المقالات

هل من مصلحة ايران ان يفوز (الأصوليون ) بالأغلب من مقاعد ((الشورى))؟


محمود الهاشمي

 

 

حاولت جهات عديدة ان تجعل من فوز الأصوليين  "المحافظين" في مقاعد مجلس الشورى الايراني وكأنه انتكاسة للديمقراطية، وعودة الهيمنة المطلقة لـ"المتشددين" في ادارة دولة تعاني من حصار اقتصادي فرضته الولايات المتحدة منذ اربعين عاماً، اي على مدى عمر الثورة في الجمهورية الاسلامية..

لاشك ان –البعض- لايتصور ان دولة تحكمها ادارة دينية وعقيدة دينية يمكن لها ان تصمد كل هذه المدة الزمنية في وجه دولة بحجم الولايات المتحدة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفرد امريكا.

ان فوز "المحافظين" في مجلس الشورى الايراني لايمت للغرابة في شيء ، فجميع التجارب الديمقراطية في العالم تعيش صراعاً دائماً بين "المحافظين والاصلاحيين"، وغالباً ما يتم التناوب في ادارة الدولة بين هذا التيار والآخر، فيما تسير امور البلاد بشكل طبيعي، فمثلاً ان الصراع بين الحزب الجمهوري "المتشدد" وبين الديمقراطي "الاكثر انفتاحاً" في الولايات المتحدة قد رافق تاريخ امريكا وبريطانيا من قبل وحتى يومنا  ،وهذا التناوب في ادارة البلد بين هذين التيارين على مستوى العالم المتقدم يمثل "الثيمة" التي تبقي النظام وتديمه، مع الفارق في نوع العقيدة الحاكمة في ايران "الاسلام" وبين الاحزاب الليبرالية في امريكا والغرب عموماً، وما في ذلك من فرق بين قيم الاسلام الحنيف ومبادئه السامية وبين الاحزاب في الغرب التي ترى في استعباد الشعوب ونهب ثوراتها منهجاً لها.

ان واحدة من اهم اسباب نجاح التجربة السياسية في ايران بعد عام 1979 م، هو ان "الاصولية" لديها، ليس ان تخنق ارادة الشعب وتمسخ هويته وتمنعه من ان يمارس نشاطاته الانسانية واعمار البلد والنهضة الحضارية بدعوى انها "مخالفة للدين" كما يشاع لدى الثقافات الغربية وغيرها ..فالثورة الاسلامية في ايران منذ انطلاقتها تركت فسحة كبيرة للاحزاب والتيارات السياسية ان تتحرك وتساهم في بناء الوطن، كما منحت الحرية للاحزاب الاسلامية، فالتيارات الاصولية نفسها فيها تنوع في الشخصيات فمنهم من يميل الى الاعتدال وعلى راسهم الشيخ اكبر هاشمي رفسنجاني رفيق الامام الخميني "قدس" واحد اعمدة الدولة منذ انطلاقها وحتى وفاته والى "الثورية" مثل رئيس الجمهورية السابق محمود نجاد، وهكذا، مثلما هنالك في التيار الاصلاحي آراء ومسميات وعناوين مختلفة، لكن الجميع هم نتاج فكر وعقيدة "ولاية الفقيه" بما في ذلك الرئيس الاسبق محمد خاتمي..

ان هذا "التناوب" في ادارة الدولة تفرضه ظروف داخلية وخارجية، وان "الإسفنجية" التي يتمتع بها نظام الحكم في ايران تجعله يمتص جميع الضغوطات، والا فان الثورة تواجه ايامها الاولى حرباً على مدى ثمانية اعوام وتخرج متعافية لتبني وتعمر وتزرع، لايمكن الا ان تكون فيها "استثنايئة"..

ليس قادة الدولة هم من يصممون لوحدهم مستقبل البلاد، انما في ايران تتعدد المؤسسات لتمر عبر سلسلة مرشحات تمتد من مجلس الخبراء، وصيانة الدستور، ومجلس تشخيص مصلحة النظام وصولاً الى مكتب القائد  السيد علي خامنئي الذي يضم  عدداً كبيراً من مراكز الفكر والاستشارة، بعد ذلك هناك العشرات من مراكز البحوث والدراسات، وعملية ربط جميع هذه  الجهات بالوزارات وهكذا...

