المقالات

١٣ نيسان ١٩٦٦  


جعفر الحسيني

 

في مساء ذلك اليوم الذي صادف الاربعاء ، وبعد السابعة بدقائق معدودة ، سقطت طائرة  ( الهليكوبتر ) التي تقل الرئيس عبد السلام عارف - عندما كان في جولة تفقدية - في منطقة تبعد عن البصرة ( ٥٠ كم ) شمالا ، بسبب مطبات هوائية شديدة ، مع غبار في الجو ، ماجعل مجال الرؤية معدوما ٠ ولم تكن الطائرة مجهزة بآلة ايجاد الاتجاه ( راديو كومبس) ، ولا مطار البصرة ( القريب ) يملك جهاز اعطاء الاتجاه للطيارين ممن فقدوا اتجاههم في الاجواء العراقية ٠

وقد انتهى التحقيق بعد شهر من الحادث ، الى ان الطائرة اشتعلت بعد اصطدامها بالارض ، نتيجة تسرب وقود الطائرة الى محركاتها ، وانه ليس هناك ما يدل على تفجيرها اطلاقا ٠ لقد كان الحادث قضاءً وقدرا ، ولم تتبناه يوما اية جهة ٠

وعُثر على جثث الضحايا فجر اليوم التالي ، وكانت جثة الرئيس عبد السلام واضحة المعالم ، سوى ان بعض شعره كان محترقا ، وكذلك كانت قدمه اليمنى قد احترقت ، وقد تمزق قسم من سترته ، والتي وجدوا فيها مصحفا صغيرا ٠ ونُقلت الجثامين عصرا الى بغداد ٠

  وجرى لها تشييعا رسميا ، بمشاركة وفود عربية واجنبية ، ظهيرة يوم السبت ١٦ نيسان ، ثم دفن الرئيس عارف في حديقة جامع الشيخ ضاري في ( ابو غريب ) ٠

كانت الحكومة العراقية قد اعلنت صباح الخميس ١٤ نيسان - وبعد العثور على جثث الضحايا فجر ذلك اليوم - عن الحادث ووفاة الرئيس فيه ، وتولي رئيس الوزراء الدكتور عبد الرحمن البزاز مهام الرئاسة ، الى حين انتخاب رئيس جديد - خلال اسبوع - باغلبية ثلثي المجموع الكلي لاعضاء مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني - حسب احكام الدستور المؤقت النافذ ٠ كما أُعلن منع التجول حتى اشعار آخر ٠

وفي ١٦ نيسان ، اجتمع ( ٢٨ ) شخصا ، لاختيار الرئيس من بين مرشحين ثلاثة ٠

الاول ، كان اللواء عبد العزيز العقيلي وزير الدفاع -المعروف بشخصيته العسكرية القوية - ولم يحصل الا على صوته هو ٠ وقد رفض عرضا من ابن مدينته قائد الحرس الجمهوري العقيد بشير الطالب بفرضه رئيسا بالقوة ٠ بالمناسبة ، فان الرجل وبعد ان حُكم عليه بالاعدام - عام ١٩٦٩ - ثم خفف للسجن المؤبد ، دسوا له السم - عام ١٩٨٢ - في سجن ابو غريب ، وحملوا جثته بعربة نقل القمامة ، ولا يدري احد - حتى هذه اللحظة - اين دفنوه ٠ وللاسف لم يجر  لهذا الرجل الوطني والنزيه اي تكريم- بعد عام ٢٠٠٣ - ولم يطلقوا اسمه على شارع او ساحة ، حتى في مدينته الموصل !!!!

الثاني ، كان الدكتور عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء ، عميد كلية الحقوق الاسبق ، وقد حصل على الاغلبية ( ١٤ صوتا ) ٠ ولكن الرجل اضطر للانسحاب تحت التهديد ، و يقال ان العميد سعيد صليبي - قائد قوات بغداد - هدد البزاز بالاعتقال واجبره على الانسحاب ٠ وهكذا خسر العراق فرصة تاريخية عظيمة بانسحاب هذا الرجل المثقف والنزيه والقدير ٠ والبزاز هو الاخر كان قد اعتقل عام ١٩٦٩، وعذبوه بقسوة حتى اصيب بجلطة دماغية أفقدته القدرة على الحركة والنطق ، وقيل ان ذلك بفعل زرقه بابرة سامة ، فاطلقوا سراحه ، ثم مات ودفن ببغداد عام ١٩٧٣ ٠ وهو الاخر - وللاسف الشديد بل وللعار -لم يجر تكريمه حتى ولا باصدار طابع يحمل صورته ، ولم يطلق اسمه على اي شارع او ساحة ٠٠الخ ببغداد ، بعد ٢٠٠٣ ٠

اما الثالث ، فهو اللواء عبد الرحمن عارف رئيس الاركان وكالة ، وقد حصل على ١٣ صوتا ٠ ولكنه اصبح هو الرئيس ، بعد انسحاب البزاز ، واعادة التصويت ٠  فمصر كانت تؤيده - وكان الوفد المصري برئاسة المشير عبد الحكيم عامر قد رشح في البداية عارف عبد الرزاق رئيسا للجمهورية  ثم تبنوا عبد الرحمن عارف - هذا من جهة ٠ وكانت اغلب القيادات العسكرية في ايدي اقربائه من جهة ثانية ٠ وربما هناك سبب اخر مهم لاختياره ، فانه كان الاضعف من بين المرشحين الثلاثة ، واقلهم طموحا واقلهم خطرا ٠ فضلا عن انه اقلهم كفاءة ٠

كان بين ٢٨ رجلا من الذين اختاروا الرئيس الجديد ، ١٦ مدنيا (رئيس الوزراء والوزراء) ، و١٢ قائدا عسكريا  ٠ وبحسب انتمائهم القومي والمذهبي ، كان هناك كردي واحد ( مصلح النقشبندي وزير الدولة ) ، واربعة وزراء شيعة ٠ والحقيقة ان القرار كان بيد رجل واحد ، هو العميد سعيد صليبي قائد قوات بغداد ٠

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك