عدنان أبوزيد
يكشف صعود السياسي العراقي، رئيس كتلة النصر النيابية، عدنان الزرفي الى رئاسة الحكومة الانتقالية، عن جيل جديد من القيادات بعد افول نجم الكثير من اركان الطبقة السياسية التقليدية، التي برزت بعد العام ٢٠٠٣.
وعلى رغم ان الزرفي، ارتفع سياسيا أيضا بعد العام ٢٠٠٣، بعد انْ كان هاجر العام ١٩٩١ الى معسكر رفحاء، فرارا من النظام السابق، ثم هاجر الى الولايات المتحدة الأميركية ليقيم فيها من 1994 لغاية الاجتياح الأمريكي للعراق العام ٢٠٠٣، الا انه لم يكن ضمن الصفوف الامامية في القيادات التي تصدّت لإدارة البلاد بعد سقوط نظام صدام حسين.
والمتابع لتصريحات الزرفي السياسية، ومرائبه من الاحداث، يلمس انها تتسّم بالمحتاط الشديد، حريصا على ان لا يُصنّف ضمن هذا الطرف الإقليمي والدولي او ذلك، لكن مقرّبين له يقولون انّ "هواه امريكي"، وانه يعتقد ان إنماء علاقة استراتيجية في واشنطن يصب في صالح العراق.
ويقول العارفون بأفكاره أيضا، -وهو الذي لم يصرّح عن ذلك يوما-، ان الزرفي يعتقد بضرورة الانفتاح الثقافي والاجتماعي على العالم، وان من الاضطرار تحييد دور الأحزاب والمؤسسات الدينية في البلاد، كما يؤمن بمشروع كان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، قد تبناه، وهو نزع السلاح عن الفصائل والجماعات المسلحة ودمجها في مشروع واحد هو الجيش العراقي.
المؤشرات تشير الى ان موافقة القوى الشيعية الرئيسة على تكليف الزرفي، ومن ضمنها القوى المتحالفة مع ايران،
هو بمثابة رسالة الى الولايات المتحدة، بالاتجاه الى التهدئة، والعمل على تقسيم النفوذ في العراق بتوازن يصب في صالح الأطراف جميعها بدلا من الاعمال المسلحة المتبادلة.
ولعل الزرفي يمثّل في مثل هذا الظرف الحرج، الجسر الموصل بين ضفتين متخاصمتين، على أمل حوار جاد، يبعد العراق عن الصراعات الإقليمية. بيْد ان هناك من يهتاب من نفوذ سياسي امريكي على الحكومة عبر نافذة الزرفي.
بل ان تمرير الزرفي ربما يكون إشارة واضحة الى ان واشنطن وطهران قررتا العودة الى الأوضاع قبيل ٢٠٠٣ وبعيد هذا التاريخ، في التفاهم حول طبيعية الأدوار، وحدود النفوذ، وهي تفاهمات كانت حاسمة في اسقاط نظام صدام حسين.
وفي جانب آخر، يمثل الزرفي، مراسلة فورية الى المتظاهرين في ان رئيس الوزراء المكلف الجديد، لن يكون أداة بيد أطراف اقليمية، وهي شعارات يرفعها المتظاهرون بوجه المرشحين، وانه ربما يكون قريبا الى اراداتهم، اكثر من أي مرشح اخر، اذا ما اخِذ في نظر الاعتبار انه لم يكن قريبا من طهران يوما، و لم يكن منتميا الى حزب من الأحزاب التي يرفضها المتظاهرون.
ومع ذلك، لوحظ تصاعد الشعارات ضد الزرفي في ساحة التظاهر حتى بعد تكليفه، باعتباره "رجل أمريكا" في العراق.
وفي قراءة لارتقاء الزرفي، الذي هو رئيس كتلة النصر النيابية، فان من المتوقع ان تكون فترته الانتقالية على الرغم من قصرها، تستنسخ توجهات رئيس ائتلاف النصر، ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يعدّه الزرفي "أبا" سياسيا له، والذي عمل على تحسين العلاقة مع واشنطن بشكل واضح، وسعى الى تقليص نفوذ فصائل الحشد الشعبي، وابتعد مسافة معينة عن طهران والقوى التي تؤيدها وهو امر كان سببا رئيسيا في إقصائه.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)