الاصلاحيون  منحوا فرصة ادارة الحكومة منذ عام 2016، ولهم الغالبية في مجلس الشورى وكان الشعب يرجو فيهم صلاحاً وخيراً في حل المشاكل التي يعاني منها البلد خاصة من الجانب الاقتصادي  لكنهم فشلوا  في تحقيق الوعود الانتخابية وعدم النجاح في ادارة الملف "النووي" (5+1) ..كل ذلك قد غير من موقف  الشعب اولاً ومن القيادات السساسية والدينية فيهم ،  على  الرغم من المساحة الكبيرة التي منحت للاصلاحيين في ادارة جميع الملفات، وعلى الرغم من اعتراضات "المحافظين" على العديد من سياساتهم  خاصة في العلاقة مع امريكا..

السؤال الذي ياتي طرحه: لماذا ابعد مجلس صيانة الدستور- باعتباره المشرف على اسماء المرشحين-، الاغلب من اسماء "الاصلاحيين"؟..

المتابع للشان الايراني يدرك ذلك دون الحاجة الى الاعلام الذي ربما يتحفظ في الاجابة على ذلك، لان جميع الاسماء والعناوين هي محط تقدير واحترام، ولكن الجواب الحق ان البلد يمر بتحديات كبيرة و"خطيرة" ويحتاج الى وقفة تعيد انتاج وصناعة الدولة بالشكل الذي يحافظ على القواعد والثوابت التي من شأنها ربما ان تسبب أو تضعف  الاسس وتفقد  العقيدة الحاكمة تماسكها والهدف الذي انطلقت من اجله ، وواحدة من هذه (الثوابت) الحفاظ على شعار الدولة (لا شرقية ولا غربية) وان (امريكا الشيطان الاكبر) ، وان العودة للاصول تمنح الدولة قوة و منعة لمواجهة جميع التحديات .. لذا فان محاسبة المرشحين لملجس الشورى جاءت وفق سياقات (صعبة) و (محاكمة) اصغر الامور ، فعلى سبيل المثال ان مجرد (رشوة) بسيطة في مكتب احد المرشحين ودون علمه كانت سببا في حرمانه من الترشيح !!.

ليس هنالك من (عداء) ضد احد او (صراع) قد يفهمه البعض ، فسقف (ولاية الفقيه) هو الحامي للجميع وان هؤلاء الذين تم رفض اسمائهم  سيبقون (اصدقاء) للثورة و (الولاية) وان يعيدوا النظر بما صدر عنهم ، لذا لم يصدر  عنهم  (نقد ) أو (تجاوز) على سياقات الترشيح ،انما هو احترام لسياقات ، وليس هنالك من مرشح تم حذف اسمه الا وابلغ بالسبب دون (التعريض) به !!

الايرانيون يدركون مخاطر ما تمر به المنطقة ويعلمون ان من انخرط مع المشاريع الامريكية تحول الى (مسخ) كما يحدث لقادة دول  الخليج ، فيما القيادة الايرانية موضع تقدير واحترام حتى لدى خصومها .

أن واحدة من اسباب قوة اي بلد ، هو التمترس في اللحظات الحرجة لمواجهة الخصم ، وان الصبر لساعة خير من مذلة على مدى الدهر.

المحافظون من جهتهم ،وبعد ان تصدروا مقاعد مجلس الشورى ،فان المسؤولية باتت عليهم كبيرة ،حيث مازال امام حكومة (الاصلاحيين)برئاسة الشيخ روحاني (18) شهرًا ،وبذا فان التعاون مطلوب من الجهتين ،

كما ان التحديات التي واجهت (الاصلاحيين )قائمة ،وان الحصار الاقتصادي ليس سهلًا مواجهته ويحتاج الى (تعاون) مشترك بين السلطات .

ايران تراهن على الزمن ،وتدرك ان امريكا منسحبة من الشرق الأوسط ،وان التفاوض معها ((ضعيفةً)) غير التفاوض معها ((قويةً ،))وان سلسلة الضغوط الاميركية (المفرطة )على ايران تشبه ضغوط أخرى على جميع الدول التي تقف امام مشاريعها لذا ،فان (الانتظار )والمراهنة على (ظرف قريب) سيأتي بالولايات المتحدة (طيعةً) ،فمن منا كان يصدق ان امريكا ستفاوض (طالبان) وتقرر الانسحاب بعد عام

وبعد ان تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والأموال ؟

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك