المقالات

لوكنا حذونا حذو اديناور ماكنا ضيعنا ثلاثة بثلاثة  


جعفر الحسيني

 

في عام ٢٠٠٢ دعوتُ في كتابي ( على حافة الهاوية ) الى ان نستفيد من تجربة اديناور ( مستشار المانيا ١٩٤٩ – ١٩٦٣ ) في بناء عراق مابعد صدام ٠

فاديناور لم ينشغل بالشعارات السياسية ومناكفات السياسة وصراعاتها ، انما مضى قُدما لبناء ( المعجزة الاقتصادية الالمانية ) من حطام دولة مدمرة ، محتلة ، مقسمة ومنقسمة ٠ فهو لم يضع – مثلا – استعادة ( المانيا الشرقية ) بين اولوياته الرئيسية ، ورفض مشروع ستالين – عام ١٩٥٢ – لتوحيد الالمانيتين في دولة واحدة ٠رغم ان ذلك كان هدفا يحلم به اديناور ومعه كل الشعب الالماني ٠

لجأ اديناور من اجل تحقيق معجزته الاقتصادية ، الى خيارات صعبة ، بل الى تنازلات مرة ، كلفته الكثير من سمعته ، حتى ان منافسه ( شوماخر ) سماه ( مستشار الحلفاء ) ، وهي شتيمة كانت عند الالمان يومها ، توازي العمالة لاسرائيل عند العرب ٠مع الاشارة ان اقالته من قبل الاحتلال البريطاني – في كانون اول ١٩٤٥ – من منصب عمدة مدينة كولونيا ، ظلت تعطيه قدرا من المصداقية عند الكثيرين ٠

لقد قادت معجزته الاقتصادية  المانيا في النهاية الى الاستقلال واستعادة مكانتها والرفاهية والوحدة ٠ فسكان المانيا الشرقية – وكما كان اديناور يعمل من اجله ويرى تحقيقه في المستقبل – صار حلمهم الانضمام لالمانيا الاتحادية ، الامر الذي تحقق بعد حوالي عشرين سنة من وفاته ٠

الامر الثاني الذي ميز سياسة اديناور ، انه جعل المستقبل هدفه ، فلم يلتفت كثيرا للماضي ٠ فرغم كراهيته للنازية ، كان رافضا وعلنا ، سياسة الدول المحتلة لالمانيا ، لاجتثاث المتهمين بالنازية ، باعتبارها ستعطي نتائج عكسية ، وستعزل ملايين الالمان ( من بقايا النظام النازي ) عن المساهمة في بناء المانيا الجديدة ٠ كان هو مع اجتثاث ( المجرمين ) من النظام النازي فقط ٠ وبذلك لملم جراح المانيا وداوى انقساماتها ، وقادها الى الامام ، لتصبح في سنته الاخيرة في الحكم ، الاقتصاد الثالث في العالم (لم تكن المعجزة الصينية قد تحققت بعد )٠

اما نحن في العراق ، فبعد عام ٢٠٠٣ ، ضيعنا ثلاثة بثلاثة :

اولا : ضيعنا الوطن بالطائفة ٠

ثانيا : ضيعنا الاقتصاد بالسياسة ( مناكفاتها ومنافساتها وصراعاتها ) ٠

ثالثا : ضيعنا المستقبل بالماضي ٠

فانجازاتنا المهمة تتعلق كلها بالماضي :الفصل السياسي ، المساءلة والعدالة ٠٠٠الخ

طبعا انا لست ضد حقوق الشهداء والسجناء ( وانا احدهم ) ٠

ولكنني اعتقد ان افضل تكريم لهم هو اقامة دولة حديثة ، قوية ، متقدمة ، بدون فساد وفوضى ومحاصصة ، وتقوم على الانسان المناسب في المكان المناسب٠

يقول محمد حسنين هيكل : ان استقرار الدول يقوم على ثلاثة : الشرعية ، القانون ، المساواة ٠

آن الاوان ان نكف عن الاستغراق في الماضي ، وان نرنو الى الامام ٠٠٠ الى المستقبل ٠

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك