منى زلزلة
عشت حياتي أدافع عن حقوقها ،وأطالب بالعدل تارة ،والمساواة تارة اخرى .وأحث البنات على الحركة والنشاط لتحمل أعباء الحياة ،وكل مسيرتي في الحياة رافقتني بنات ونساء وعجائز كنت أقتدي بصبرهن وتضحياتهن ونشاطهن ،
لكن لم أفكر يوما -لكثرة الظلم الواقع على المرأة - أن أنظر نظرة شمولية لواقعها وأحتياجاتها وأمتداداتها!
لم أفكر ان المرأة هي جزء من أسرة ،قلبها يخفق لاجل كل فرد فيها ،إن كيانها تجده جزء من هذه الاسرة ،ولاتستطيع ان تنفك عنها ،إنها الرحمة التي تربط أفراد وأٰسر ،إنها الرحم الذي خرجت منه الأجيال ،وهي العاطفة التي تحضن فيها المراة كل افراد اسرتها .
فكانت البنت أم أبيها وكانت الأخت ام أخيها وكانت الزوجة سكن زوجها ، لم نفكر بحماية هذه الرحمة والعاطفة والدفاع عنها كما دافعنا عن حقوقها الأخرى،
لم نفكر أن نسنّ القوانين لأبقاء شعلتها متقدة ومنبعها لاينضب ان نشرع قانوناً يحمي تواجد العاطفة داخل الأسرة (سواء براتب لربة البيت أو تقليل وقت تواجد الموظفة خارج الأسرة أو الخ)،.
المرأة مهما كان موقعها داخل الأسرة هي مصدر إشعاع لهذه الرحمة:- زوجة ،أم ،جدة، حفيدة، عمة خالة الخ ، لهذا اسقط الله الحجاب عنها لتشع الرحمة والتوادد والمحبة داخل الاسرة ، ولاتقف حواجز وموانع المدافعة والمطالبة للحقوق والمزاحمة في العمل صداً أمام إشعاعاتها .
النظرة الشمولية تتطلب منا إنماءهذه المصادر المشعة للرحمة كما ننّمي عندها الشجاعة والحياء والفصاحة للمطالبة بحقوقها ، فحاجة البنت لتحصل على الرحمة والحنان من والديها ضروري لتكون مصدراً لهذا الود والسكن في المستقبل ، فمن الطبيعي نجدها تتمتع بلعب دور مربية لدميتها لتكون بالمستقبل ام لأطفال في أسرتها والأهم من ذلك دورها في حماية الرحمة والتواد داخل الأسرة مهما كان موقعها فيه .
ففقدان هذه الرحمة يجعل البيت جحيما عليها اولا وعلى أفراد بقية الأسرة ، وبقدر مايكون القانون والقوة فاعلان في جلب الحقوق للمرأة وإسعادها في التمتع بحقوقها ، بقدر مايكونا مؤلمان وجارحان لنفسيتها اذا كان الطرف الظالم لها من داخل اسرتها !!
ان الحياة الجافة من الحب والعاطفة والرحمة تجعلنا نلهث وراء ها خارج الأسرة وهي تبتعد عنا كالسراب .
أقول هذا الكلام عندما رأيت دموع أرملة تبحث عن عمل فلما اقترحت لها عدة أعمال قالت لي بيأس اكبر :- يا أبنتي ان ابني عاطل عن العمل وهو أحق مني بالعمل ليسد طلبات حياة أسرته ،الى متى يبقى اليأس والسهر والإحباط يأكل وقته وأنا خارج البيت أخدم بالبيوت لأٰطعم أطفاله!!!!!
تحرقني دموع دكتورة تعمل ليل نهار وزوجها محبط يعيش الادمان واللهث وراء الملذات تقول لم تنفعني اموالي وكدي وتعبي في حفظ سعادتي !!!
وكثير من النساء اليوم اللاتي توفقن بجهادهن ونضالهن ان يؤمنن لقمة العيش لاسرهن لكنهن لم يتح الزمان لهن ان يكونن مصدر للعاطفة والرحمة والحنان سواء داخل الأسرة لفقدان الوقت لتتواجدفيها ولاخارجها لأن العاطفة تجفٰ في حياة التنافس القاسي لنيل الحقوق
نعم ، لم اتفاجأ اطلاقاً من مرض نقص العاطفة والحنان الذي يبتلى به اليوم الرجال والنساء العاملون الكادحون لنيل لقمة العيش لأسرهم.
لم أستغرب من دعاء امرأة فرعون التي ملكت من الحقوق والقصور مالم تملكه المرأة اليوم ،عندما طلبت من الله ان يبني بيتاً لها عنده!!
بلى ، لان الله هو الرحمن الرحيم !
والمراة هي التي اجتباها الله لتعكس هذه الرحمة لمن يخفق قلبها لهم ،او سكنوا في رحمها .
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)