د. هاتف الركابي..
لو اطلعنا على كل الاعمال التلفزيونية والسينمائية في الدول العربية والاقليمية سواء مصر و الكويت وسوريا والسعودية ولبنان وايران وغيرها والتي تعرض الان في شهر رمضان ، لا نشاهد ولو جزء يسير من الاعمال المنحطة والهابطة والمسيئة من المسلسلات العراقية التي تعرض الان في بعض القنوات ..
أعمال تُشعرك بالخجل والخذلان لسذاجة القائمين بها ، شاهدنا أعمالاً هتكت القدسية حتى اصبح الاسفاف والابتذال هو السمة الغالبة ومن ثم الهبوط بالذوق العام من العري الجسدي والاخلاقي مروراً بالالفاظ الجارحة التي تصل حد الفجور والخيانات والانحرافات ومشاهد تعاطي المخدرات والملاهي والاساءة الى المرأة العراقية ، وكأن العراق قد اصبح بلداً مستباحاً مجرداً من القيم والاخلاق والاعراف..
وبنفس الوقت نشاهد حجم التمويل المهوول من منتجي تلك الاعمال والقنوات ، وكأن الأمر مدروساً بحبكة وخبث لأجل مسخ هوية المواطن العراقي وانهيار المنظومة المجتمعية ..
والاخطر من هذا كله نشاهد في كل شهر رمضان من كل عام الاساءة المتعمدة والتندر بمناطق الفرات الاوسط والجنوب وتأريخهم وعاداتهم وتقاليدهم وكأنهم قد جاءوا من كوكب آخر .. وتناسوا هؤلاء الممثلون تاريخ وحضارة هذه المدن وما تحويه من القامات الكبيرة التي غذت الساحة الفنية في العراق من كتاب وادباء وشعراء ونقاد وعلماء..
فلو كان هناك شرف وغيرة لدى بعض الممثلين الذين مثلوا تلك الاعمال الشبيهة بالمزبلة، لحثوا الخطى لتمثيل تاريخ شعبهم ونضاله وشهدائه الذين مضوا فداءاً للحرية والوطن ، ولو كان هناك شرف لجسدوا مسلسلاً عملاقاً عن شهداء سبايكر والحشد ، أو فيلماً عن البصري ابي تحسين أو المقدم النداوي من ديالى الذي جعل قلبه على راحتيه وراح مضرجاً بدمه ، او عن النقيب التكريتي او حارث السوداني الذين جعلوا كرامة العراقي هي المنال في وقت قلّ الناصر والمعين في وطنٍ تناهشته العربان..
ولو كان هناك شرف وعفة لمثلتم دراما عالمية عن ابن الناصرية الذي ترك أمه وزوجته واطفاله ولبى نداء الوطن ولم يجدوا في جيبه عند استشهاده سوى رسالة كتبها الى امه واولاده يسرد فيها الف حكاية وحكاية..
ولو كان هناك شرف وكرامة لقدمتم عرضاً مسرحياً عن ( رشاد ) المعلم الذي كان يذهب يومياً على قدميه عشرات الكيلومترات ليعلم اطفال الريف في ذي قار والذي ذهب مضرجاً بدمه عندما لبى نداء الوطن .. وووووو.. والمئات من الاعمال.
ماهكذا يكون الفن الحقيقي ، الفن هو من يجسد تاريخ الشعوب وعطاء المبدعين وأنّات الثكالى ودموع الامهات اللاتي فقدن الاعزاء في اوقات من الظلم والفقر والدكتاتورية ..
أصحاب الفن الصحيح والحر هم من يشعلوا شموع المحبة والقيم حتى يطفئوا قوافل الظلام ويكسروا عقبات الكدر ويبعدوا التدليس والتزوير بأفكار المجتمع ، ويكونوا اداةً للتنوير والرقي بأبناء المجتمع لا الاساءة والاستخفاف بتقاليدهم ..
فمن تكون أنت أيها ( الممثل ) وهنا اقصد ( الممثل السيء ) وتختصر حضارة سومر والوركاء وأور وشبعاد والزقورة وهامات النخيل وما تحويه من قامات كبيرة بمسلسلك النتن..
رسالتي الى الممثلين الكبار والمخرجين الشرفاء والمنتجين الرائعين بأن يوقفوا وقفة مشرفة ويخرجوا ببيان يدين هذه الاعمال وان تكون لهم وقفة في قابل الايام للحد من هذه الاعمال الهابطة فلا يمكن السكوت عن ذلك لأن اي ممثل عراقي هو شخصية عامة لايمثل نفسه بل يمثل الوطن الكبير،
ورسالتي الاخرى الى السيد وزير الثقافة الدكتور الحمداني ونحن نعرف بمدى حبه للوطن واخلاصه في العمل ان يتخذ موقفا ويضع مشروع قانون بذلك او لائحة سلوك ونحن على اتم الاستعداد بتقديم المشورة القانونية ..
ورسالتي الاخيرة الى نقيب الفنانين ومنظمات المجتمع المدني لاسيما المدافعة عن المرأة ، نطالبكم بموقف حازم اكثر من التنديد والاستنكار ..
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)