المقالات

سقوط الحضارة

1017 2020-03-26

هادي جلو مرعي

 

يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمرحلة مابعد كورونا، فالأسوا هو الذي مازال لم يأت بعد، وهي حقيقة تدركها الولايات المتحدة والغرب الذي تزعزع تماما بفعل التفشي السريع والصادم للفيروس الذي إجتاح الصين أولا، فكانت محط سخرية الذين فوجئوا به ينهار أمام الدفاعات الصينية، ويتحول إليهم مخترقا مدنهم الغنية، وليتوجه الى نيويورك قلب العالم الغربي المتحضر الذي دمر الكوكب بحروبه وغزواته الإستعمارية منذ مايزيد على ال 500 عام نهب فيها الثروات في كل القارات، وأباد شعوبا في الأمريكيتين، وأحل محلهم الأسبان والطليان والإنكليز والإيرلنديين والبرتغاليين والألمان، وسواها من الشعوب التي تنعمت بخيرات الأمم المستعمرة، وتركتها نهبا للأوبئة والفقر والحرمان والضياع.

ليست الحضارة الصناعية الغربية هي التي ستنهار كما إنهارت الإمبراطوريات القديمة، او إضمحلت كالبابلية والفارسية والصينية والرومانية وحضارات امريكا الجنوبية، بل هو سقوط جمعي، أي سقوط الحضارةالإنسانية،والديمقراطيات وأنظمة الحكم، والإدارة في الغرب والشرق، لتحل محلها إدارة كونية مختلفة، غير تقليدية تأخذ بالإنسان الى مديات مختلفة، وسلوكيات فكرية تبعث شكلا جديدا للحياة، وأنماط العيش، ويكون الإنسان فيها فاعلا كما في كل الحضارات المندثرة التي قامت بفعل الإنسان، وأكدت قيمه وإبتكاراته، وضرورات حياته، لكنها حضارة جمعية قائمة على فهم جديد ورؤية جديدة لاتحتمل هيمنة قوة بعينها بعد ان تفتحت مدارك البشر على التكنلوجيا التي قد تكون أبتدعت في جغرافيا، ولكنها لاتمنح الهيمنة لتلك الجغراقيا، بل تتحول الى أداة بيد جغرافيا أخرى كما هو الحال مع الصين، وبقية النمور الآسيوية التي تكاد تطيح بالغرب العجوز، وتبهر العالم. فالناس يتحدثون عن الحاسوب الياباني، والهواوي الصيني، ولم يعودوا يتحدثون عن الحاسوب الأمريكية، ولاعن الأوربي لأن كل شيء يتغير.

الحضارة البشرية تنهار بشكلها الحالي، لتحل محلها حضارة بشرية جديدة تتسع مساحتها لأقطاب عدة، ولمنافسين كثر لايمكنهم إزاحة بعضهم، والتفرد، بل خيارهم المشاركة والشراكة، ولامجال للقطب الأوحد، ولا للقطبين كما هو الحال فيما مضى من زمن تتنافس فيه القوى العظمى، فتتبادل الأدوار، وتوزع الثروات المنهوبة، وتتقاسم المستعمرات، بل على الجميع التحسب للمنافسين الجدد ممن كانوا مستعمرات، وهي حضارة كونية، وليست حضارة في جغرافية بعينها.

العجيب ان كائنا لايرى بعيدا المجردة سيعيد تشميل الحضارة الإنسانية ويصنع الأدوار، ويحدد المسارات، ولامجال لعصيانه.

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك