حامد البياتي
الديباجية التي تنحت حروفها وجملها واهدافها داخل اقبية المخابرات وسراديبها وادواتها والتي يلقيها متعطشي السلطة، كبيان رقم واحد لانقلاباتهم، تكاد تكون واحدة، ولاتختلف الا في لحن القول، ففي افريقيا الذي تشهد في كل نصف ساعة انقلابا يتلو الجنرال العسكري المتمرد بيانه بالفرنسية او الانجيليزية، وفي امريكا المركزية او الوسطى او الكاريبية في الاسپانية، وفي حوضنا الشرق الاوسطي فقطعا بالعربية، واما النص، فلا يكاد يخرج عن، لاصوت يعلو فوق صوت الوطن، والثورة جائت لتخليصه من المخربين واللصوص والعملاء الذين ينفذون اجندة خارجية استعمارية، واننا جئنا من اجلكم لتحقيق الوحدة الوطنية والمساواة امام القانون وعدم التمييز بينكم وتهيئة الفرص المتكافئة لكم واعادة حقوقكم المغتصبة وتكريس الحرية والاستقلال والسيادة، ومعا سوف نكسب الحرب ونقطع دابر المتآمرين٠
تلكم النغمة التقليدية والاسطوانة المشروخة التي تعزف على اسماع الشعب البائس واليائس الذي لاناقة له ولاجمل في هذا الانقلاب الذي غالبا مايصاحبه حمام دم وزنزانة رطبة وفي احسن الاحوال نفيا وطردا وابعادا للحكام السابقين، ثم يعقب ذلك حروبا اهلية او قبلية اوصراعات حزبية او عسكرية يذهب ضحاياها الملايين٠
وتنتابني موجات من الضحك، عندما اسمع بانقلاب وشيك تعده امريكا للاتيان بقائد عسكري ليتراس السلطة في العراق، وقد قامت من اجل ذلك مناورات مع دولة الامارات على مسرح يحاكي مدينة عراقية كبيرة لتنفيذ المخطط حينما تعلن ساعة الصفر، وقد مضت ايام ونحن نقرا هذه الهواجس في اخبار متعددة ومقالات متنوعة، والامر اهون من ذلك، فمن يعزم على الانقلاب، يتدبر امره بليل، ويتوسل بالسرية المطلقة، ولايطلع عليه احد الا المقربين حتى يفاجئ خصمه فيتمكن منه، اما اخبار الانقلاب المرتقب فقد علم به حتى بائعون الباقلاء وربات الحجال في خدورهم، فما بالك بالاستخبارات وجهدها والجيش ووحداته والشرطة وافواجها والحشد واصنافه، فانهم ولا ريب قد تمترسوا رباط الخيل ولبسوا القلوب على الدروع وحفزوا اسلحتهم استعدادا للمنازلة وهم يحدثون انفسهم ويمنونها باحدى الحسنيين اما النصر او الشهادة، هذا اولا٠
واما ثانيا، ففي العراق مرجعية عالية العضد عظيمة النفوذ عصية على العدو وقد اثبتت مراسها حينما ارغمت بول بريمر على اجراء الانتخابات خلال سنة واحدة مهشمة حلم بلاده باستعمار العراق الى عقود، وحفظت الوطن بابوتها من ان يتنازع طائفيا ومذهبيا وجهويا وذلك في اشد ساعات الفتنة والازمة والكواليس الغادرة٠
وثالثا، الى جنب العراق وجواره، بلدا ثابت الركن وذو عزم وطيد، علم احجار الدومينو الهشة المتساقطة التي يتحكم بها الاجنبي ويلاعب قطعها، كيف تتشبث وتتسمر في مكانها ولاتنحني امام الريح مهما كانت عاتية، فغدا، للاوطان منارا وكهفا وملاذا٠
ورابعا، لقد احترق وجه امريكا عندما تشيطنت مع المقاومة ورجالاتها، فتلقت وابلا وزخات من الصواريخ في عين الاسد والتاجي ومحيط سفارتها وجدرانها، فعلمت ان قواعدها العسكرية كلها عرضة لهجمات قاصفة راعدة لاتبقي لها اثرا ولاذكرى، وخصوصا انها تعاني من انكسار جبهتها الداخلية امام ڤيروسها المجرثم الذي ربته وسمنته واطلقته فعض يدها وفتك في سمعتها٠
لانعدو الحقيقة، اذا قلنا، ان موضوعة الانقلاب هو جزء من الحرب النفسية التي تشنها امريكا من اجل حمل احد عناصرها لرئاسة الوزراء وهو امر لايكتب له النجاح، لانه عليها ان تدرك جيدا، ان العراق الجديد لاينتمي الى جمهوريات الموز التي ملكتها شركاتها فتنصب من تشاء وتقصي من تشاء، واذا كان الزهايمر قد اوحى الى عقل ترامب وعقل دولته الخفية او العميقة بذلك، ففي العراق الدواء المر الذي يتكفل بعلاج ادوائهم المزمنة هذه ٠
قال تعالى في كتابه المجيد ( وهموا بما لم ينالوا )٠
صدق الله العلي العظيم
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)