المقالات

إختلاف على أصل القضية


واثق الجابري

 

يعبر مشهد صعوبة إختيار رئيس مجلس وزراء، لحكومة مؤقته أو إنتقالية، وكم المتقدمين والمتنافسين ومن يطمحون والمرفوضين، يعبر عن الهوة بين الطبقة السياسية في ما بينها من جانب، ومع جماهيرها من جانب آخر، وإنقسام الجماهير على نفسها، كأنقسام أكثر خطورة من إنقسام القوى السياسية، في حين أنه رئيس مجلس وزراء أيْ وزير أول  وتحت رقابة البرلمان، والجماهير يحق لها التظاهر من مصدريتها للسلطات، فكيف اذا كانت السلطات مقسمة بين القوى السياسية دون نقاش؟!

في طبيعة الديموقراطية، تنقسم القوى وتجتمع، كمسألة طبيعية نتاج نظرية إختلاف الرأي الذي لا يفسد وداً في القضية، ولكن الإنقسام غير صحي إذا كان الإختلاف على أصل القضية، ولكن للجماهير أهداف  واحدة وإن إختلفت الآراء بعدم إنسجامها مع الأطاريح والأفعال السياسية، فهي ثابتة على أصل القضية، إلاّ إذا كانت لها غايات سياسية لا تختلف عن تلك السياسية التي تعترض عليها.

 ما يزال العراق يشهد جدلاً سياسياً على آلية إختيار رئيس مجلس وزراء، مناطة به مهام محددة للإعداد لإنتخابات مبكرة، تحسم الجدل حول من يكون له الأحقية بالتمثيل الشعبي، ولكن الإختلاف مرة يعبر عن مصلحة وطنية، وآخرى عن شخصية وحزبية ومناطقية وطائفية، ما جعل الأطراف تضع شروطاً تعجيزية لبعضها، وكأن الثقة تعود بشروط تعتقد أطرافها، أن لا ثقة بالآخر وأن أقسم بأغلظ الأيمان.

 إقتصر الشارع السياسي المتظاهر، على مناطق شيعية بذاتها، وكأن التقصير فقط لدى من يمثلها برلمانياً وتنفيذياً، والواقع يشير الى قرار سياسي وتقصير لا يُحمل على طرف دون آخر، في حكومات بنيت على التوافقية، وفشل تكليف علاوي خير دليل على أن الحكومات لا تمرر دون موافقة السياسيين السنة والكورد، وهكذا بقية القرارات، سوى قانون إخراج القوات الأجنبية، الذي ما يزال يُشكَل عليه من أطراف رافضة له، رغم مشروعية تصويت الأغلبية، ويعتبره المعترضون تعارضاً مع المصلحة الوطنية وجاء بدوافع عاطفية.

 كل التظاهرات في المناطق الشيعية، حتى في العاصمة بغداد لم تُشارك فيها مكونات آخرى، وهذا ما يؤشر الى إنقسام مجتمعي كمنعكس للأراء السياسية والتأثيرات الإعلامية، رغم أن بقية المكونات تسجل ملاحظات على طبقتها السياسية، وحال المناطق السنية هو الأسوأ، في ظل نازحين فقدوا منازلهم وأموالهم وشبابهم، نتيجة  تضليل سياسي لم يعترف بشكل كامل بأصل العملية السياسية رغم وجودهم فيها، وكورد يشعرون أن الأفعال السياسية هنالك، ناجمة عن صراعات حزبية على تولي القيادة، وهذا ايضا في المناطق السنية والشيعية، لذا إعتقد السياسيون أن السلطة و الفساد يؤدي  أحدهما الى الآخر.

إن الخطورة تكمن بالإعتقادات التي تجذرت في المجتمع، وإعتقدت أن المصالح الطائفية والمناطقية هي المنطلق للمصلحة الوطنية، ولكن العكس ان المصلحة الوطنية تحقق عدالة مكوناتية ومناطقية وقومية على حد سواء، وحتى المتظاهرين لم  يوجهوا الإنتقاد بعد فشل علاوي، الى الأطراف التي  سعت لترسيخ المحاصصة الحزبية، وجعل السطوة الحزبية منهاج الدولة العراقية.

 من الأخطاء الكبيرة التي وقعت فيها الطبقة السياسية الشيعية؛ أنها قبلت بصياغة معظم القرارات بالتوافقية، ظناً منها أن التنازل لن يؤثر مستقبلاً على حقوق الأغلبية الشعبية، ولكن الواقع هو تراجع الخدمات ومعدلات الفقر والتعليم والصحة، معتقدةً على أنها الأخ الكبير والأوسع قلباً كما يسمونه، وعليها تحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، ولكنها تنازلات من حقوق الجماهير دون الإمتيازات الحزبية، وهذا ما أوقع عليهم الجزء الأكبر من الفشل، بإعتبارهم يشغلون أغلب المناصب التنفيذية والتشريعية، وبذلك حصتهم أكبر في مواطن الفساد، والحقيقة أن لهم شركاء منعوا معظم القرارات بما فيها السيادية، وشكلوا بذلك عرقلة تطبيق حقيقة النظم السياسية في العراق.

الإنقسام السياسي كان وما يزال معرقل عمل الدولة العراقية، ولكن الأخطر هوالإنقسام المجتمعي، الذي سيشل الدولة العراقية، ولا إتفاق على شخصية رغم أنها جزء وليس كل العملية السياسية، وتوجيه النقد والتظاهر والإعتراض على طبقة سياسية، دون التمعن في معرقلات العملية السياسية، سيعمق الهوة بين المكونات المجتمعية، ويعزز تحميل المسؤولية على أطراف دون غيرها رغم شراكتها وتوافقيتها ودورها في ترسيخ مفهوم المحاصصة وتهميد سبل الفساد.

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك