المقالات

الوباء الاكثر خطرا من فيروس كورونا


علي المالكي

 

يعتقد الكثير من المواطنين ان فيروس كورنا لا يعدو كونه لعبة سياسية او اجتماعية تتخذ منها الحكومة وسيلة لتحقيق اهداف وغايات مبيتة ، فيما يعتقد البعض الاخر انها صنيعة لدول عظمى تسعى من خلالها الى عزل بعض المجتمعات وابعادها عن ممارسة طقوس او تقاليد معينة .

هذا الاعتقاد يؤمن به افراد وحتى جماعات من مجتمعات مختلفة ومتنوعة وربما في مجتمعنا العراقي بدأت تظهر هذه الاعتقادات بشكل واضح ويُتداول هذا الموضوع علنا بين الناس ، حتى انعكس الامر على الاجراءات الوقائية والامتثال لتوجيهات الجهات المعنية .

وبكل الاحوال تعتبر هذه الاعتقادات اكثر خطرا من الوباء نفسه وربما تساهم بشكل او باخر بإحداث كوارث صحية قد تتسبب بإخراج الوضع العام عن نطاق السيطرة وتدخل البلد في دائرة البلدان الموبوءة ، ولكل منصف عليه ان يتصور مدى الضرر الكبير الذي سيلحق بالعراق وشعبه في حال وصل البلد الى هذه المرحلة لا سامح الله .

اسباب عديدة تقف وراء ترسيخ هذه الاعتقادات الخاطئة في نفوس المواطنين وللأسف تلقى رواجا كبيرا حتى في اوساط المتعلمين والطبقات التي تصنف بانها مثقفة ، وعلى الرغم من تعدد الاسباب المنتجة لهذه الاعتقادات الا انها تنحصر في ثلاثة امور اساسية .

الامر الاول (الاشاعة) : فالإشاعة تأخذ مديات واسعة داخل المجتمع العراقي وتشغل حيزا كبيرا من اهتمامات المواطنين ، ولعدم وجود اشاعات مضادة او حواجز صد لهذه الاشاعات فإنها تتغلغل الى داخل المجتمع بانسيابية كبيرة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، وساهمت بشكل او باخر بالتأثير على سلوكيات الفرد وطريقة تفكيره وتجسد هذا الموضوع جليا من خلال :

أ- المبالغة بأعداد المصابين : تم تهويل الموضوع في بعض الاوقات من خلال اخبار انشائية غير صحيحة لا تنم الا عن رغبة اصحابها في بث الرعب بين المواطنين واعطاء ارقام وهمية لا تستند على اي دليل رسمي .

ب – مقاطع الفيديو المفبركة : والتي صورت الحالة المرضية للمصابين بفايروس كورونا من خلال مشاهد معدة مسبقا رسخت الاعتقاد في ذهن المتلقي بان المصاب بهذا الفيروس يتعرض لأغماء او حالات وفاة مفاجئة واظهرت هذه المقاطع عشرات الجثث الملقاة على الارض في مدينة ووهان الصينية ومدينة قم الايرانية وحالات الاغماء التي تعرض لها مواطنون في مدن عراقية مختلفة كبغداد وكربلاء .

ج – رصد اموال طائلة للمصابين بفيروس كورونا :انتشرت بين اوساط المواطنين الكثير من الاخبار المغلوطة والتي تتحدث عن رصد مبالغ مالية كبيرة للمرضى المصابين بفيروس كورونا ماعزز لدى المتلقي فكرة المبالغة بتسجيل اعداد المصابين للاستفادة ماديا .

الامر الثاني (التراكمات السياسية والاجتماعية) :من الاخطاء الكبيرة ربط المواقف السياسية والوعود والتصريحات غير الدقيقة بالقضايا الصحية وادخال الجانب السياسي على الجوانب التخصيصية الاخرى ، فالمواطن الذي يعتقد جازما ان الجزء الاكبر من تصريحات الجهات الحكومية غير صحيحة بات يعتقد ايضا ان عدم الواقعية والمبالغة نفسها تندرج في التصريحات التي تخص فيروس كورونا وعدد الاصابات وطبيعة الاجراءات .

الامر الثالث (الجهل المكتسب) : بعيدا عن الواقعية وتحليل الامور بدقة اكبر او الاحاطة بها من كل الزوايا .... للأسف جزء كبير من المواطنين راح يتعامل مع ازمة كورونا وفق ما يمليه عليه (العقل الجمعي) الذي بات مؤثرا في هذه الازمة وباتت كلمة (ما شفت مصاب بعيني) تتردد كثيرا بين هذه الفئة من المواطنين .

كل هذه الاسباب وغيرها الكثير ولدت فكرة عدم القناعة لدى المواطن بخطورة فيروس كرورنا وجعلته يتعامل مع الوباء باهتمام اقل ، وعلى الرغم من القلة القليلة التي تعتقد بهذه الآراء لكنها اكثر خطرا من الفيروس نفسه ، فهم يساهمون بشكل او باخر بنقله الى مئات المواطنين ويتسبب هؤلاء المئات بنقلة الى الالاف وهكذا ، وربما ما حدث في مناطق البصرة من اقامة التجمعات ونصب مراسم العزاء جعل المحافظة تتصدر المدن العراقية الاخرى بعدد الاصابات المؤكدة .

وبعد تخطي عدد المصابين بفيروس كورونا حاجز الـثلاثة ملايين مصاب في العالم اضافة الى تأكيدات المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف وفتواها بحرمة التسبب بنقل العدوى للآخرين بات لزاما على المؤسسات الدينية بالدرجة الاول والمؤسسات الاعلامية بالدرجة الثانية العمل على توعية المواطنين من خلال تكثيف المحاضرات الموجهة وانتاج محتوى اعلامي يناغم رغبات المواطن بعيدا عن التسويف او استخدام الاساليب الروتينية المملة في توعية المواطنين وتحذيرهم من التسبب بنقل العدوى كما حذرت المرجعية الدينية والتي وصفت المتعمد بنقلها كمن يرتكب جريمة القتل العمد وعليه تحق جميع الاحكام الشرعية والقانونية .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك