✍️ إياد الإمارة
▪ تكثر الكتابات الخاصة بمرحلة ما بعد كورونا في الوقت الذي لا نزال فيه تحت وطأة هذا الفيروس المميتة، لم تنجل الغبرة بعد ولم يكتشف أي عقار لهذا الكائن المايكروي الذي يفتك بالعالم في سابقة لم تشهدها البشرية من قبل..
والكتابات حول ما بعد كورونا بعض يعتمد على سنن التاريخ في التغيير وبعض الآخر يعتمد على التداعيات الحالية لتأثير الفيروس وبعض آخر يستشرف الزمن ويضع التوقعات ليس بعيداً جداً عن سنن التاريخ أو التداعيات الحالية، ويكاد يجمع أغلب هؤلاء على عهد جديد يمكن تسميته ما "بعد الكورونا".
لكنى أرى أن ما يتحدث به "الجميع" عن ما بعد كورونا لم يكن وليد ما بعد تداعيات كورونا فعلاً بل سبق ذلك بعقدين من الزمن وتحديداً من العام (٢٠٠٠) العام.
أنا أتفق مع جوزيف ناي (القوة الناعمة) الذي يرى أن العالم في القرن الواحد والعشرين سيشهد تغير موازين القوة من الغرب إلى الشرق متجاوزاً مصطلح "صعود الصين"، و يرى ناي أيضاً أن القوى ستنتقل من الحكومات كل الحكومات إلى "فواعل" غير حكومية غير رسمية، وهذا قبل أن يجتاحنا الفيروس كورونا بمدة ليست قصيرة، صعود الصين وتغير معادلات دول المحيط العربي والإسلامي وتغيرات آوربا وروسيا وتوقفات الرأسمالية وإهتزازاتها أمام معطيات جديدة، كل ذلك بدأ من العام (٢٠٠٠) وأخذ التغير يتصاعد في المشهد شيئاً فشيئاً إلى أن يبلغ ذروته في قادم الأيام.
لن اتحدث حول ما يخص "صعود الصين" وتغيرات الإتحاد الآوربي وتوقفات الرأسمالية، بل سيكون حديثي عن تغير معادلات دول المحيط العربي والإسلامية وهو ما تعبر عنه أدبيات أمريكا وحلفائها "بالشرق الأوسط" وهو ليس شرقاً اوسطا.
بدأت هذه المعادلات بالتغير مع تحرير جنوب لبنان من الإحتلال الصهيوني عام (٢٠٠٠) هذا الإحتلال الذي بدأ من العام (١٩٧٨) ومع نهاية هذا الإحتلال بدأت معادلة تغير مهمة استمرت حتى نصر تموز "الوعد الصادق" عام (٢٠٠٦) وما بعده، ولنتوقف قليلا عند هذا التاريخ المهم في حركة كامل منطقتنا ونسجل بدقة ما استطاعت المقاومة الإسلامية تحقيقه من إنتصارات خلال ٣٤ يوماً من حرب غير متكافئة بين قوة مقاومة محدودة وأقوى جيوش العالم ومَن يقف خلفها بطرق مختلفة، هذه الحرب أنهت ما أسمته أمريكا شرق أوسط جديد ولم تتمكن إدارة البيت الابيض من تنفيذ مخططها الذي وصفت بعض آلياته كوندليزا رايس قائلة:"أن القتل في الشرق الأوسط هو مخاض الشرق الأوسط الجيد".
لم تتوقف حرب تموز التي أسماها الكيان الصهيوني "حرب إسرائيل الثانية" إلا بمذبحة كبيرة للدبابة الصهيونية الميركافا، ٣٥ دبابة دمرها حزب الله بالكامل مع جنودها، انتهت المعركة ولم تنته الحرب لتسجل أول هزيمة للكيان الصهيوني الغاصب وعودة الحياة من جديد للقضية الفلسطينية التي أعلن عن موتها كيستجر في سبعينيات القرن المنصرم، نصر الوعد الصادق أعاد الأمل في أمة ضيع أملها زعماء ورقيون وارتفع علم حزب الله المنتصر في قلوب كل الأحرار عرباً ومسلمين، وتستمر الحرب التي كانت اتقدت إحدى معاركها قبل نصر تموز بثلاثة أعوام في جزء آخر من المنطقة (العراق) ومع تداعيات حرب العراق وما نتج عنها من خسائر على أكثر من صعيد من أكثر من طرف إلا أن أمريكا لم تستطع أن تحقق إنتصاراً ولم يمض مشروعها بشرق أوسط جديد ونظام عالمي جديد أيضاً، وتستمر الحرب وتدخل أعوام (٢٠١١) و (٢٠١٤) ويتراجع المشروع الأمريكي أكثر فأكثر وهنا لابد من الإشارة إلى دور القائد الشهيد قاسم سليماني "ره" وما قام به في مواجهة للمشروع الأمريكي محققاً نجاحات كبيرة جداً تُحسب له وإلى رهط من قادة عظماء كتب بأيديهم إنتصار مشروع المقاومة ومن هؤلاء القادة الشهيد عماد مغنية والشهيد ابو مهدي المهندس..
المشهد لم ينته بعد، لم ينته حتى بإغتيال القادة الشهداء فهو مستمر من قبل كورونا وسيستمر بعدها ليسجل حقيقة واحد هي إن النصر لنا للمقاومة وستخسر أمريكا وستخسر الصهيونية وسيخسر معها كل مَن تحالف معها للنيل منا بغير وجه حق، أقول ذلك وفي الوقت متسع لأن يراجع كل منا موقفه ويحسم أمره للوقوف مع الجهة المنتصرة وهي جهة الحق التي لا تريد ولا تقبل وتقف بالضد من إستعباد الشعوب وقهرها ونهب مقدراتها تحت أي ذريعة من الذرائع، جهة الحق التي تريد للإنسان العيش بحرية وعزة وكرامة يعمر الأرض ليكون خليف الله تبارك وتعالى عليها.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)