم والصحة والامن ومتابعة عمل الوزراء المعنيين  بهذا الخصوص وهذا لن ينجز الا  بتحييد دور الاحزاب والكتل السياسية وهيئاتهم الاقتصادية من التوغل داخل عمل الوزارات ومنعهم من تمرير مرشحيهم للدرجات الخاصة وغيرها ، وتفعيل عمل مجلس الخدمة الاتحادي فيما يخص توزيع الدرجات الوظيفية بشكل عادل لمستحقيها.

٥-الاستعداد لوضع مقاربة وطنية للمواجهة الوشيكة مع اقليم كردستان فيما يخص قانون الموازنة خاصة ان هنالك عزم من بعض الاحزاب في التشدد بالتعامل مع كردستان فيما يخص حصته من الموازنة وعدم تكرار التساهل والتراخي الذي تعامل به عادل عبد المهدي مع الاقليم.

٦-ادارة ملف العلاقات الخارجية بعيدا عن التجاذبات السياسية والانحياز لجهة او طرف والعمل عل تحيدد الصراعات الاقليمية والدولية في الساحة العراقية عبر وضع ضوابط الرقابة  على هذا الملف واضعاف او محاولة انهاء التأثير السياسي الخارجي على العملية السياسية العراقية ومصارحة الرأي العام عن الضغوطات التي تمارس على الحكومة بهذا الصدد.

هذه المهام هي ابرز معايير ومعالم وتحديات نجاح رئيس الحكومة الملكف .

فرص نجاح وفشل محمد توفيق علاوي متساوية ، ونجاح استمراره بالتكليف وتشكيل الحكومة مرهون بموقف المرجعية والشارع رغم ان المرجعية لم تبدِ رأيها صراحة بالسلب او الايجاب، إزاء عملية التكليف. الا انها تحفظت على الخطبة السياسية في الجمعة الماضية ما يعني انها متحفظة مبدئيا على آلية التكليف،  ومن المرجح أن يستمر هذا التحفظ من المرجعية لكنها ستطالب الرئيس المكلّف بـالجدية في تنفيذ ما هو مطلوب منه وماتعهد به وتحديدا إجراء انتخابات مبكرة من جهة، وانجاز مطالب المحتجين من جهة أخرى، وخلاف ذلك فانها ستقف ضده، اما الشارع فسيستمر برفض حكومة علاوي سواء نالت الثقة ام لا لحين تنفيذ وعوده باجراء الانتخابات وتحقيق مطالب المتظاهرين الاخرى وخاصة مواجهة الفاسدين والكشف عن من استهدفهم.

رغم ان الانتخابات المبكرة ترتبط برغبة القوى السياسية واستعداد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فان تقدير  وقت اجراءها وفقا للظروف الانية ، قد يكون عام ونصف ، اي الدخول بعام ٢٠٢٢ وهو اصلا عام اجراء الانتخابات العامة وليس المبكرة وهذا مايرجح ان يحدث في افضل الظروف.وهذا يعني ان الازمة ستستمر طيلة هذه الفترة.

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك