محمود الهاشمي
ان استدعاء (عادل عبد المهدي) لمهمة (منصب رئيس الوزراء) تمثل (سقوط حمل) العملية السياسية ، وكيف هوى الى الارض ، دون ان يقوى احد على حمله ، ثم ان الرجل قدم الى (السلطة) و (استقالته) في جيبة كمن قبل في (منّة).
في فترة عام من حكومة عبد المهدي ارتكبت من الجرائم من قبل الامريكان بحق قواتنا الامنية ما يفوق كل المراحل السابقة ، من قصف مقرات الحشد الشعبي الى المقار العسكرية الاخرى والمدنية ، الى جريمة المطار والاستيلاء على سماء البلاد ، الى التظاهرات واعمال العنف والقتل والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة وكيف توسعت صلاحيات رئيس الجمهورية برهم صالح على حساب رئيس الوزراء ،وكيف نهب الاقليم النفط ،وانتهى الامر ب(تقديم الاستقالة)
وتوالى (المكلفون) وتساقطهم الواحد تلو الاخر ، حتى توقفت عجلة الخيارات عند (مصطفى الكاظمي) وهو (الخيار المر) كما وصفه احد قادة (الكتل الشيعية).
قد يبدو (المشهد السياسي) وكأن (الاحزاب الشيعية) هي (المتهمة) بـ (الفساد) و (بضياع الملك) ووالخ!! وهذا امر مجاف للحقيقة .. تماما بل جميع الكتل التي توالت على ادارة البلد من عام 2003 وحتى الان ، قد شاركت في ضياع البلد ، ولما وصلنا اليه.
ونسأل ان ممثلي المناطق الغربية كانوا (نزهاء)؟
الجواب ان جميع ممثلي هذه المناطق شاركوا في ذبح وخراب مناطقهم ، وقد تجلى (جهلهم) في (منصات الفتنة) التي مهدت لدخول داعش الى مناطقهم وكيف عضوا اصابع الندم على فعلتهم بعد ان اصبح اهلهم ما بين مقتول ونازح ومسبي ومهاجر ، وكيف تحولت مدنهم الى خرائب جراء المعارك والتفجيرات .. ثم انتهوا الى مشاكل وانقسامات لا حدود لها ، وارتماء بأحضان هذه الدولة او تلك!
الاحزاب الكوردية ، حيث ما زال الحزبان الرئيسيان هما الغالبان على السلطة ، وما زالت المعارك والخصومات قائمة بينهما على قدم وساق حتى اللحظة ، حيث قبل ايام او شكا ان يدخلا في حرب بين قوات البيشمركة نفسها ، وما زالت اربيل متحاملة على السليمانية وبالعكس ، فيما الفساد يضرب في مفاصل الدولة حتى اثرت اسرة ال برزان أكثر من (قارون) ، والارقام يحفظها الاكراد قبل العرب ، ناهيك عن نزعات (الاستقلال) التي ما انفكت مصدر قلق للبلد وللإقليم والشعب هنالك ، فيما جهاز الامن (الاسايش) يلاحق الناس على صغائر الامور ، وقد تحولت اربيل الى مستوطنة للفارين من العدالة والقائمين على مناصبة الدولة العداء،ومثلها السليمانية الراعية للمنظمات الاميركية .
اذن الجميع مشارك في (الفشل) وعدم العمل في (بناء دولة) وهم يعلمون جميعاً ، ان ليس منهم من يستطيع ان يحلق منفرداً فلو ذهب سياسيو المناطق الغربية الى خيار (الاقليم) سيصطرعون على (المغانم) مثلما هم عليه الان وسوف تبتلعهم هم و ثرواتهم الاردن والسعودية والكلام كثير ، وليس من متنفس مائي سوى الطريق الى (الفاو)!
اما الاكراد ، فانهم قرؤوا خيار (الاستقلال) قديما وحديثاُ ، وان نموذج (الاستفتاء) كان لهم درسا ، حيث تنكر لمشروعهم الجميع بما في ذلك امريكا واطبق عليهم الفك الايراني والتركي ، ولاك جميع احلامهم!
ثم انهم يعلمون ان الدول (الحبيسة ) تبقى ضعيفة ورهن سطوة دول الجوار ، وان الطريق الى بغداد ، هو الاكثر امانا ، كما يعلمون ان مشروع القتال والصراع بين السليمانية واربيل لم يتوقف قط و ممكن ان يشعله اي خلاف.
لا نريد ان نقول ان التدخل الخارجي ليس له من تاثير على العملية السياسية في بلدنا ، فمثل هذا (التدخل) حاضر في جميع بلدان العالم ، ويكفي شاهداً ان ترامب (الرئيس الامريكي) متهم بان روسيا وراء جلبه للسلطة!!
ولكن هذه (الحقيقة) التدخل الخارجي او (صراع النفوذ) تحتاج الى ادارة (ماهرة) والاستفادة منها مثلما استفادت (فيتنام) من دعم الصين والاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية ، ومثلما استفادت الصين نفسها من صراع الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة وهكذا.
ولا بأس ان نشهد صراعاً امريكيا ايرانياً على ارضنا ، فلو كانت هناك قيادة سياسية (حكيمة) لحولت هذا الصراع لصالح العراق وليس العكس ، وكما يقول مهندس السياسة الامريكية كيسنجر ؛-لقد استطاعت الصين بمهارة قيادتها ان تركب جوادين في آن واحد وتحصل على حق الفيتو!
الطبقة السياسية بالعراق ، ليس لديها اي مشروع سياسي او اقتصادي ، وعقلها (قاصر) في تجاوز التحديات التي يمر بها البلد ، اسوة بجميع طبقات السياسة في بلداننا العربية ، وليس امامها سوى طريقين الاول ان تترك عرش السلطة عبر الانتخابات المبكرة ، او اي سبيل اخر ، والثاني ان تتنازل عن بيروقراطيتها وتذهب الى اصحاب (الحل والعقد) والرضوخ لتوصياتهم والاخذ بها ، وانتاج اجيال جديدة من السياسيين ، وتحريك عجلة الاقتصاد لصناعة طبقة من (اصحاب رؤوس الاموال).
في ذات الوقت ، انشاء (دولة موازية) من المؤمنين بالمشروع الوطني و (المقاومة) بعد فسح المجال امامهم للمشاركة في بناء واعمار البلد ، والاستفادة من روح الجهاد والتضحية لديهم وصدقهم وتفانيهم .
وان اي حالة تداول لذات الشخصيات في ادارة الدولة يعني المزيد من (الهزائم) و (الفوضى) و (التدخلات الخارجية) ، وتسليم (الساتر الاخير )الى اعداء الوطن .
لاشك هناك جملة من الامور التي تساعد طبقة السياسيين على النجاح ومنها؛-
1-ان الولايات المتحدة الان تعيش ظرفا اقتصاديا وصحيا صعبا ،ولها رغبة بمغادرة منطقة الشرق الاوسط .
2-ان ايران لاتريد التدخل بالشأن العراقي وتركت لقيادات البلد امر ادارة بلدهم .
3-ان جميع الاحزاب السياسية الان في حرج امام جمهورها وتحميلهم مسؤولية الفشل والفساد وغيرها .
4-العراق بلد غني وثرواته كبيرة .
5-العراق يمتلك ثروات بشرية وطاقات وكوادر متقدمة سواء بالداخل او الخارج قادرة على القيام بنهضة على كافة المجالات .
6-البلد يمتلك بنى تحتية لمعامل ومصانع وطرق مواصلات دولية.
https://telegram.me/buratha