احمد لعيبي
كانت اصابعي كأنها محروقة من خبطة الاسمنت التي كنت احملها دون علمي انها تحرق الكف وتأكل
الاصابع ان لامست الاسمنت ..
الشمس حارقة ومسلطة على رؤوسنا مثل تسلط
الفاسدين ..
كنت احمل طاسة العمالة وانا لا اعرف سوى ان احمل الطاسة من اجل ٣ ورقات مطبوعة محليا
من فئة ٥الاف ..
كان يومي يتوزع بين العمالة والمعهد وتصعيد الطابوق والرمل ليلا من اجل مصاريف الدراسة
ونهارا من اجل لقمة العيش ..
في احد الايام كنت اعمل في احد المراكز الصحية في الصليخ حيث كنا نبني السياج الخارجي للمركز
واستلمت يوميتي وبدأت بغسل يدي ومن شدة الالم
كان كفي منسلخ الجلد مثلما انسلخ بعض الشيعة
من براءتهم ومن طائفتهم ..!!
لم اكن اريد وطنآ لانه غير مسموح..
ولم اكن اريد حرية تعبير لأن نهايتها حوض تيزاب..
ولم اسخر يومها من طائفتي ولا طائفة غيري ..
كنت اريد لقمة خبز وقليلا من الكرامة وبعض الكبرياء الذي كان يذهب بغلط وشتم خلفة البناء
احيانا اذا تأخرت عليه بالخبط او الطابوق...!!
وقف يومها فوق رأسي وانا اغسل يدي رجل متوسط العمر يرتدي يشماغا احمر وعباءة صفراء
خفيفة جدا ..
سلم علي وقال لي ..(بيها مجال تدايني عشرة
كلش محتاجهن الله شاهد)
قلت له هاي يوميتي لي حق اصرف منها الف دينار وما اكدر انطيك اكثر من الف ..!!
توسل بي الرجل كثيرا ولكن كف امي عندما يمتد ليوميتي لتجلب الطعام لاخوتي كان امامي اكثر من وجه الرجل السائل..!!
تركني الرجل وذهب وهو يضع يديه خلف ظهره ويمشي ببطأ ..
لم يلن قلبي ولم ينبسط له كفي وبقيت اغسل بيدي
وارى آثار الاسمنت عليها ..
وبكيت بلا موعد مع الدمع..
لاح امامي كف الرجل ووجهه ..
لحقت به واعطيته العشرة الاف بدون ان اتكلم معه
فنادى خلفي ..
عمي شلون اوصلك الفلوس وين بيتكم..
فقلت له عود اسال على احمد لعيبي
اني بالمعالف ..
بيني وبين نفسي كنت غاسل ايدي من رجوع
المبلغ مثلما غسل العراقيون ايديهم من ساستهم..
وفعلا مرت السنوات وسقط العفالقة ونسيت الرجل
الذي اعتبرته قفاصا ونصابا مثل بعض الناشطين
في نهاية ال٢٠٠٤ طرق طارق باب دارنا وهو يسأل
عن احمد لعيبي ومعه امراة عجوز ولديه سيارة بيكب ..
قلت له ..تفضل حجي انا احمد لعيبي..
انزل الرجل من سيارته خروفا وصندوقا من الطماطم وكيسا من التمر وقدرا كبيرا من اللبن..
ادخلت الرجل دارنا وانا اظن انه صديق لجدي وهو لا يعرف انه توفي او ربما صديق لوالدي ..
جلس الرجل والى جنبه امراة عجوز كانت معه بالسيارة وهو يسال عن حالي ..
فقلت له ..الحمد لله ..الوالد هسة يجي ..
فقال لي ..اني جاي عليك مو على والدك ..
اني فلان اللي انطيته العشر الاف بنهاية
سنة ال٢٠٠٠من اجيتك وانت تشتغل بالعمالة .😲😲
انذهلت ..
وسلمت على الرجل مجددا ..
وكان كلامنا طويل لكنه قال ..
ان العجوز زوجته لازالت حية بفضل العشرة الاف
وانها ورثت بستانا بعد السقوط..
وانه بحث عني كثيرا ..
وجاء ليوفي بدينه كي لا يقطع سبيل المعروف..!!
وبدل العشرة ..وضع مئة الف ومعها الخروف واشياء
اخرى..!!
الناس في زمننا بدأوا بقطع سبيل المعروف
بدءا من الساسة والنواشيط واللواحيك
وكل من ليس له ذرة من شرف ..!!
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha