المقالات

ابعاد أستراتيجية للقمّة الروسية التركية في موسكو و للقمة التركية الأوربية في بروكسل


د . جواد الهنداوي*

 

                 القمة الأولى  انعقدت في موسكو بتاريخ ٢٠٢٠/٣/٥ ، بين الرئيسين الروسي و التركي و بمشاركة وزراء خارجية و دفاع كلا البلديّن .

                 انتهى الاجتماع ببيان صحفي مشترك للرئيسيّن معلناً الوصول الى اتفاق وقف إطلاق النار ، واعتباراً من التاريخ المذكور اعلاه ،الساعة الثانية عشر ليلاً .

             للقمّة نتائج آنيّة ميدانية و عسكرية ، و أخرى استراتيجية وسياسية و ذات ابعاد إقليمية و دولية ، وستظهر ( و اقصد النتائج ) بالتقسيط وبمرور الزمن .

             اول النتائج الميدانية لقمة موسكو هو اجتماع لجان عسكرية فنية روسية و تركية اليوم في إسطنبول لمتابعة وقف إطلاق النار وتثبيته و معالجة الخروقات . سرعة الاجتماع بين اللجان يدّلُ على جديّة الاتفاق و حرص الطرفيّن  على تنفيذه .

            قمة موسكو أظهرت قدرة الروس على حسن استخدام سياسة الجزرة و العصا ، أظهرت قدرتهم على التوظيف الناجح و المُثمر لقوتهم و دورهم العسكري في سوريا ،حيث استطاعوا ،دون حرب شاملة و واسعة بين الجيش التركي والجيش السوري ، جلب الرئيس التركي ، وبرغبته ، الى موسكو . كان الرئيس التركي ، وبعد الخسائر البشرية والمعنوية التي مُني بها الجيش التركي ،  حريصاً وعلى عجالة لعقد اتفاق وقف إطلاق النار مع الروس ،في أدلب .

        أمريكا ادركت ،في اللحظات الأخيرة ، نيّة الرئيس اوردغان بالاستسلام او بالرضوخ للشروط الروسية ، لذا سارعت بترطيب الأجواء مع الرئيس اوردغان فأستبدلت رفضها الصريح على تزويد تركيا بمعدات قتالية متطورة ، بزيارات لمسؤولين امريكين الى الحدود التركية السورية (الى معبر باب الهوى )، و تبنيهم تصريحات وديّة و تضامنية مع تركيا و استعداد من الإدارة الأمريكية بتزويد الجيش التركي لما يحتاجه من ذخيرة و أسلحة باعتباره شريكاً استراتيجياً وحليفاً في الناتو .

        سياسياً ، نجحت روسيا والتي تمثل سوريا وإيران وحزب الله في املاء شروطها على الرئيس اوردغان ، و ادرك الرئيس اوردغان ، مرّة اخرى ، بأنَّ روسيا و ليس امريكا مَنْ وجدَ حلاً لمأزقهِ .

      تمّرسَ المحور الروسي الإيراني السوري على التوظيف الناجح لأخطاء القائد اوردغان : اصراره على الخيار العسكري وعلى القتال في سوريا و على استخدام الارهابيين وهو يعلم بأنَّ روسيا هي مَنْ في الساحة هي اخطاء استراتيجية  !

     ليتَ الرئيس اوردغان يعي و يضع في حساباته المعادلة السياسية التالية"  الأمن القومي السوري هو أمن قومي روسي " ، لا يمكنه ان يضمن امن تركيا على حساب احتلال جزء من الأراضي السورية وبمعونة جماعات ارهابية مسلحة .

        استراتيجياً ، استوعب الرئيس اوردغان درساً عسكرياً ، فحواه " أنَّ القتال في سوريا خلف او مع الإرهابين  ليس نزهة " ، حيث اظهرَ حلفاء سوريا (المستشارين الإيرانيين و مقاتلين وحدة الرضوان التابعة لحزب الله  ) ، قدرتهم و إمكانياتهم .              

        يحاول الرئيس اوردغان استعادة ما فقده من مكانة و دور ، من خلال القمة الأوربية التركية المشتركة و المنعقدة اليوم في بروكسل ، وكذلك القمة التركية الناتوية ( حلف الناتو ) ،والمنعقدة في ذات التاريخ والمكان . هي قمم ، وضعْ الرئيس اوردغان فيها متكلم و ليس مستمع (كما الحال في قمة موسكو ) ، تحدثَّ  الرئيس اوردغان عن مشكلة اللاجئين و طالبَ بدعم مالي ، و ردّدَ أسطوانة فتح الحدود وطالب اليونان واوربا بفتح حدودها لاستقبال اللاجئين .

        سياسياً ، يعرفُ الأوربيون التوظيف السياسي التركي لمشكلة اللاجئين السوريين ، مثلما يعرفُ الروس التوظيف التركي للجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا . و لمْ تتردد السيدة أورسولا رئيس المفوضية الأوربية بالتصريح علناً يوم امس ، عشية زيارة الرئيس اوردغان الى بروكسل ، بالقول بالاستغلال السياسي التركي لمشكلة اللاجئين .

     كلُ ما سيكسبه الرئيس اوردغان من زيارته الى بروكسل هو  استرجاع بعض مما فقده ، على الصعيد المعنوي والسياسي ، في قمة موسكو .

* سفير سابق /رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك