احمد لعيبي
في منتصف الثمانيات وحتى نهاية
التسعينات كانت شاشة التلفاز المتنفس
الوحيد للعائلة العراقية تضج بأعمال
الدراما المصرية وخصوصا مسلسلات
الحارة المصرية التي ابدع في كتابتها
الراحل العبقري اسامة انور عكاشة
والمخرج محمد فاضل والمخرج اسماعيل
عبدالحافظ ومن بين اهم هذه الاعمال
(ليالي الحلمية) و(الراية البيضا) و(ارابيسك)
والذي شاهد هذه المسلسلات يلاحظ ان عكاشة
المصري كتب عن ابناء الحارة الفقراء المضحون
وهم يحملون قيمهم ومبادئهم
كما يحملون فقرهم ومعاناتهم..
وجعل من ابن الحارة البسيط رمزآ(جدع)
يتحلى بالغيرة والحمية والفداء..
فترى ابن الحارة المصري في مسلسلات
عكاشة الجندي الشجاع والمرأة الام والمعلم
الشهم والشاب الغيور دون ان يستهزئ بهذه
الشخصيات الى نحو الاسفاف وجر الشخصية
لمستنقع الضحك الآسن ..
فتجد زينهم السماحي في ليالي الحلمية
وتجد حسن النعماني في ارابيسك
رموزا تدور حولهم الأحداث رغم بساطتهم..
لذلك علقت هذه الاعمال في ذهن المشاهد
وتسابق قطاع الانتاج المصري لأنتاج هكذا
اعمال وتزاحم الممثلون على هذه الادوار رغم
قلة المبالغ المدفوعه لهم ..
لان الشعور بالانتماء للبيئة المنتجه دون النيل
من قيم الاخرين من اجل الضحك
كانت عرفا سائدآ ومن يتجاوز على هذا
المكون او تلك البيئة فان مصيره السجن
مهما كان نجما كما حدث مع احمد بدير
في الصعايدة وصلوا ومع سيد زيان في
الراية البيضا...
استوقفني هذا العام وكل عام بما تنتجه
القنوات العراقية الحكومية وغيرها من
مسلسلات درامية تسيء لابناء الجنوب
وبقصد واضح كما تفعله الشرقية والسومرية
ودجلة والعراقية والبغدادية سابقا ..
وتجعل من ابن الجنوب اضحوكه فهو الساذج
الذي يلبس العقال ويتم الضحك والنصب
عليه وعلى يد كتاب ومخرجين وفنانين
من نفس البيئة ولعل بيت الطين خير شاهد
ومسلسلات الشرقية التي تجعل من الجبان
بطلا ومن العميل وطنيا ..
ولا ادري كيف يرضى بعض الدونية
التجرأ على ابناء جلدتهم بهذه الطريقة
وكيف تسمح دائرة السينما والمسرح
والرقابة ووزارة الثقافة وهيئة الاتصالات
على السماح لهؤلاء المرتزقة بالنيل من مكون
بعينه وبيئة دون غيرها ..
ولا ندري الى متى العراقية تنتج للكاوليات
ولبنات الليل ولسامكو مسلسلات وتترك
بطولات الحشد والمجاهدين
وقيم المجتمع الجنوبي والسماح
للطارئين بالنيل من ابناء العراق باعمال
درامية هابطة ..
لعن الله اولئك الذي يتاجرون بالقيم
على شاشة التلفاز ..
ولعن الله الساكت عنهم ..
والله من وراء القصد ..
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha