محمود الهاشمي
ربما كانت مفاجأة للعديد من الأوساط ان تتصاعد حدة التلويح بالحرب بين ايران وأمريكا
الى مستوى التصريحات الساخنة حيث يهدد الرئيس الاميركي ترامب (ان ايران ستدفع ثمنا باهضاً اذا حاولت او حاول تنظيم لها في العراق التعرض للقوات الاميركية المتمركزة في ذلك البلد !) وقال(سيندمون كما لم يندموا من قبل !) من جهته فان اللواء باقري يؤكد (المنظومات الدفاعية الايرانية تراقب بيقظة تامة كافة الحدود البرية والجوية والبحرية للبلاد ) .
يبدو ان اسرارا يخفيها الطرفان عن احتمال صدام وشيك!والا ما الذي يدفعهما الى هذا النوع من التصريحات؟
الواقع يقول ان بلدين يصارعان أزمة وباء لايمكن ان يذهبا الى خيار الحرب ،فليس من الصلاح ان تعبيء شعبك للقتال وانت في حرب داخلية مع وباء يحتاج الى إجراءات اخطر من الحرب (العسكرية)لعدو لايُرى ولايُرحم وربما امريكا لم تخسر مثل هذا العدد في حروبها التقليدية .
لنسأل اولا :- من الذي بدأ التهديد ؟
امريكا أرسلت رسائل سيئة في معترك الايام الفائتة الى ايران من بينها اختصار مدة حاجة العراق الى الطاقة من ايران ،ومنع وصول شحنات الأدوية اليها ايضا بدعوى الحصار ،كما شددت على البنك المركزي العراقي الى المزيد من الالتزام بضوابط الحصار المالي على ايران !
كما رفعت امريكا من منسوب تهديدها الى قادة المقاومة العراقية وقوات الحشد الشعبي واعتدت على مقار الفصائل وعلى مؤسسة مدنية في كربلاء ولما لهذه المحافظة من معاني قدسية لدى المسلمين وخاصة في ايران .
الإيرانيون أحسوا من جهتهم ان امريكا بدأ نفوذها بالانحسار في منطقة الشرق الأوسط ،بعد شروعهم بالانسحاب من أفغانستان وسوريا وسحب الأغلب من قواتها من العراق بما يصل الى (90%) وهو رقم كبير
واستشعروا ايضا ان خيار امريكا بالانغلاق في حدود قاعدتين بالعراق (عين الأسد والحرير )واعتبروا ان ذلك بمثابة هزيمة لأمريكا .
الاميركان من جهتهم لديهم الرغبة حقا بمغادرة الشرق الأوسط ،ولكن لابد من ترتيب أوراق الشرق الأوسط بما يضمن مصالحهم ،
وعدم إشعار (اصدقائهم) بانهم خرجوا (مهزومين )لذا فان جميع الإرهاصات التي قاموا بها من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم الضفة الغربية والجولان وغور الأردن وإعلان صفقة القرن ومؤتمر البحرين ووارسو ومسرحية التطبيع ،ليس لها على الواقع من شيء لانها مجرد رغبات وعناوين إعلامية فلم يتفاعل معها احد ،وبالعكس باتت هذه الاجراءات تهدد أنظمة الحمى التابعة لهم .
هناك فكرة لدى امريكا ان تضرب ايران ضربات قوية وفاعلة وسريعة لمواقع استراتيجية مع تحريك الداخل الايراني بما يضمن انتاج نظام حكم جديد (صناعة امريكية ) هذا (الحلم ) تلاشى مع تقادم الايام.
بسبب (المفاجأة) والصدمة التي تلقتها امريكا في إسقاط طائرتها المسيرة الى حرب السفن الى الاشتمال السريع على الاحتجاجات التي حركتها بالداخل ناهيك ،عن تمنع دول اوربا من التورط في مشكلة مع ايران .
