ربى شاهين
منذ ذريعة أسلحة الدمار الشامل التي أبتدعها جورج بوش الابن في 2003 لغزو العراق ، ليُنشئ قواعد في منطقة الهلال الخصيب، حيث يتم استكمال مخطط الهيمنة الغربية لصالح الكيان الإسرائيلي، وإقامة ما يسمى الشرق الاوسط الجديد، الذي بشّرت به كونداليزا رايس، والذي يقوم على التبعية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً للغرب.
العراق والغزو الأمريكي الذي لا ينتهي
تغييرات كثيرة احدثتها آلة الغرب الامريكي ووكلائها في منطقة الشرق العربي، والتي آثارها ماتزال قائمة حتى اللحظة، عبر تدخلات في العمق العربي فرضتها آلة الغرب وبكل المجالات، وإذا ما أخذنا ما يحصل في العراق حتى اليوم، نُلاحظ أن ما يجري من هيمنة على سياسة الحكم في العراق، بعد القضاء على بنيته الأساسية اقتصادياً، والسيطرة على المناطق الحيوية الجيواستراتيجية فيه، عبر إقامة قواعد عسكرية كقاعدة عين الاسد التي تُعتبر المركز الأساسي للقوات الأمريكية.
حيث تُعتبر عودة الاحتلال الامريكي للعراق بعد خروجه في 2011، أكبر دليل على أن الذريعة السابقة كانت تمهيدًا لما سيأتي لاحقاً، وعطفا على ما يجري في الساحتين السورية واليمنية من حروب، لا ينفصل عما يجري في الساحة العراقية، والتي تؤدي إلى تفكيك الشعوب العربية وجعلها في فوضى الحروب، كي لا تستطيع التقاط أنفاسها والنهوض للوقوف بجانب بعضها البعض.
وأهم ما يميز هذه المرحلة العصيبة، هو صعود قوى المقاومة في هذه الدول، والتي تعتبر العدو الرئيسي لقوى العدوان الأمريكي الصهيوني، كونها استطاعت وفي العراق تحديداً تشكيل جماعات مؤيدة لها عبر اتفاقية أمنية، جعلت من العراق رهينة لـ واشنطن.
وعليه، فإن ما تقوم به الإدارة الأمريكية في العراق، يندرج في إطار أن العراق يُعد الفاصل ما بين إيران وسوريا جغرافياً، وبالتالي فإن خط المقاومة من طهران إلى بغداد مروراً بدمشق ووصولاً إلى بيروت، لا بد أن يتم قطعة عبر إحداث حالة من الإرباك السياسي والعسكري في عموم العراق.
كثيرة هي الأحقاد التي تضخها امريكا ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ الحرب على سوريا أخذت الأمور بالتبلور والنضوج بشكل جلي وواضح، والأمثلة كثيرة من أهمها الحصار الاقتصادي على إيران، وانتهاز إنتشار فايروس كورونا لخنق الشعب الإيراني أكثر عبر رفض الولايات المتحدة نداء الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غويترش بأن يتم رفع الحصار عن إيران، ووقف كل اشكال الحروب للتصدي لهذا الوباء القاتل.
وبالعودة الى الملف العراقي، فكل الاحداث تترابط في جزئية هامة وأساسية، أن يتم استغلال ما يعانيه المجتمع الدولي بشكل عام من إهتمام بإنقاذ مواطنيه والتركيز على محور المقاومة عبر العراق، حيث أدلت كتائب حزب الله ببيان تؤكد فيه “رصدها لتحركات مريبة للقوات الامريكية وعملائها مستغلة الظروف العصيبة في محاولة لتحقيق اهداف مشبوهة وتنفيذ مخططات طالما سعت إلى الوصول إليها من قبل” حيث أكدت “على مخطط أمريكي يرتكز على القيام بإنزال جوي يرافقه دعم ارضي وإسناد ناري من طيرانه الحربي على مواقع للأجهزة الأمنية و الحشد الشعبي والمقاومة الإسلامية وبمشاركة جهاز عسكري عراقي وآخر أمني سيعرض البنى الأساسية للدولة العراقية للخطر”.
وما يؤكد ذلك تصريحات للبنتاغون عبر صحيفة نيويورك تايمز في 28/3/2020 بأن” البنتاغون أصدر توجيهاً الاسبوع الماضي للإعداد لحملة تدمير كلي لكتائب حزب الله العراق”، وأضافت ” الحملة ضد كتائب حزب الله تشمل رداً عدوانياً ضد أي قوات عسكرية إيرانية قد تتدخل”.
وكما أوردت الصحيفة بأن مسؤولون اميركيون كبار يرون في انشغال إيران بأزمة كورونا فرصة لتدمير حلفائها في العراق.
ومن خلال قراءة بسيطة لما يحدث على الارض، وما يتم إعلانه من قبل الصحف الامريكية عبر لسان الإدارة الأمريكية، بأن الولايات المتحدة عازمة على استكمال حروبها في المنطقة، وأن العراق الذي يقاوم المحتل الأمريكي عبر فصائل المقاومة يُشكل العقبة الحقيقة على الارض منذ 2003، ولذلك يتم التحضير لحملة عسكرية جديدة في العراق، والذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز على لسان “وزير الدفاع مارك إسبر الذي اذن بالتخطيط لحملة عسكرية جديدة في العراق”، أكبر دليل على المُخطط الأمريكي في العراق.
في المحصلة، على الرغم من ما يُذاع من تصريحات امريكية عن استهداف مواقع للحشد الشعبي وكتائب حزب الله العراق، فسنوات الصمود والمقاومة التي انتهجها الشعب والمقاومة العراقية، ستبقى السد المنيع الذي سيقف في وجه الغطرسة الأمريكية، التي عاثت فساداً وخراباً في شرقنا العربي على مدار ما يقارب العقد من الزمن.
https://telegram.me/buratha