د.حسن سيد سلمان
يوم تسمية عدنان الزرفي لرئاسة الوزراء هو يوم اسود جديد يضاف الى الايام المأساوية في تاريخ العراق حيث حققت أمريكا والكيان الصهيوني و تحالف الشر السعودي نقطة على كل قوى الخير وكل دماء الشهداء في العراق وخاصة الشهيدين ( سليماني وابو مهدي المهندس )وذلك بتسمية عدنان الزرفي ولقد اكتملت الان المؤامرة بثلاث عملاء برهم والزرفي والحلبوسي... ويريدون بذلك أن يصبح العراق مستباح بالكامل من الامريكان والصهاينة...
اليوم الجميع أمام الاختبار الصعب العراق بأحزابه وكتله السياسية، العراق بمرجعيته، العراق بمؤسساته الدستورية ، والعراق بعلاقاته الإقليمية والدولية، ايّ بعلاقاته الامريكية وبعلاقاته الايرانية هو امام الاختبار .
نحن نعرف أن للأحزاب وخاصة الشيعية دور في اختيار رئيس الوزراء العراقي وهنا تجاوزه السيد رئيس الجمهورية...
وللمرجعية دور، وللأمريكيين دور و لإيران دور، وللشعب النتيجة ، او كما نقول " للشعب الصافي ".
لكن محنة العراق في تأليف الحكومة ربما اقتربت في ارهاصاتها و مُددها الى نموذج تأليف الحكومة في اسرائيل: تكليف لمرشح يفشل في نيل ثقة البرلمان ، يُحلْ البرلمان ويُكلف من هو فائز في الانتخابات ،ثمَّ يفشل مرة أخرى في نيل ثقة البرلمان ،و يكّلف شخص آخر ...
ان نجاح او فشل الزرفي في تشكيل الحكومة بيد الأحزاب والكتل السياسية الشيعية تحديدا . بالتأكيد لكل مراجع القرار السياسي في العراق ( الأحزاب ، المرجعيّة ،الإيرانيون، الامريكان ) تأثير ، ولكن الفصل والحسم هو في يوم الحساب ، تحت قبة مجلس النواب، و قرار قبول او رفض الزرفي سيمّرُ بألف والف منعطف و متغير حتى وصول ساعة الحساب...وربما لا نصل إلى البرلمان ويعتذر غير مأسوف عليه...
لنحلل التأثير الخارجي (الامريكي و الإيراني ) على اختيار و عبور الزرفي ، ولنضعْ جانباً موقف مرجعيّة النجف ، والذي هو موقف ضمني و خفي و يُعرف دون الحاجة لإعلانه ، وعادة لا يصطدم مطلقاً مع ماتتخذه الأحزاب من قرار تحت قبّة البرلمان حتى وإنْ لم تكْ راضية عنه.
امريكا ستدعم ترشيح عدنان الزرفي بكل قوة ، فهو شخصية معروفة وبشكل جيد لديها بل هو أحد وكلاءها يوم عينه بريمر محافظا للنجف، فالدعم الامريكي سينشط في القنوات المكوناتية والسياسية والشعبية ( التظاهرات ) وهو ايضا أحد كبار قادة ما يسمى جماعة الجوكر ، ... امريكا تعّول عليه الكثير في استتباب الامن وفقاً للمفهوم الامريكي ، و في التملّص من تنفيذ قرار البرلمان العراقي في غلق القواعد الامريكية وانسحاب جنودها ، وسيصل الدعم الامريكي ذروته يوم الحساب ،ايّ يوم التصويت على حكومة الزرفي ، في مدة ال٣٠ يوما الدستورية ، وسنراه من خلال تواجد النواب ، وعلى مختلف انتماءاتهم القومية والدينية في الحضور لجلسة التصويت . ومنْ الآن بدأت تغريدات متنوعة و مختلفة تتحدث عن قدرة و قوة عدنان الزرفي في كسب موافقة السنة و الكرد على التصويت لحكومته.
ويقولون ان ايران لن تعارض ، وتحت شعار، تردده دائماً بانها مع ما يختاره الشعب العراقي ممثلاً بنوابه، وبنفس طويل ستعمل و كالعاده، على التكيفّ مع الحالة و احتوائها، كي لا تتضرر مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والعراق . تدرك ايران جيداً بأن قادة العراق او مَنْ يحكم العراق ، وبمختلف مسمياتهم وانتماءاتهم ، فَهِموا بأنّ العراق هو بالامن القومي الإيراني ، ويقولوها الإيرانيون علناً ، و امريكا تتعامل أيضا وفق هذا المعطى السياسي الاستراتيجي .
الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي أفرزت هذه المعادلة ، والحصار و احتلال العراق للكويت واحتلال امريكا للعراق ، والإرهاب ،جميعها عوامل ساهمت في ترسيخ هذه المعادلة ( العراق مرتبط ارتباطا وثيقا بالامن القومي الإيراني ).
هي ليست معادلة تحكم العراق بايران ، وانما فُرضت بحكم الاستراتيجيات الدولية و الإقليمية ، والتي نُفذتْ على المنطقة او يخطط لها في المنطقة .
رئاسة الوزراء في العراق ليست ادراة فقط لشؤون ومصالح الشعب ، وانماّ هي أيضاً إدارة للمصالح الإقليمية و الدولية المتقاطعة او المتناقضة، هي أيضاً عدم تجاوز للخطوط الحمر المرسومة إقليمياً ودولياً ، والقدرة الدبلوماسية للعراق تتجلى في احترام هذه الخطوط ، وفي إطار الحفاظ على كرامة ومكانة وهيبة ومصلحة الدولة و الشعب.
لا ولن لن يستطيع عدنان الزرفي تشكيل حكومة دون مراعاة لمشاركة الأحزاب والكتل السياسية في تأليفها.
وقد يكون هذا الشرط أهون الشروط التي سيواجهها اذا اراد ان يكون رئيسا للوزراء اما اذا ذهبنا إلى الاستحقاقات أخرى: فهو يمني النفس بان يعطي جزءٌ منها يُريح الجانب الإيراني وفي مقدمتها انسحاب الجيش الامريكي و قوات التحالف و إغلاق القواعد الامريكية، وقسمٌ آخر يريح الجانب الامريكي و في مقدمتها حلّ الحشد الشعبي و منع التواصل الجغرافي العسكري السوري العراقي وضمان سلامة الجنود الامريكيين من رشقات الصواريخ التي أخذت طابع التكرار و الإضرار ...
عبور الزرفي عتبة البرلمان ونيله الثقة يتوقف على قبول الكتل الشيعية الفاعلة فضلا عن إرضائهِ لمشاركة الأحزاب والكتل السياسية في تأليف الحكومة و موافقتهم على برنامجهِ.
اما نجاحه في عمله ، وبعد تشكيل الحكومة، سيتوقف على قدرته في إدارة تداعيات الاختلاف و التناقض الامريكي الإيراني في العراق و في المنطقة...!!
هل سيستطيع تبني سياسة مفادها: الحشد الشعبي كيان ضمن القوات العراقية المسلحة، وليس لإيران علاقة او مصلحة فيه....، وانَّ وجوده وتقويته مصلحة عراقية وتساهم في امن واستقرار العراق والمنطقة، حتى وان كان تسليحه ايرانياً او روسياً ...!؟
كلا لانه هو اداة وليس صاحب قرار..!!
هل سيستطيع إقناع الامريكيين بانَّ انسحابهم من العراق هو قرار سيادي عراقي، ولن يتخذه العراق من اجل مصلحة ايران، و انَّ لأمريكا تواجدا عسكريا بريا وبحريا وجويا في جميع دول المنطقة المحيطة في العراق وايران ،يمكن لها ان تعّول عليه في حالة الضرورة...!!؟
كلا لانه جاء بهدف إلغاء قرار البرلمان..
هل سيستطيع إقناع الامريكيين بتعاون اقتصادي وتجاري مُربح للطرفيّن ويغيّر الصورة العسكرية الحربية المعتدية عن امريكا في ذاكرة العراقيين؟
هناك نغمة انا اسميها الخطأ الشائع على السنة السياسيين في العراق ، وحتى في وثائق الحكومة وقراراتنا هو " مطالبة امريكا بعدم تصفية حساباتها مع ايران على الساحة العراقية"...!!
في الحقيقة هي ليست تصفية حسابات بينهما على الساحة العراقية ،هي استراتيجية امريكية اسرائيلية بعدم السماح ببناء العراق عسكرياً واقتصادياً وحتى قيميا... هي استراتيجية امريكية لمنع العراق أن يكون جزء من محور المقاومة..
ولأجل ذلك وقع الخيار على عدنان الزرفي..!!
*
*إعلامي وسياسي عراقي
https://telegram.me/buratha