محمد هاشم الحچامي
التاسع من نيسان ، يوم مفصلي ليس في تأريخ العراق الحديث إنما في تأريخ طويل لهذا البلد الذي حكمه اقسى جلادو الأرض من الحجاج إلى صدام وما بينهما من طغاة وجبابرة ومتعطشين للدماء .
في هذا اليوم سقط آخر الطغاة وأنهارت معه منظومة قمعية مارست الإذلال والقهر والتدمير والتخريب فخرب كل شيء من الانسان إلى الطبيعة ،
دمرت كل شيء في هذا البلد
نشرت الظلام بكل زاوية من زوايا ارض يقال لها العراق ،
لكن اقسى وأعظم الخراب هو خراب روح الإنسان وعقله وتفكيره والذي هو اصلا مفخخ بالعبودية منذ ما لا يعرف بدايته من الطغيان والجبروت
صدام سقط فردا لكنه بقي سلوكاً وممارسة ً ،
فروح التسلط تعيش وجدان كل عراقي
خذ مثلا أول مطالب العراقيين حاكم عسكري قوي ينهي الفوضى !!
هو طرح مدمر ظاهره البحث عن الاستقرار لكن باطنه العودة للعبودية والتسلط التي اختزلتها جينات العراقيين منذ ألف عام ويزيد ...
شعب حكمه اقسى جلادو الأرض كيف به القبول بحياة الحرية ،
رغم أن التجربة العراقية قاسية بفوضاها وكثرة اصنامها ، لكنها باب لإعادة منظومة القيم إلى طريقها الصحيح ،
وإعادة ترتيب النظام وإزالة الإشكالات التي أولها الصنم الذي تختزله روح الفرد العراقي ، فهو لا يطيق أن يرى الآخرين يتحدثون بحرية ويمارسون حياتهم كما يحبون لذا تتصارع في نفسه رغبةُ المنع والاجتثاث ، فهو ولدٓ عبدا وابن عبد وإن كان ظاهره حرا متصرفا بنفسه
فما بعد الالفين وثلاثة .
الزعماء والقادة وجدوا في العراقي مادة خصبة للتسلط فهو كائن مهيء للتبعية والتطبيل للحاكم فاستغلها المتعطشون للسيادة والممتلئون رغبة في التفرد والقيادة ،
لعل الخلل ليس بالحاكم والزعيم الذي أراد التفرد بعد سقوط الصنم في التاسع من نيسان إنما هو خلل في طريقة تفكيرنا ،
خذ مثلا اجتماعيا ، لماذا تتصارع الناس على من يكون زعيم القبيلة !! لمٓ لا يكون في العشيرة عشرة زعماء ويتبادلون الرأي ،
لان روح الصنم والتفرد تسيطر على عقل الفرد العراقي فهو يأبى أن يكون هناك شخصين متساويين ، فالقبيلة لها امير واحد ، والدولة لها زعيم واحد وحزب واحد وإعلام واحد وطريقة تفكير واحدة....
حتى المقابر الجماعية التي ملئ بها صدام ارض العراق فهي صورة أخرى لحشر الناس جماعات في اتجاه واحد وهو الموت الجماعي في عراق العقل الواحد والزعيم الأوحد ، فإن انفرد أشخاص خارج القطيع وهم أحياء عادوا إلى القطيع امواتا
في عراق ( اذا قال صدام قال العراق ) ذلك الشعار الذي يختزل كل هذا الموروث التسلطي والتبعية والعبودية المطلقة لحاكم هو ظل الله في الارض
حينما نطهر أنفسنا من درن البحث عن الحاكم الأوحد والزعيم الفرد ، نكون قد انهينا مأساة تأريخنا المحمل بالطغيان والقمع والالوهية ، وعاد الحاكم خادم لشعبه لا يملك ادوات التسلط والقهر والجبروة ، التي نحن مادتها وضحيتها
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)