أحست الولايات المتحدة ان الحصار على ايران غير مجد وان هذا البلد استطاع ان يحول ارضه الى مصانع ومزارع يأكل منها ويصنّع دون الحاجة الى الاستيراد حتى تحول ريع النفط لايشكل الا اليسير من ميزانيتها ،كما استطاعت ان تحافظ على علاقاتها مع دول كبرى بحجم الصين وروسيا وان تحافظ على عمقها الاستراتيجي لذا كانت تغريدة ظريف امس مخاطبا ترامب (لاتنخدعوا من جانب دعاة الحروب مرة اخرى ياترامب ،لإيران أصدقاء ،لايمكن لاحد ان يكون له ملايين الوكلاء) اي ان ايران لها (مقاومة ) وليس (عملاء ) من أمثال (اولئك الذين تعولون عليهم) !!
ان من يقرأ سياق التهديدات الاميركية وهي في وضعها هذا الذي لاتحسد عليه يرى انها مجرد (قرقعة) ،،الإيرانيون من جهتهم يعملون على خطين الأول ان يأخذوا التهديد الاميركي موضع الجدية لذا جاء رد رئيس الأركان الايراني (اذا كانت لديها ادنى نوايا سيئة تجاه امن بلادنا فستواجه أشد ردود الأفعال )!!
وفي الجانب الثاني يؤكدون عبر اعلامهم ان امريكا اعتادت ان تثير الرعب لدى خصومها
وتستخدم الاعلام كوسيلة للضغط وإخافة الآخرين .
ربما تكون مناورة(الحمرا) في المياه الإقليمية الاماراتية قد كشفت عن أوراق امريكا في العراق ،وان اول من فضح امر هذه الأوراق الخطيرة هي ايران ،وكانت واحدة من هذه الأوراق (الانقلاب العسكري ) والذي كان دقيقًا بالشكل الذي لاتستطيع فيه ايران ان تفعل شيأ حيث يفيق العراقيون والمنطقة على (انقلاب داخلي ) يقاد بايادٍ عراقية تحكم السيطرة على الداخل وبجد الجميع نفسه في واقع حال في قبول تحول قد هيأت له (التظاهرات ) الكثير مثلما اجمع العراقيون ان طبقة السياسيين (فاسدة )وأي كان التغيير فهو لصالح (التغيير) وحتما الكثير ينتظر معاقبة الفاسدين ومحاسبتهم !
ان كشف أوراق الانقلاب جعل امريكا تشعر بقلق على مصيرها بالعراق وبالمنطقة ،خاصة وانها استشعرت تماما ان فصائل المقاومة كانت جاهزة للمواجهة لاي احتمال لافشال (الانقلاب) والذي ربما يكون عدنان الزرفي احد صفحاته .
الزيارة الاخيرة لشمخاني وتبعه اقاني (مسؤولان امنيان)حملت مداليل كثيرة للسياسيين العراقيين وللقادة الأمنيين والأميركان ايضا ،حيث كشفت للمسؤولين العراقين كل المخطط الاميركي وأوصلت رسالة للأمريكان ان ايران لن تترك العراق فريسة بيد امريكا وعملائها بالمنطقة. وان اغتيال الشهيدين في مجزرة المطار لن يغير في المادلة من شيء!
يقول المفكرون الاميركان ان ايران اكثر دولة تستشعر المخطط الاميركي وبوعزون سبب ذلك الى طول امد الخلاف (أربعين عاما ) والى ثقافة المسؤولين الايرانيين الذين مازال اغلبهم احياء وبأيديهم ادارة الدولة على عكس المسؤولين الاميركان الذين في تغير مستمر .
هذه الامور ربما تكون حاضرة في تفاصيل خيار الذهاب الى الحرب خاصة وان امريكا لاترغب ان تقاتل بنفسها بل عبر أصدقائها وهذا الخيار بات بعيدًا فليس هنالك من هو مستعد لهذه المغامرة !!
انفتاح الأوربيين على ايران تحت غطاء (الأدوية ) والقضايا الانسانية جعلت امريكا تعيد حساباتها وربما تفكر بانسحاب حفاظا على ماء وجهها ونعتقد ان بيان كتائب حزب الله كان واضحا (اخرجوا بهدوء ولن نضرب مدبراً)
ـــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha