محمود الهاشمي
ربما لم يكن في حسبان احد ان تنمو صلاحيات رئيس الجمهورية برهم صالح بمثل هذا النمو خلال فترة ادارة عادل عبد المهدي بحيث انه يزور (14) دولة خلال فترات قصيرة بينما كان رئيس الوزراء يومها يزور علوة الرشيد ويسأل الباعة عن الأسعار .!!
من الواضح ان الدور الموكل له كان مخططا له مسبقا ،حيث ان خروجه من الاتحاد الوطني الكوردسناني كمن لايريد ان يتحمل اي ضغط سياسي عليه ،او يخرج من دائرة الاجتماعات والتكليف الى المهمة الأكبر (رئاسة الجمهورية).
حاول مسعود بارزاني جهد الإمكان ان يمنع برهم صالح من الحصول على هذا المنصب ،وان يكون من حصة الديمقراطي الكوردستاني ،لكن تداعيات (الاستفتاء ) على جميع طبقة السياسيين جعلت الكتل السياسية لاتميل الى جهة رغبة مسعود .
ان من يعرف تاريخ برهم صالح وطريقة أدائه السياسي لايجد فيه تميزا ،فهو وان كان الرجل الثاني بعد المرحوم جلال طالباني في الاتحاد الوطني الكوردستاني الاّ انك لأتلمس في شخصيته ،ما يرقى لهذه المنزلة ،بل الحق كان مجرد (سكرتير ) في مكتب طالباني يُحسن تطبيق ما يُكلف به بدقة ،ولذا فانه بعد وفاة طالباني لم يستطع ان يوقف الحزب على قدمه في مواجهة الديمقراطي وتولت ادارة الحزب شخصيات اخرى ،فيما لم ينجح في تأسيس حزبه الجديد .
ان الزيارات المكثفة الى اوربا والولايات المتحدة وحضور مؤتمر دافوس ومصافحة ترامب رغم ان دماء شهداء النصر مازالت طرية يدل ان الرجل ،تكلف بالمهمة والتي تركت تداعياتها على جميع المشهد السياسي (لصناعة دولة فاشلة ) او كما يسميها الكتاب الاميركان (شبح دولة)يقابله فقدان الاحزاب الاسلامية (الشيعية )بوصلة الهداية نتيجة لما ارتكبت من اخطاء ووقوعها بالفساد الإداري والمالي ،وعدم تفاعلها مع الشعب ولا الاستجابة لوصايا المرجعية ودون الاستفادة من حكمة الحكماء .
ما وقع على برهم صالح من تكليف وقع على محمد الحلبوسي الذي ظل في دوامة الزيارات
الى الولايات المتحدة ووضع قرص في رأسه يحمل مشروع الإقليم ليروي عطش شبابه الباحث عن القيادة والمال ،بعد ان سلموه خارطة مساحة الارض وحجم الثروات التي سوف يتم استخراجها من المناطق الغربية واستثمارها ،كما أقنعوه ان ابناء المناطق الغربية +الشمال ،يمكن ان يشكلوا الرقم الأكبر في العدد السكاني والمذهبي ويتجاوزوا (عقدة التهميش ).!!
شعر برهم صالح ان جذوره في الإقليم قد ضعفت ولم يعد له من مكان ولا منزلة ،لذا حاول جاهدا الى السيطرة على بغداد مستغلا تهاوي البيت الشيعي ونقمة الشارع عليه وتحميله مسؤولية فشل ادارة الدولة ،لذا اعتبر ان تسلم منصب رئاسة الوزراء من قبل الزرفي ومجلس النواب بيد الحلبوسي والرئاسة له والمحكمة الاتحادية عند مدحت المحمود فقد أصبحت بغداد بقبضته وفق الغطاء الاميركي!! يساعده في ذلك فريق (ضعيف)من الاحزاب الشيعية التي أفلتت من مدارات كتلها واستدارت مع التوجهات الاميركية والخليجية .
هذا الخطر تحسسه مسعود بارزاني ومعه قيادة الاتحاد الوطني والتغيير في الإقليم وادركوا ان برهم يرغب ان يشكل لنفسه مملكة أمريكية في بغداد ويهاجمهم بها ،لذا سرعان ما تناسوا خلافاتهم
مع الكتل الشيعية وواصلوا الاتصالات ليجد برهم ان مشروعه في تكليف الزوفي يجلس على فراغ ،فانتهى الى تكليف الكاظمي مع علمه انه شخصية ضعيفة وليس لديه كاريزما يواجه بها الشعب عمومًا ،لذا أصبحت المهمة صعبة على برهم
وشمر عن ساعده ليقود مفاوضات التكليف وإنجاحها من (الانبار ) العاصمة الجديدة بدلًا من (الإقليم ) الذي كانت تنتظم عنده مثل هذه المخططات !
يشعر( الان) برهم صالح ان جميع اوراقه قد القاها ولم يعد في قوسه من منزع ،فقد اصبح خارج (بيت الإقليم ) فيما خسر الكتلة الأكبر (الشيعة) الذي تجاوز على استحقاقهم ،وتفرد بقراراته ضدهم وذهب بعيدًا في (استصغارهم)
اما (الحلبوسي ) فليس بالرقم الذي يراهن عليه في الصحراء الغربية ،فآل النجيفي مازالوا يرون في علاقاتهم (القديمة) مع اخوانهم (الشيعة ) ومع (الإقليم ) من (الثوابت ) ثم ان الفجوة التي باتت تكبر بين السعودية وتركيا قد تركت اثرها على خياراتهم وتوجهاتهم . بالجانب الثاني فان ابناء الحشد وفصائل المقاومة قد ثبتوا اقدامهم في المناطق الغربية وباتت لهم علاقات وتأثيرات كبيرة في المساحة السياسية والاجتماعية ايضا .،لكن الخسارة الأكبر لدكتور برهم صالح هو انحسار النفوذ الاميركي خاصة بعد (وباء كورونا) ورغبتهم في الخروج بشكل يضمن لهم الحفاظ على ماء وجههم .
الوثائق التي لدى فصائل المقاومة والحشد الشعبي عن رئيس الجمهورية كبيرة وفي مقدمتها ماكان قد صرح به الشيخ قيس الخزعلي (ان المؤامرة يشارك بها احد الرئاسات الثلاث )فيما هناك أوراق اخرى عن قتل المتظاهرين من قبل سرية تابعة للرئاسة وان لم يتم الإفصاح عنها ومدى صحتها وان كانت متداولة بكثرة خاصة وان الكامرات مازالت تحتفظ بالوثائق !!
ادرك السيد رئيس الجمهورية انه خارج المعادلة الاميركية ايضا عندما اتصل الاميركان برئيس الوزراء (المسقيل )عبد المهدي للتفاوض في العلاقة المستقبلية بين العراق وأمريكا لان عبد المهدي مازال يحتفظ بالعلاقة بين جميع الأطراف وهو محط تقدير. لدى الجارة ايران التي من المؤمل ان يكون العراق وسيطًا بمشروع العلاقة معها من قبل الاميركان .
الهروب الى (الانبار ) لن ينقذ السيد رئيس الجمهورية من سلسلة تجاوزاته وان رمال صحراء الرمادي عاجزة عن تغطيتها وكما يقول الشاعر عريان السيد خلف رحمه الله (واذنوبك انت هواي ،،من ياهو ابريك)؟
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha