المقالات

رؤية من أجل العراق . ( 1 مِنْ 3 ).


د . جواد الهنداوي*

 

             عمل رئيس مجلس الوزراء القادم هو، بكل تأكيد ، محدود في مدته  : إنْ قصُرتْ ( واقصد المُدة ) لا تتجاوز عاماً ، و إنْ طالت لا تتجاوز اكثر من ثلاثة اعوام ،موعد الانتخابات التشريعية القادمة .

          ولكن ، وَجَبَ ان يكون عمله ،في ركائزه و اثارهِ ، ممُتداً الى سنين ما بعد تكليفه . لماذا ؟

           لأسباب :

           سيأتي رئيس الوزراء الجديد ، ولأول مرّة ، ومنذ بدء المسار السياسي الديمقراطي في العراق في عام ٢٠٠٣ ، بعد رئيس وزراء  لم  يُكملْ   مُدته  الدستورية . على رئيس الوزراء الجديد إذاً تجاوز ما اخفقَ به مَنْ سبقهُ  . ينتظرُ منه الآخرون الوصول الى حالة إنقاذ للوطن .

       سيأتي في ظل ظروف داخلية و خارجية حرجة ، وحُبلى بمفاجئات و ولادات ، تُنبئنا المؤشرات والتوقعّات بانها ستكون مفاجئات او ولادات  ضّارة وليست سّارة . داخلياً تسوقُنا الظروف ،إن تمّكنتْ ،لا سامح الله ،علينا ، إمّا أنْ نقاوم ونكون دولة و إمّا أنْ نكون قبيلة او مكّون او طائفة ( مع الاحترام والتقدير للمُسميّات ) .

      هي مُسميّات لروابط و انتماءات نعتزُ بها ، و لروافد تُعزّز الدولة شريطة أنْ لا تتجاوز رابطة المواطنة او تتغلب عليها او تحّلُ محل الدولة و تُلغيها .

      خارجياً ، سنعيش في ظل مجتمع دولي كَبا وجهه، جرّاء وباء كورونا وتداعياته ،  التي نالته ( نالت المجتمع ) سياسياً واقتصادياً و اجتماعياً و قيمياً .

      مقولة و حكمة اليوم هو " عالم ما بعد كورونا هو ليس عالم ما قبل كورونا ) ، مقولة تُغنينا عن الاستزادة والاستفاضة في فحواها.

      بعد احتلال الكويت من قبل نظام صدام ، وكان في المُغامرة ، اعتداء وانتهاكات و... و ... ،تلى الاحتلال حرباً لتحرير الكويت و احتلال ،  وتدمير العراق وسقوط النظام .

     بعد احداث ٢٠٠١/٩/١١ الإجرامية ،في الولايات المتحدة الامريكية ، والمنسوبة الى القاعدة و اسامة بن لادن ، تلى الأحداث غزو أمريكي لافغانستان وإسقاط نظام طالبان .

      في كلا الحالتيّن المذكورتيّن ،  لم يكْ المُصاب فقط في الكويت او في ناطحات السُحاب ، و انما كان أيضاً في امن و اقتصاد و هيمنة امريكا .

    تواجهُ امريكا اليوم تهديداً خطيراً لهيمنتها و أمنها الاقتصادي الاستراتيجي من خصم صديق وهو الصين .

   حظيت الصين ، من كورونا ، لعنة " خالق الوباء " ، و ميزة مُشافي و مُعين ضحاياه في المشرق و المغرب ، و لايزال لها دوراً بارزاً .دور يهدد هيمنة و مكانة امريكا سياسياً واقتصادياً .

      هل تسمح امريكا بذلك ؟ هل ستبقى او تُبقي العالم كما هو ، ما بعد كورونا ؟ هل تستسلم امريكا للصين ؟

       امريكا لن تُقاتل الصين ولن تغزوها ،كما فعلت في العراق و في أفغانستان ،ولكن  ستتناور  او تتناوش معها في الأطراف ، وفي ساحات أخرى ، وفي مصالح أخرى ، و ما بين الساحات ، منطقتنا ، وما بين المصالح النفط والطاقة . ولكن لن تتمكن امريكا من اعادة العالم الى هيمنتها المُطلقة الأّ بحرب عالمية ، لأنَّ كورونا ساعد العالم ( كدول و كشعوب ) في التحرر  من قبضتها ( قبضة امريكا ) . الوباء تحوّلَ الى دواء لتعزيز مفهوم و دور الدولة ، الوباء تحّولَ الى دواء لتعزيز سلطة الدولة في فرض القانون و حماية المجتمع . لجوء الدول الى الجيش والى حالة الطوارئ والى الخصوم لمواجهة وباء يهدد حياة مواطنيها دليل على تجاوز الدول للأطر التقليدية السياسية التي تحكم علاقات بعضها ببعض .

         لا أحد يلومُ إيطاليا او جمهورية الجيك حين استعانا بالصين لمواجهة وباء كورونا ،  وأستهانا بأصدقائهم الأوربيين والأمريكيين لخذلانهم .و ارى في مثال مواقف إيطاليا و الجيك و استنجادهم بالصين عبرة لمنْ لامَ العراق حين استنجد بأيران لمحاربة وباء داعش ، وحين خذلونا الأشقاء و الأصدقاء .

        لا أحد يتوقع من الدول الأوربية انكفائها عن الصين ، بما يضّرُ بمصلحتها لأجل عيون الرئيس ترامب او مراعاة لتقليد سياسي دبلوماسي ربطَ بين ضفتي المحيط الأطلسي (بين امريكا وأوروبا ).

       لا أحد يلوم العراق في أقدامه على علاقات متطورة مع الصين ومع جيرانه الآسيويين ، ودون استعداء مع الآخرين ،طالما المصلحة الجغرافية الاقتصادية والسياسية تقتضي ذلك .

        لا ينبغي المُجاملة في السياسة و في الدبلوماسية في اتخاذ وتبني المواقف ،على حساب مصالح العراق و أمنه و مستقبله .

      وباء كورونا عزّزَ شعار ،يمكن أنْ تتبناه الصين ويتقبّله العالم  ، وهو " إنقاذ الانسان أينما كان " ، شعار يُليق بدولة عظمى ، ويفنّدُ شعار لا يُليق بدولة عظمى " امريكا اولاً ".

       لا يمكن تجاوز ما مرَّ من ذكره من مُعطيات ، في رسم و توجيه مساراتنا وعلاقاتنا الخارجية والدولية .

       رؤيتنا مَبنيّة  ، في عمومياتها، على ركيزتيّن أساسيتين ،لكلِ واحدة منهاج عمل مُفصّلْ :

الركيزة الأولى : السعي لفرض احترام وتعزيز سيادة العراق داخلياً و خارجياً .

الركيزة الثانية : أستغلال و توظيف ثروات العراق و توزيعًا بعدالة .

       *سفير سابق لجمهورية العراق . رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات .

ــــــــــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك